دعاء لأبي المتوفى

كتابة:
دعاء لأبي المتوفى

ما هو الدعاء

الدعاء هو شكل من أشكال العبادة، وهو لجوء العبد إلى ربه وتضرُّعه إليه طلبًا للمغفرة والتوبة والرضا، ويكون الدعاء أيضًا لحاجة من حاجات الدنيا، كالشفاء أو الرزق ويكون لحاجة من حاجات الآخرة كالجنة أو المغفرة أو الرحمة يوم البعث، ويختلف الدعاء عن العبادات الأخرى في الإسلام على أنَّه حرٌّ في وقته، فليس للدعاء وقت محدد كالصلاة والصيام، كما أنَّ الدعاء لا يقتصر على صيغة محددة يتوجب على الداعي أن يلتزم بها، بل للداعي حرية الدعاء وفق ما يُرضي الله تعالى، وهذا المقال سيسلط الضوء على ما جاء من دعاء لأبي المتوفي في الإسلام إضافة إلى الحديث عن الدعاء في الكتاب والسنة.

دعاء لأبي المتوفى

في الحديث عمَّا وردَ من دعاء لأبي المتوفى، يمكن القول إنَّ السُّنَّة النبوية المباركة ذكرت بعض الأحاديث النبوية الشريفة التي تتحدث عن أدعية قالها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في المآتم أو العزاءات التي شارك فيها في حياته، وسمعها الصحابة وأوردوها في سنة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلّم- ومن هذه الأدعية:[١]

  • مما جاء من دعاء لأبي المتوفى عن واثلة بن الأسقع -رضي الله عنه- قال: "عن النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أنَّه صلَّى على رجلٍ فقال: اللَّهمَّ إنَّ فلانَ بنَ فلانٍ في ذمَّتِك وحبلِ جوارِك فأعِذْه مِن فتنةِ القبرِ وعذابِ النَّارِ أنتَ أهلُ الوفاءِ والحقِّ، اللَّهمَّ فاغفِرْ له وارحَمْه إنَّك أنتَ الغفورُ الرَّحيمُ "[٢].
  • ومما وردَ من دعاء لأبي المتوفى في صحيح الإمام مسلم عن مالك بن عوف الأشجعي -رضي الله عنه- قال: "سَمِعْتُ النبيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- وَصَلَّى علَى جِنَازَةٍ يقولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ له وَارْحَمْهُ وَاعْفُ عنْه وَعَافِهِ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَاغْسِلْهُ بمَاءٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ وَنَقِّهِ مِنَ الخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِن دَارِهِ وَأَهْلًا خَيْرًا مِن أَهْلِهِ وَزَوْجًا خَيْرًا مِن زَوْجِهِ وَقِهِ فِتْنَةَ القَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ، قالَ عَوْفٌ: فَتَمَنَّيْتُ أَنْ لو كُنْتُ أَنَا المَيِّتَ، لِدُعَاءِ رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- علَى ذلكَ المَيِّتِ"[٣].
  • ومما جاء من دعاء يصحّ أن يكون دعاء لأبي المتوفى ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- حيث قال: "صلَّى رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- على جِنازةٍ، فقالَ: اللَّهُمَّ اغفِر لحيِّنا وميِّتِنا وصغيرِنا وَكبيرِنا وذَكَرِنا وأنثانا وشاهدِنا وغائبِنا، اللَّهُمَّ مَن أحييتَه منَّا فأحيِهِ علَى الإيمانِ ومَن تَوفَّيتَه مِنَّا فتوفَّهُ على الإسلامِ، اللَّهُمَّ لا تحرِمنا أجرَه ولا تُضِلَّنا بعدَه"[٤].
  • ومما جاء في من دعاء للمتوفى يصلح أن يكون دعاء لأبي المتوفى دعاءٌ لأبي هريرة -رضي الله عنه- كان يقول فيه: "اللهمَّ هذا عبدُك ابنُ عبدِك، وابنُ أَمَتِك، كان يشهدُ أنْ لا إلهَ إلا أنتَ، وأنَّ محمدًا عبدُك ورسولُك، وأنت أعلمُ به، اللهمَّ إن كان محسنًا فزِدْ من إحسانِه، وإن كان مسيئًا فتجاوز عنه، اللهمَّ لا تَحْرِمْنَا أجرَه، ولا تَفْتِنَّا بعدَه"[٥]، والله أعلم.

الدعاء في السنة النبوية

بعدما ما ورد من دعاء لأبي المتوفى، جدير بالذكر إنَّ الدعاء عبادة عظيمة لذلك أكثر رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- من ذكرها في حياته حتَّى يحثَّ الناس ويدعوهم إلى ضرورة الدعاء تقرُّبًا من الله تعالى، وفيما يأتي مجموعة من أبرز الأحاديث النبوية التي ذكر رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- الدعاء وحضَّ عليه:[٦]

  • عن عبد الله بن عباس وأبي الدرداء وأبي هريرة -رضي الله عنهم- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "أفضلُ العبادةِ الدعاءُ"[٧]
  • وفي حديث حسن عند الألباني وصحيح عند السيوطي، روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله أنَّه قال: "ليس شيءٌ أكرمَ على اللهِ تعالى من الدعاءِ"[٨].
  • وفي حديث آخر حسن عند الألباني وصحيح عند السيوطي أيضًا، روى سلمان الفارسي -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: "لا يردُّ القضاءَ إلا الدعاءُ، و لا يزيدُ في العمرِ إلا البرُّ"[٩].
  • وفي حديث حسنه السيوطي، عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: "لن ينفَعَ حَذَرٌ مِن قَدَرٍ، ولَكِنَّ الدُّعاءَ ينفَعُ مِمَّا نزلَ، ومِمَّا لَم ينزِلْ، فعليكم بالدُّعاءِ عِبادَ اللَّهِ"[١٠].

الدعاء في القرآن الكريم

كثيرة هي الآيات القرآنية التي حملت معنى الدعاء في كلماتها، وهذا دليل ودعوة إلهية للمواظبة على الدعاء إظهارًا لأهميته وفضله وثوابه العظيم، وقد تضمنت بعض الآيات القرآنية أدعية مُستحبة، يُستحب أن يقولها الإنسان في حياته، من هذه الآيات:[١١]

  • قال تعالى في سورة الكهف: {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا}[١٢].
  • قال تعالى في سورة الأنبياء: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}[١٣].
  • قال تعالى في سورة المؤمنون: {رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ}[١٤].
  • قال تعالى في سورة الفرقان: {رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا}[١٥]
  • قال تعالى في سورة غافر: {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[١٦].

آداب الدعاء في الإسلام

في ختام ما جاء من حديث عن دعاء لأبي المتوفى، جدير بالذكر أن يتم المرور على آداب الدعاء في الإسلام حتَّى يتسنَّى للقارئ الاطلاع عليها ومعرفتها والتزامها ليكون الدعاء تامًا وفق ما يُرضي الله -سبحانه وتعالى-، وفيما يأتي أبرز ما جاء من آداب الدعاء في الإسلام:[١٧]

  • الإخلاف في الدعاء من أبرز آداب الدعاء في الإسلام، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}[١٨].
  • ومن آداب الدعاء أن يسأل الإنسان الله تعالى بأسمائه الحُسنى، قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[١٩].
  • يجب أن يكون الداعي موحدًا مؤمنًا بوحدانية الله تعالى، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}[٢٠].
  • ومن آداب الدعاء أيضًا أن يرفع العبد يديه إلى السماء، فعن سلمان الفارسي -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "إنَّ ربَّكم تبارَكَ وتعالى حيِيٌّ كريمٌ، يستحيي من عبدِهِ إذا رفعَ يديهِ إليهِ، أن يردَّهُما صِفرًا"[٢١].
  • عدم العجلة في الإجابة يعتبر من أبرز أسباب إجابة الدعاء، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ ما لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، ما لَمْ يَسْتَعْجِلْ قيلَ: يا رَسُولَ اللهِ، ما الاسْتِعْجَالُ؟ قالَ: يقولُ: قدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذلكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ"[٢٢].
  • لا يجوز أن يجزم العبد في الدعاء، قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في الحديث: "لا يَقُولَنَّ أحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي إنْ شِئْتَ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمِ المَسْأَلَةَ، فإنَّه لا مُكْرِهَ له"[٢٣]، والله أعلم.

المراجع

  1. "المأثور من الأدعية للأموات"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-06-2019. بتصرّف.
  2. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن واثلة بن الأسقع، الصفحة أو الرقم: 3074، أخرجه في صحيحه.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عوف بن مالك الأشجعي، الصفحة أو الرقم: 963، صحيح.
  4. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3201، صحيح.
  5. رواه الألباني، في فضل الصلاة، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 93، إسناده موقوف صحيح على شرط الشيخين.
  6. "فضل الدعاء"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-06-2019. بتصرّف.
  7. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبدالله بن عباس و أبي الدرداء و أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1122، صحيح.
  8. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7584، صحيح.
  9. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن سلمان الفارسي، الصفحة أو الرقم: 9950، صحيح.
  10. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 7378، حسن.
  11. "جامع الدعاء (من القرآن والسنة)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-06-2019. بتصرّف.
  12. سورة الكهف، آية: 10.
  13. سورة الأنبياء، آية: 87.
  14. سورة المؤمنون، آية: 97-98.
  15. سورة الفرقان، آية: 65-66.
  16. سورة غافر، آية: 8-9.
  17. "جملة من آداب الدعاء"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 13-06-2019. بتصرّف.
  18. سورة البينة، آية: 5.
  19. سورة الأعراف، آية: 180.
  20. سورة البقرة، آية: 186.
  21. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن سلمان الفارسي، الصفحة أو الرقم: 1488، صحيح.
  22. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2735، صحيح.
  23. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6339، صحيح.
3827 مشاهدة
للأعلى للسفل
×