الكرب
الكرب هو الحزن والغم اللذان يصيبان النَّفس، وهو مكروهٌ يرد على القلب حتى وإن كان سبب الحزن من الماضي، أو كان من أمرٍ في المستقبل سبب ذلك الهم،[١] وقد وردت لفظة الكرب في كتاب الله حيث قال تعالى: {قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ}،[٢] وحصول الشدَّة والحزن للإنسان هو أمرٌ طبيعي نظرًا لتقلّب الدنيا والمطلوب منه هو الصبر ثمَّ السعي إلى إزاحة تلك الهموم والأحزان وذلك من خلال الدعاء والتفكّر بنعم الله وكذلك من خلال التحمل والصبر،[٣] لذلك سيتم تخصيص هذا المقال للحديث عن فضل الصبر على الكرب وذكر دعاء الكرب.
فضل الصبر على الكرب
يُعدُّ الصبر خُلقٌ فاضل وهو حبس النَّفس عن كل ما يسبب سخط الله سواء أكان قولًا أم فعلًا، وهو واجبٌ بالإجماع،[٤] حيث قال تعالى: {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ}،[٥] وللصبر على الكرب والأقدار المؤلمة فضائلٌ عظيمة،[٤] حيث قال تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}،[٦] وفيما يأتي بعض فضائل الصبر:[٤]
- الأجر العظيم والثواب الذي أعدَّه الله للصابرين يوم القيامة، ودليل ذلك قول الله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}.[٧]
- كسب محبة الله -عزَّ وجلَّ- حيث قال تعالى: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}.[٨]
- الفوز بالجنة ودليل ذلك قول رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- للمرأة التي كانت تُصرع: "إنْ شِئْتِ صَبَرْتِ ولَكِ الجَنَّةُ".[٩]
دعاء الكرب
يسنُّ للمرء المسلم إذا فزعه أمرٌ مكروه أن يُقبل على الصلاة، ودليل ذلك قول الله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ}،[١٠] وكذلك عليه أن يقبل على الدعاء،[١١] فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول عند الكرب: "لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ ورَبُّ الأرْضِ، ورَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ"،[١٢] وهذا هو دعاء الكرب،[١١] وفيما يأتي بعض الأدعية التي تُقال عند الهموم والكرب:
- ما ورد عن أسماء بنت عميس أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ألا أعلِّمُكِ كلِماتٍ تَقولينَهُنَّ عندَ الكَربِ أو في الكَربِ ؟ اللَّهُ اللَّهُ ربِّي لا أشرِكُ بِهِ شيئًا".[١٣]
- ما ورد عن أبي بكرة نفيع بن الحارث: "دعواتُ المكروبِ: اللَّهمَّ رحمتَك أَرجو فلا تَكِلني إلى نَفسِي طرفةَ عينٍ، وأصلِح لي شَأني كلَّه لا إلَه إلَّا أنتَ وبعضُهم".[١٤]
- ما رُويَ عن عبدالله ابن مسعود: "ما أصاب أحدًا قطُّ همٌّ ولا حَزَنٌ فقال اللهمَّ إني عبدُك ابنُ عبدِك ابنُ أمَتِك ناصيَتي بيدِك ماضٍ فيَّ حُكمُك عَدْلٌ فيَّ قضاؤُك أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك سميتَ به نفسَك أوْ علَّمْتَه أحدًا مِنْ خلقِك أو أنزلته في كتابِك أو استأثرتَ به في علمِ الغيبِ عندَك أنْ تجعلَ القرآنَ ربيعَ قلبي ونورَ صدري وجلاءَ حُزني وذهابَ هَمِّي إلا أذهب اللهُ همَّه وحُزْنَه وأبدله مكانه فَرَجًا قال : فقيل: يا رسولَ اللهِ ألا نتعلمُها فقال: بلى ينبغي لِمَنْ سمِعها أنْ يتعلمَها".[١٥]
المراجع
- ↑ "شرح دعاء الكرب"، www.ahlalhdeeth.com، اطّلع عليه بتاريخ 31-12-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنعام، آية: 64.
- ↑ "علاج الهم والحزن في ضوء الكتاب والسنة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-12-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "فضل الصبر"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-12-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة المدثر، آية: 7.
- ↑ سورة البقرة، آية: 157.
- ↑ سورة الزمر، آية: 10.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 146.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 5652، حديث صحيح.
- ↑ سورة البقرة، آية: 45.
- ^ أ ب "دعاء الكرب"، binbaz.org.sa. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 6346، حديث صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن أسماء بنت عميس، الصفحة أو الرقم: 1525، حديث صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن أبي بكرة نفيع بن الحارث، الصفحة أو الرقم: 5090، حديث حسن.
- ↑ رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 5/267، حديث إسناده صحيح.
