تعريف الدعاء
يعدُّ الدعاء من أعظم العبادات في الإسلام؛ لأنّه سببٌ رئيس لتقريب العبد من ربِّهِ، وتكون هذه القربة بالتضرع والتوسّل لله تعالى مع كلِّ اليقين بالإجابة ومع كامل الثقة بالله تعالى، وأنَّ الله تعالى لن يردَّ الداعي صفر اليدين، وأنَّه سيحقّق مسألته، قال تعالى: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" [١]، لذلك لا بدَّ لكلِّ عبد مسلّم أن يتقرّب من الله تعالى بالدعاء لأنَّ الله مجيب المضطرين، وسامع أصوات الشكاة، وهذا المقال مخصّص للحديث عن دعاء طلب المطر والحديث عن الأوقات المستحبة للدعاء في الإسلام.
دعاء طلب المطر
إنَّ الدعاء في الإسلام عبادةٌ من أعظم العبادات التي تجزلُ المثوبة للعبد، فاللهُ تعالى يخجلُ أن يردَّ أيادي الدّاعين خائبةً؛ لأنّه الكريم ذو القوة المتين، وقد وردَتْ في الإسلام كثير من الأدعية المستحبة أو الأدعية التي يجب أن يدعو بها المسلمون إذا تأخر عنهم المطر، وهي أدعية يدعو العبد عند طلب المطر وقد وردَت في الكتاب والسنة؛ فأمّا ما وردَ في الكتاب فهو قولُهُ تعالى: "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا" [٢]، وفي الآية السابقة توضيح عظيم من الله تعالى بأنَّ الاستغفار سبب رئيس في هطول المطر وفي رفع القحط والعطش والبلاء عن الناس، ويظهر هذا المعنى خفيًّا في قولِهِ تعالى: "وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ" [٣]، وفي هذه الآية دليل خفيٌّ على أنَّ الاستغفار من أهم أسباب رفع البلاء أيًّا كانَ هذا البلاء، والقحط والجفاف من أصعب ما يُبتلى به ابن آدم [٤].
وأمَّا ما وردَ في السنة النبوية الشريفة، فقد وردَ في الحديث الذي رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: "كان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- إذا استسقَى قال: اللهمَّ اسقِ عبادَك وبهائمَك وانشُرْ رحمتَك وأحْيِ بلدَك الميِّتَ" [٥]، وروى عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أيضًا أنَّ النَّبيَّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- كان إذا استسقى قال: "اللهمَّ اسقِنا غيثًا مغيثًا هنيئًا مريئًا مريعًا غدقًا مجللًا عامًّا طبقًا سحًّا دائمًا، اللهمَّ اسقِنا الغيثَ ولا تجعلْنا من القانطينَ، اللهمَّ إن بالعبادِ والبلادِ والبهائمِ والخلقِ من اللأواءِ والجَهدِ والضنكِ مالا نشكو إلا إليك، اللهمَّ أنبتْ لنا الزرعَ وأدرَ لنا الضرعَ واسقِنا من بركاتِ السماءِ، وأنبتْ لنا من بركاتِ الأرضِ، اللهمَّ ارفعْ عنا الجَهدَ والجوع والعُريَ، واكشفْ عنا من البلاءِ ما لا يكشفُه غيرُك، اللهمَّ إنا نستغفرُك إنك كنت غفارًا فأرسلِ السماءَ علينا مدرارًا" [٦] [٧].
الأوقات المستحبة للدعاء
بعد الحديث عن دعاء طلب المطر فإنَّه من الجدير بالذكر أن يتم الحديث عن الأوقات المستحبة للدعاء، فإنَّ للدعاء أوقات مستحبة، وهي أوقات يُستجاب فيها الدعاء بإذن الله تعالى، وهي أوقات كثيرة ثبت منها في الحديث الصحيح أو في القرآن الكريم، وهذه الأوقات هي: الدعاء ليلة القدر، فقد وردَ في الحديث عن عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: "قلتُ يا رسولَ اللهِ أرأيتَ إن علِمتُ ليلةَ القدرِ ما أقولُ فيها؟، قال : قُولي اللَّهمَّ إنَّك عفُوٌّ تُحبُّ العفوَ فاعْفُ عنِّي" [٨].
ومن أوقات استجابة الدعاء، الدعاء في جوف الليل أو وقت السحر، والدعاء دُبُرَ كلِّ صلاة، والدعاء في الوقت بين الأذان وإقامة الصلاة، والدعاء عند نزول المطر، والدعاء في السجود؛ فالعبد أقرب ما يكون من ربّه عند السجود، قال رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام-: "أقرَبُ ما يكونُ العبدُ من ربِّه وهو ساجِدٌ، فأكثِروا الدُّعاءَ" [٩]، والله تعالى أعلم [١٠].
المراجع
- ↑ {البقرة: الآية 186}
- ↑ {نوح: الآية 10-11}
- ↑ {الأنفال: الآية 33}
- ↑ الاستغفار, ، "www.kalemtayeb.com"، اطُّلِع عليه بتاريخ 13-11-2018، بتصرّف
- ↑ الراوي: عبدالله بن عمرو، المحدث: أبو داود، المصدر: سنن أبي داود، الصفحة أو الرقم: 1176، خلاصة حكم المحدث: سكت عنه ،وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح
- ↑ الراوي: عبدالله بن عمر، المحدث: ابن الملقن، المصدر: تحفة المحتاج، الصفحة أو الرقم: 1/565، خلاصة حكم المحدث: صحيح أو حسن
- ↑ باب صلاة الاستقساء, ، "www.islamweb.net"، اطُّلِع عليه بتاريخ 13-11-2018، بتصرّف
- ↑ الراوي: عائشة أم المؤمنين، المحدث: المنذري، المصدر: الترغيب والترهيب، الصفحة أو الرقم: 4/218، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما
- ↑ الراوي: أبو هريرة، المحدث: مسلم، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 482، خلاصة حكم المحدث: صحيح
- ↑ أماكن وأوقات استجابة الدعاء, ، "www.islamqa.info"، اطُّلِع عليه بتاريخ 13-11-2018، بتصرّف