قصة يونس -عليه السلام-
يونس -عليه السلام- هو أحد أنبياء الله -عزّ وجلّ- الذين اصطفاهم من خلقه وأرسلهم إلى عباده لهدايتهم إلى الدين الصحيح، قال العلماء لم يُنسب من الأنبياء -عليهم السلام- إلى أمه إلا عيسى ابن مريم ويونس ابن متى -عليهما السلام-، عبد قوم يونس الأصنام، وتعلّقوا بالأموات والخُرافات، فقام فيهم سيدنا يونس - -عليه السلام- - مبلّغًا رسالة ربه، وبقي فيهم مدة من الزمن يبشرهم بالجنة ويحذرهم من النار، فما كان موقف قومه إلا الإعراض والجفاء، ولشدة يقينه بدعوته، غضب على قومه وغاضبهم، فخرج من ديارهم، فذهب نبي الله يونس --عليه السلام-- وترك قومه قبل أن ينزل الأمر الإلهي بذلك فحصلت معه قصة مرتبطة بدعاء النبي يونس --عليه السلام-- عنوان هذا المقال.[١]
دعاء النبي يونس -عليه السلام-
من ألقاب النبي يونس -عليه السلام- صاحب الحوت وذلك لأنه بعدما ترك مهمة التبليغ وغادر قريته قاده الغضب إلى البحر فركب السفينة، وهاجر بها البحر وكانت هذه علامة لدى القوم أن أحدهم مرتكب لخطيئة فأجروا قرعة ووقعت على النبي يونس لكنهم أعادوها لما يعرفونه من صلاحه، فوقعت عليه مرة أخرى فأُلقي في البحر وأوحى الله -عزّ وجلّ- إلى الحوت بالتقام النبي يونس وأن لا يخدش له لحمًا أو يكسر له عظمًا، فعند اشتداد الكرب وفي ظلمة البحر وظلمة الليل وظلمة بطن الحوت جاء دعاء النبي يونس --عليه السلام-- مستغفرًا منيبًا إلى ربه معترفًا بخطيئته، قال تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ}،[٢] فاستجاب الله دعاء يونس -عليه السلام-، وأوحى سبحانه إلى الحوت أن يلقي به العراء، فألقاه على الشاطئ سقيمًا هزيلًا ضعيفًا عليلًا، فتلقته رحمة الله بالعناية والرعاية، فأنبتت عليه شجرة من يقطين، فأخذ يونس يتغذى من ثمارها، ويستظل بظلها، فعادت إليه عافيته، فحمد الله على ما أنعم عليه، ثم أوحى الله إليه أن يعود إلى قومه بعد أن أخبره بإيمانهم، وأنهم ينتظرون عودته؛ ليعيش بينهم داعيًا إلى الله، ولما عاد يونس إلى قومه، وجدهم قد نبذوا عبادة الأصنام، وأنابوا إلى الله عابدين، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن دعاء النبي يونس -عليه السلام-: "دعوةُ ذي النونِ إذْ هو في بطنِ الحوتِ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنَّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فإنَّهُ لَنْ يدعوَ بها مسلمٌ ربَّهُ في شيءٍ قطُّ إلَّا استجابَ لَهُ".[٣][٤]
فضل دعاء النبي يونس -عليه السلام-
سيدنا يونس -عليه السلام- صبر على أذى قومه وتحمل أشد ألوان العذاب في سبيل إيصال دعوته لهداية قومه، وهذا حال الأنبياء جميعًا فهم حريصون على هداية الخلق ونفعهم، ومن صفات الأنبياء أن لديهم فصاحة وحجة قوية لما لهذا من أثر في نفوس الناس المدعوين، ومن جوانب الفصاحة دعاء النبي يونس -عليه السلام- الذي تضمن على جوامع الأدب والكلم الطيب واشتمل على الكثير من الفضائل ومن هذه الفضائل ما يأتي:[٥]
- قد يكون الدعاء طلبًا صريحًا ويمكن أن يكون تعريضًا متضمنًا للطلب.
- إن هذه الصيغة جمعت آداب الدعاء، وأسباب الإجابة، فيحسُن بالعبد أن يُكثر منها حال دعائه، وكربه.
- هذه الدعوة فيها من كمال التوحيد، والإيمان بالله تعالى، الذي ينبغي لكل داعٍ أن يضّمن هذه المضامين في أدعيته.
- فيه دلالة على أن التسبيح سبب للنجاة من الكرب والهم.
- إن التوحيد والإيمان والإقرار بالذنوب من أكبر أسباب النجاة من مهالك الدنيا والآخرة.
- إن الذنوب من أعظم الأسباب الموجبة لزوال النعم وحصول النقم.
- ينبغي أن يدعو العبد بحسن ظنٍّ عظيم في حق ربه تعالى حال دعائه؛ فإن الله تعالى يعامله على حسب ظنّه به.
- إن كل الخلق مهما كانت رتبهم ومنزلتهم مفتقرون إلى الله تعالى فعليهم أن يفرّوا إليه وحده بالدعاء والرجاء والرغبة والرهبة.
المراجع
- ↑ "يونس -عليه السلام-"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-07-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنبياء، آية: 87-88.
- ↑ رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن سعد بن أبي وقاص، الصفحة أو الرقم: 7/71، رجاله رجال الصحيح غير إبراهيم بن محمد بن سعد بن أبي وقاص وهو ثقة.
- ↑ "قصة يونس في القرآن الكريم"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-07-2019. بتصرّف.
- ↑ "شرح دعاء "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ""، www.kalemtayeb.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-07-2019. بتصرّف.