دروس من رحلة الإسراء والمعراج

كتابة:
دروس من رحلة الإسراء والمعراج

الإسراء والمعارج

تعدّ رحلة الإسراء والمعارج من أهمّ الأحداث في العقيدة الإسلامية وفي التاريخ الإسلاميّ، ووقعت أحداثها قبيل الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة لتخفيف وطأة الحزن والمعاناة التي كابدها النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد وفاة عمه أبي طالبٍ وزوجته خديجة ورتنكيل أهل الطائف به حين خرج إليهم داعيًا للإسلام، تنقسم الرحلة إلى قسميْن أولهما الإسراء من مكة إلى القدس حيث المسجد الأقصى وثانيهما المعراج، أيْ الصعود من المسجد الأقصى إلى السماوات السبع في ليلةٍ واحدةٍ لم تُحدد على وجه الدقة، وهذا المقال يسلط الضوء على دروس من رحلة الإسراء والمعراج.

رحلة الإسراء والمعراج في القرآن الكريم

تعدّ رحلة الإسراء والمعراج على درجةٍ عاليةٍ من الأهمية في التاريخ الإسلامي سواءً بموقف كفار قريشٍ من الرحلة وإصرارهم على الكفر في إيماءةٍ إلى بقاء الكافرين على كفرهم مهما ظهرت لهم آيات ودلائل القدرة الإلهية، ومن الجانب الآخر موقف المؤمنين حقًّا الذين آمنوا بكل ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلّم- عن تلك الرحلة العظيمة؛ لذلك سُميت واحدةً من سور القرآن الكريم المكية باسم الرحلة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وهي سورة الإسراء، وفيها أُثبتت الرحلة بما لا يدع مجالًا للشك قال تعالى:"سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ"[١]، أما رحلة المعراج فلم تثبت في القرآن الكريم باللفظ الصريح وإنما في أشار الله تعالى إليها في قوله:"وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى* عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى* عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى* إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى* ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى* لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى"[٢].

ولقد أجمعَ جمهور علماء المسلمين على أنّ رحلة الإسراء والمعراج التي قامَ بها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كانت بروحه وجسده معًا في رحلةٍ حقيقيّةٍ في ليلةٍ واحدةٍ في اليقظة، وفي هذا ذلك ردٌّ على الشبهات التي تزعم أن هذه الرحلة كانت  خرافةً أو في المنام، ولقد استدّل العلماء على صحّتها من أوجهٍ كثيرةٍ منها: لفظ أسرى في سورة الإسراء بمعنى سارَ ليلًا واللفظ على العموم يُفهم منه أنّه الروح والجسد معًا، كما أنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- حُمل في الرحلة على البُراق -اسم الدابة- فلو كانت الرحلة للروح فلا داعي لوجود الدابة إذ إن الغرض منها حمل الجسد. [٣][٤]

دروس من رحلة الإسراء والمعراج

أمر الله -سبحانه وتعالى- بهذه الرحلة العظيمة بحمله -عليه الصلاة والسلام- في ليلةٍ واحدةٍ إلى المسجد الأقصى والصلاة بالأنبياء هناك ثمّ الانتقال إلى السماوات السبع ومبايعة الأنبياء له بالإمامة كي يخفّف ويُسري عن قلبه -عليه الصلاة والسلام- بعد ما لقيه من تعنُّت قريشٍ وكفرها والذي تزايد بعد وفاة نصيريْه أبو طالبٍ وأم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها-، كما تمخضت عن هذه الرحلة عن عديد الدروس المستفادة ومنها: [٥]

  • افتتاح سورة الإسراء المُخبرة عن هذه الرحلة بلفظ "سبحان" في إيماءةٍ إلى وجوب تعظيم الله وتنزيهه بما هو أهل له في بداية كل أمرٍ وعلى كل حالٍ.
  • إثبات عبوديّة النبي -صلى الله عليه وسلم- لله تعالى وهو شرفٌ له ولسائر الناس.
  • إثبات القدرة المُطلقة لله تعالى على حَمل النبي -عليه الصلاة والسلام- في رحلة الإسراء ثم رحلة المعراج إلى السماء، ووجوب الإيمان بها كما أخبر بها النبي -صلى الله عليه وسلم- فمن خلق الكون وما فيه فهذه الرحلة عليه أيسر وأهون.
  • طَمْأنة قلب النبيّ -عليه الصلاة والسلام- إلى أنّ مصاعب الدنيا تهون أمام نعيم الجنة ورؤية رب العباد وبالتالي طمأنة المؤمنين بالله إلى حسن منقلبهم لمن رضي الله عنه.
  • إثبات مكانة ومنزلة المسجد الأقصى في الإسلام وأنه بوابة الأرض إلى السماء وثالث الحرميْن الشريفيْن.
  • التأكيد على إمامة النبي -عليه الصلاة والسلام- للأنبياء والمرسلين كافّة، إذ أمَّ بهم الصلاةَ في المسجد الأقصى، كما أكّدت هذه الرحلة على أنّ توحيد الله وإفراده بالعبوديّة أساس كل الرسالات، وأنّ الدينَ الذي يقبله الله من العبد هو دين الإسلام الباقي لقيام الساعة.
  • فرض الصلوات الخمس في السماء في تأكيدٍ على عظيم مكانتِها في الإسلام.
  • الإقرار بشجاعة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لإخبار قريش بهذه الرحلة في صبيحة اليوم التالي لها على الرغم من معرفته لموقفهم منها وسخريتهم لما يتعارض مع قدرة عقولهم على إدراكه بالمنطق الملموس.

المراجع

  1. {الإسراء: الآية 1}
  2. {النجم: الآية 13- 18}
  3. الإسراء والمعراج،,  "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 22-02-2019، بتصرف
  4. الرد على من زعم أن الإسراء والمعراج خرافة،,  "www.islamqa.info"، اطُّلع عليه بتاريخ 22-02-2019، بتصرف
  5. الإسراء والمعارج..دروس وعبر،,  "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 22-02-2019، بتصرف
4077 مشاهدة
للأعلى للسفل
×