دواعي التجديد في الدين الإسلامي

كتابة:
دواعي التجديد في الدين الإسلامي

الدين الإسلامي

تميّز الدين الإسلامي بكثير من الخصائص والميزات عما سبقه من الأديان السماوية، فهو إلى جانب أنّه الدين الخاتم للديانات والشرائع التي سبقته، فهو الدين الكامل الشامل الذي جاء بشريعةٍ شاملة للناس أجمعين.

وهو الدين المتجدد الذي لا تبلى أحكامه وتشريعاته، ولا تتوقف مسيرة الاجتهاد والنظر فيه لاستنباط الأحكام الشرعية في مسائل الحياة المستحدثة؛ والتي تكون فيها مصلحةٌ للناس في كل زمانٍ ومكان.

دواعي التجديد في الدين الإسلامي

إنّ عملية التجديد لا تعدّ خطوة وليدة في هذا الزمان؛ بل نشأت منذ العصور الأولى التي أبدع فيها الخلفاء والعلماء؛ كلٌ حسب عصره ومستجداته، ومن أهمّ دواعي التجديد في هذا العصر ما يأتي:[١]

  • استنباط الأحكام الشريعة في مسائل الحياة المتجددة

إذ إنّ الشريعة الإسلامية هي شريعةٌ كاملة شاملة صالحة للتطبيق في كل زمانٍ ومكان، وهي الشريعة القادرة على بيان الحكم الشرعي في أي مسألةٍ مستحدثة في الحياة، ويكون ذلك من خلال استخدام أدوات الفقه، وقواعده وأصوله المعتبرة عند العلماء.

ولا شك أنّ النظر والاجتهاد في المسائل هو سبب من أسباب التجديد حيث قد يظهر للعلماء جواز شيء بعد تحريمه، أو حرمة شيء بعد جوازه.

  • تنقية الشريعة الإسلامية

من الغلو، وانتحال المبطلين، فالشريعة الإسلامية تحتاج في كلّ عصرٍ من العصور إلى من يدافع عنها، وينافح عن أحكامها التي ترتكز على مبدأ الوسطية البعيدة كل البعد عن الغلو والتطرف.

وهذا ما قام به علماء الأمة عبر العصور مثل: الإمام أبو حنيفة، والإمام مالك، والشافعي وابن حنبل -رحمهم الله-؛ حينما كانوا يتصدون لبيان الأحكام الشرعية في كل مسألةٍ من المسائل مرتكزين على المنهج الذي سار عليه السلف الصالح.

لأنّ الناس تستحدث في الدين ما ليس فيه في كلّ عصرٍ من العصور، ويأتي الإمام المجدّد لكي يعيد إلى الدين ألقه، وينقّي أحكامه وشرائعه من البدع والمخالفات.

  • غياب المنهج الفكري والثقافي الإسلامي

حيث ظهر في هذا الزمان الاتجاهات الماديّة، والخطابات الجاهلية التي أبعدت الإنسان عن المنهج الرباني المعتدل، وساقته إلى طرق الظلام؛ فكان لا بدّ من التجديد لإعادة المنهج الإسلامي الصحيح.

  • التحولات السريعة وتأثر الشباب

حيث نشهد في كل يوم تطورات جديدة ومستحدثة في هذا العصر؛ بسبب العولمة ودخول التكنولوجيا؛ مما أدى إلى تأثر الشباب في كل هذه المظاهر؛ حتى ظهر من ينادي باتباع الحضارات الغربية، وفقدان الهوية الإسلامية المنضبطة؛ فكان لا بدّ من التجديد لتكون رسالة الإسلام شاملة لكل النوازل، متسعة لكل العصور.

  • الفرق الكبير بين الثقافة الإسلامية والثقافات الغربية

واندفاع بعض المسلمين تجاه الغرب لسدّ الفجوات وتقريب المسافات؛ وإظهار الإسلام بصورة مقاربة للثقافات الأخرى مع الانسلاخ عن القيم والمبادئ، فكان التجديد لازماً بالصورة التي تحافظ على القيم الإسلامية مع مواكبة التطور النافع.[٢]

أصل فكرة التجديد

لا شكّ أنّ فكرة التجديد جاءت من الحديث النبوي الشريف الذي صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (إنَّ اللهَ يبعثُ لهذه الأمَّةِ على رأسِ كلِّ مائةِ سنةٍ من يُجدِّدُ لها دينَها)؛[٣][٤] ولقد تكلّم علماء المسلمين في معنى هذا الحديث الشريف، من ذلك ما قاله الدكتور يوسف القرضاوي -رحمه الله-.[٥]

حيث قال: "ليس التجديد هو تطويعَ الفقه الإسلامي حتى يساير القوانين الوضعية؛ فهذا ليس من التجديد في شيء بل هو تحريف وتزييف، إنما التجديد الحق هو تنمية الفقه الإسلامي من داخله وبأساليبه هو، مع الاحتفاظ بخصائصه الأصلية وبطابعه المميّز".[٥]

وهي الخصائص التي يرتكز عليها؛ من الأساس الرباني، والوازع الديني، والإنسانية، والوسطية، والتوازن بين الفردية والجماعية، مع الالتزام بأصوله وضوابطه الكلية، والقدرة على النماء والتجدّد".[٥]

المراجع

  1. [مجموعة من المؤلفين]، مقالات موقع الدرر السنية، صفحة 24-25. بتصرّف.
  2. [فضل حسن عباس]، التفسير والمفسرون في العصر الحديث، صفحة 46. بتصرّف.
  3. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:4291، صحيح.
  4. [بسطامي محمد سعيد]، مفهوم تجديد الدين، صفحة 12-13. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت [ابن عاشور]، مقاصد الشريعة الإسلامية، صفحة 529.
3446 مشاهدة
للأعلى للسفل
×