دعاء سيدنا نوح عليه السلام
ما الأدعية التي وردت على لسان نوح عليه السلام؟
ورد عن نبي الله نوح -عليه السلام- أدعية، في مسيرة دعوته لدين الله تعالى، ومنها:
- قال تعالى: {رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا}[١]
هنا ختم نوح عليه السلام دعوته بهذا الدعاء، فقاله حين يئس من قومه، وأدّى مهمة الدعوة على أكمل وجه، فلم يلقَ من قومه إلا العناد، وقد نال الهداية من الله تعالى نفرٌ قليل، فدعا له ولوالديه وللقلة معه، وختم بالدعاء على قومه الذين صدّوا واستكبروا.[٢]
- دعاء سيدنا نوح لابنه: قال تعالى: {ونادي نوح ربّه فقال ربّ إنّ ابني من أهلي وإنّ وعدك الحقّ وأنت أحكم الحاكمين}[٣]
قال نوح -عليه السلام- بهذا الدعاء حين أصرّ ابنه على العناد ورفضه لركوب السفينة -سفينة نوح- فدعا الله بأنه -سبحانه وتعالى- وعده بنجاة أهله من الطوفان، الله هو أعدل العادلين.[٤]
- قال تعالى: {رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ}.[٥]
كان قد دعا نوح عليه السلام الله تعالى بأن تعمَّ رحمته ابنه الذي غرق، فبيّن له الله -تعالى- أنَّ الحكم يكون بسبب العقيدة وليس بالدم والقرابة، فهنا دعا الله تعالى بكامل الإذعان والطاعة بأن لا يعود فيطلب منه -سبحانه تعالى- ما ليس لنوح -عليه السلام- حقَّ بطلبه من الله تعالى، فالله -تعالى- هو الأعلم بخفايا الأمور وظاهرها.[٦]
- قال تعالى: {رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ}.[٧]
قال نوح -عليه السلام- هذا الدعاء حين استوى هو ومن آمن معه على السفينة، ونجّاهم الله تعالى من عدوّهم، فدعاه بأنْ ينزله مكانًا يبارك الله -تعالى- له فيه بالمال والولد الدين وأهل، وعموم خير الله -تعالى- فهو خير المنعمين والمكرمين.[٨]
- قال تعالى: :{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا}.[٩][١٠]
هنا دعاء سيدنا نوح بالاستغفار للرزق، حيث حثّ قومه على الاستغفار، فهو شكل من أشكال الدعاء وسبب في الرزق.
- قال تعالى: {فدعا ربّه أنّي مغلوب فانتصر}.[١١]
دعاء نوح -عليه السلام- هنا دعاء المظلوم الذي لم يأتل جهدًا في سبيل الدعوة لدين الله -تعالى- إلا أنّه تعرّض للسخرية الاستهزاء والتسفيه، فدعا الله -تعالى بأن ينتقم من أعدائه الّذين عادوا دينه ونبيه.[١٢]
- دعاء سيدنا نوح على قومه الكافرين: قال تعالى: {وقال نوح ربّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديّاراً * إنّك إن تذرهم يضلّوا عبادك ولا يلدوا إلاّ فاجراً كفّاراً}.[١٣]
دعا نوح -عليه السلام- بهذا الدعاء حين أتاه وحي من الله -تعالى- بأنه لن يؤمن منقوم بعد ذلك إلا القليلة القليلة التي اتبعته، فدعا حينها على قومه بالهلاك بعذاب الله، فإنه ببقاءهم لا يزيد الأمر إلا سوءًا بزيادة ضلال العباد وكثرتهم.[١٤]
كيف كانت حال سيدنا نوح عندما دعا ربّه؟
اختلفت حالة النبي نوح -عليه السلام- في دعائه تبعًا للموقف الذي دعا فيه، ففي دعائه على قومه بالهلاك بعددما تيقّن بأنهم لن يتبعوه، ولن يحولوا بينه وبين الحرية في الدعوة لدين الله تعالى،[١٤] كان في حالة من الحزن الشديد على كفرهم واليأس من إيمانهم.[١٢]
وفي دعائه لابنه بالرحمة كان في حالة من الحزن والشفقة على ابنه الذي ناله عذاب الله،[٤] وفي دعائه بعدما ركب السفينة ودعا الله بالمكان ذو الخير الوفير والبركة في الأهل والمال والدين، فكان في حالة المتأمل بالقادم المشرف على غد أفضل بعدما مضى عمرًا يدعو لدين الله فما خرج إلا بقلة قليلة.[٧]
وفي دعائه لنفسه ولوالديه ولمن آمن، فيُستشف منه حالة نوح -عليه السلام- بتنفسه الصعداء أن نجّاه الله تعالى من القوم المفسدين، وأحله مكانًا فيه الخير الوفير من الله، وليس معه إلا من هو مؤمن.[٢]
هل استجاب الله دعاء نبيه نوح عليه السلام؟
استجاب الله -تعالى- لدعاء نوح -عليه السلام- الذي دعاه أثناء دعوته فأهلك الله المفسدين،[١٥] وأيضًا بدعائه بالخير والبركة والرحمة في الحياة ما بعد الطوفان،[٧] سيّما دعاء واحد لم يُستجب له فيه، وهو دعاؤه لابنه بأن تشمله رحمة الله، فعاتبه الله على أنّه ليس من عباده المؤمنين، فاستعاذ الله نوحٌ بأنْ يدعو الله ما ليس له علم به.[٦]
المراجع
- ↑ سورة نوح ، آية:28
- ^ أ ب مصطففى العدوي، سلسلة التفسير، صفحة 13. بتصرّف.
- ↑ سورة هود، آية:45
- ^ أ ب ابو المظفر السمعاني، تفسير السمعاني، صفحة 433. بتصرّف.
- ↑ سورة هود، آية:49
- ^ أ ب النسفي، تفسير النفسي، صفحة 65. بتصرّف.
- ^ أ ب ت سورة المؤمنون، آية:29
- ↑ محمد الكتاني، تفسير المنتصر الكتاني، صفحة 8. بتصرّف.
- ↑ سورة نوح، آية:10-12
- ↑ عبدالرزاق البدر، الذكر والدعاء، صفحة 35-36. بتصرّف.
- ↑ سورة القمر، آية:10
- ^ أ ب مصطفى العدوي، سلسلة التفسير، صفحة 7. بتصرّف.
- ↑ سورة نوح، آية:27
- ^ أ ب حكمت ياسين، الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور، صفحة 541. بتصرّف.
- ↑ ابو اليمن العليمي، فتح الرحمن في تفسير القرآن، صفحة 345. بتصرّف.