محتويات
أدلة صلة الرحم من القرآن وشرحها
احتوى القرآن الكريم على بعض الآيات التي تُبيّن فضل صلة الرحم وعقوبة قاطعها، فكانت هذه الآيات ترغّب بصلة الرحم، وحذّرت أيّما تحذير من قطعها، وفيما يأتي ذكر لبعض هذه الآيات مع شيء من شرحها وتفسيرها.
آية: "والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل"
قال الله -تعالى- في سورة الرعد: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ}،[١] وقد وردت هذه الآية الكريمة في معرض الحديث عن صفات مستحقّي الجنة والذين ستكون لهم عقبى الدار، فمن صفات هؤلاء وَصْلهم لِما أمر الله به أن يوصل، وقد قال الطبري: إنّ المراد بوصل ما أمر الله به أن يوصل صلة الرحم التي أمر بها الله -تعالى-، فهؤلاء واصلين غير قاطعين، فهم يخشون من ربّهم ويخافون أن يقطعوها فيعاقبون على ذلك ويحاسبهم على عملهم هذا.[٢]
وقال ابن كثير: إنّ الواصلين لأرحامهم في هذه الآية يقومون بوصلها بجميع طرائق صلة الرحم، فيُحسنون إلى أقاربهم، ويبذلون المعروف لهم، ويهتمون بفقيرهم ومحتاجهم، فاتّصافهم بهذه الصفة وغيرها من الصفات المذكورة في الآيات كان سببًا بأنّ لهم عقبى الدار،[٣] وقد قال القرطبي: إنّ عقبى الدار هي الجنة في الآخرة، وذكر أنّ البعض فسّرها بحسن الجزاء لهم في الدنيا على ما فعلوه من طاعات،[٤] وقال ابن كثير: إنّ هذا يشمل العاقبة الحسنة والنصرة في الدنيا والآخرة.[٣]
آية: "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم"
قال -تعالى- في سورة محمد: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}،[٥] وتذمّ هذه الآية قطيعة الرحم، فالله -تعالى- يخبر المتولّين عن أمر القتال المتخاذلين عن نصرة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عندما ينزل أمر بالقتال والجهاد، بأنّهم بتولّيهم وإدبارهم هذا وتركهم لما أمر الله -تعالى- به في كتابه، سيكونون من المفسدين العاصين لله في أرضه، وسيعودون لما كانوا عليه في الجاهلية من التشتّت، والفرقة، وقطيعة الرحم، بعد ما كانوا عليه من الاجتماع وتآلف القلوب في الإسلام.[٦]
آية: "الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل"
قال الله -تعالى- في سورة البقرة: {الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}،[٧] يقول الطبري: إنّ المراد بقطع ما أمر الله به أن يوصل أي قطيعة الرحم، ومعناها ترك ما ألزم الله -تعالى- به عباده من الحقوق الواجبة لأرحامهم من برٍّ، وصلةٍ، وعطفٍ،[٨] فقطيعة الرحم؛ هي سببٌ من أسباب الخسران، وهو النقصان من النفس، وظلمه بالمعصية، وعدم نوال شيء من رحمة الله -سبحانه-.[٩]
فضل صلة الرحم
إنّ لصلة الرحم فضلٌ عظيم دلّت عليه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ومن فضائلها:[١٠]
- صلة الرحم من الإيمان.
- صلة الرحم سببٌ للبركة في الرزق وطول العمر.
- صلة الرحم سببٌ لصلة الله للعبد وإكرامه.
- صلة الرحم من أسباب دخول الجنة.
خلاصة المقال: ذكرت بعض الآيات القرآنية وجوب الاعتناء بصلة الأرحام والتوّدد إليهم وأداء حقوقهم التي أوجبها الله -تعالى- لهم، وبيّنت ما لهذا من أثر في الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة، وأنّ أهل الإيمان يحرصون على صلة أرحامهم، أمّا أهل الخسارة والخذلان فهم قاطعين لأرحامهم غير مؤدّين لحقّ الرحم عليهم، وصلة الرحم سببٌ من أسباب دخول الجنة ونوال رضا الله ومحبته سبحانه.
المراجع
- ↑ سورة الرعد، آية:21
- ↑ الطبري، أبو جعفر، تفسير الطبري، صفحة 508. بتصرّف.
- ^ أ ب ابن كثير، تفسير ابن كثير ت سلامة، صفحة 450. بتصرّف.
- ↑ القرطبي، شمس الدين، تفسير القرطبي، صفحة 311. بتصرّف.
- ↑ سورة محمد، آية:22
- ↑ الطبري، أبو جعفر، تفسير الطبري، صفحة 213. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:27
- ↑ الطبري، أبو جعفر، تفسير الطبري، صفحة 440. بتصرّف.
- ↑ ابن كثير، تفسير ابن كثير ت سلامة، صفحة 211. بتصرّف.
- ↑ "فضل صلة الأرحام"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 17/8/2021. بتصرّف.