دعوة سعد مستجابة
كان الصحابيّ الجليل سعد بن أبي وقّاص -رضيَ الله عنه- مُستجاب الدّعوة، لبركة دعاء الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- له،[١] وهكذا عُرف عنه بين الصّحابة -رضوان الله عليهم أجمعين- بأنّ دعوته نافذة تُصيب،[٢] وأصبح النّاس يُدركون سرعة استجابة الله -تعالى- له ويخافون ذلك،[٣] وكان من وصيّة النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- لسعد حين طلب منه ذات مرّة أن يجعله الله -تعالى- مُستجاب الدّعوة، فأوصاه النبيّ بتحرّي لقمة الحلال، لذا بقيَ سعد بن أبي وقّاص -رضيَ الله عنه- يتحرّى اللّقمة الحلال، والمال الحلال، ولا يأكل إلّا طيّباً.[٤]
مواقف من استجابة دعاء سعد
ذُكرت العديد من المواقف التي ظهر فيها استجابة الله -تعالى- لدعاء سعد -رضيَ الله عنه-، ومن هذه المواقف ما يأتي:[٥][٦]
- كان الناس يسألون عن سعد في يوم من الأيام، وكان والياً للكوفة، فذُكر بخير في كلّ مسجد يمرّون به حتى وصلوا إحدى المساجد، فخرج رجل ذمَّه وقدح في عدالته وصدقه، فدعا سعد -رضيَ الله عنه- الله وقال إن كان هذا الرّجل يريد من قوله هذا الرّياء والسّمعة أن يُطل الله -تعالى- عمره، ويُفقره، ويُعمي بصره، وأن يُفتن، وقد شُهد أنّه قد أصابته دعوة سعد؛ فأصبح شيخاً كبيراً مفتوناً، فكان يُقال عنه: شيخ مفتون، "أصابته دعوة سعد".
- دار خِلافاً في يومٍ بين سعد وبين الصّحابي الجليل ابن مسعود -رضيَ الله عنهما-، فلمّا كاد سعد بن أبي وقاص -رضيَ الله عنه- أن يدعو، خاف ابن مسعود -رضيَ الله عنه- وهرب من الخلاف.
- دخل ذات يوم على قوم كان بينهم رجل يسبُّ الصّحابة طلحة بن عبيد الله، والزُّبير بن العوام، وعليّ بن أبي طالب -رضوان الله عليهم أجمعين-، فأمره أن ينتهي ويتوقّف، فرفض وزاد عناداً، فدعا سعد -رضيَ الله عنه- واشتكاه إلى الله -تعالى- بأنّه يسبُّ قوماً صالحين، ودعا بأن يجعله الله عبرة للنّاس، فدخلت عليه بعير لا يوقفها شيء فقتله، فقال النّاس: أصابته دعوة أبا إسحاق.
- دعا سعد -رضيَ الله عنه- ذات يوم -وكان أبناؤه صغاراً-، فدعا أن يُؤخّر الله -تعالى- عنه الموت حتى يبلغوا، فمات بعد عشرين عاماً.[٧]
فضائل سعد بن أبي وقاص
كان لسعد بن أبي وقّاص -رضيَ الله عنه- فضائل ومناقب عدّة، منها ما يأتي:
- بُشِّر سعد -رضيَ الله عنه- بالجنّة؛ فهو أحد العشرة المبشّرين بالجنّة.[٨]
- فَتح العراق والمدائن، وهو ممّن حضر بدر والقادسيّة.[٨]
- اختاره عمر بن الخطّاب -رضيَ الله عنه- من الستّة المرّشحين للخلافة من بعده.[٨]
- يُعدّ أوّل رامي في الإسلام، فكان أوّل سهم رماه سعد -رضيَ الله عنه-.[٨]
- استلم ولاية الكوفة في عهد عمر وفي جزء من عهد عثمان -رضيَ الله عنهم أجمعين-.[٨]
- افتداه الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- بأبيه وأمّه، ولم يقلها لأحد غيره، وذلك لِما جاء عن علي بن أبي طالب -رضيَ الله عنه- قال: (ما رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُفَدِّي رَجُلًا بَعْدَ سَعْدٍ سَمِعْتُهُ يقولُ: ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وأُمِّي).[٩][١٠]
- كان -رضيَ الله عنه- من أوائل من أسلم، فقد ورد أنّه قال: (ما أسْلَمَ أحَدٌ إلَّا في اليَومِ الذي أسْلَمْتُ فِيهِ، ولقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَةَ أيَّامٍ وإنِّي لَثُلُثُ الإسْلامِ).[١١][١٠]
- يوم أصاب النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أرق، ودّ النبي لو أنّ أحد أصحابه يحرسه، فسمعوا صوتاً فسأل عنه، فأجاب سعد -رضيَ الله عنه- بأنّه خشيَ على النبيّ -عليه الصلاة والسّلام- وأتى يحرسه، فنام النبيّ -عليه السّلام- قرير العين ودعا له.[١٢]
- شهد النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- بأنّ له أجر شهيد، فقد كانوا مرّة فوق جبل حراء، فاهتزّ قليلاً فقال له النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (اثبُت حِراءُ، فما علَيكَ إلَّا نبيٌّ، أو صدِّيقٌ، أو شَهيدٌ وعدَّهم رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: أبو بَكْرٍ، وعمرُ، وعثمانُ، وعليٌّ، وطَلحةُ، والزُّبَيْرُ، وسَعدٌ، وابنُ عوفٍ، وسعيدُ بنُ زيدٍ).[١٣][١٢]
المراجع
- ↑ محمد نصر الدين محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 580، جزء 1.
- ↑ خالد محمد خالد (2000م)، رجال حول الرسول (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 85. بتصرّف.
- ↑ أبو الحسن ابن الأثير (1994م)، أسد الغابة ط العلمية، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 452، جزء 2.بتصرّف.
- ↑ ابن المبرد (2006م)، محض الخلاص في مناقب سعد بن أبي وقاص (الطبعة الأولى)، بيروت: دار البشائر الإسلامية، صفحة 148-150. بتصرّف.
- ↑ ابن المبرد (2006 م)، محض الخلاص في مناقب سعد بن أبي وقاص، بيروت: دار البشائر الإسلامية، صفحة 150-154.بتصرّف.
- ↑ محمد نصر الدين محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 580-582، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ شمس الدين الذهبي (1985م)، سير أعلام النبلاء ط الرسالة (الطبعة الثالثة)، مؤسسة الرسالة، صفحة 117. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج خير الدين الزركلي (2002م)، الأعلام للزركلي (الطبعة الخامسة عشر)، دار العلم للملايين، صفحة 87.بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 2905، صحيح.
- ^ أ ب محمود شلبي (1990م)، كتاب حياة سعد بن أبي وقاص (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الجيل، صفحة 15-24.بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سعيد بن المسيب، الصفحة أو الرقم: 3727، صحيح.
- ^ أ ب محمد نصر الدين محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 578-583. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن سعيد بن زيد، الصفحة أو الرقم: 111، صحيح.