دور الإنسان في التاريخ

كتابة:
دور الإنسان في التاريخ

الإنسان والهدف من خلقه

إنّ من مظاهر تكريم الخالق للإنسان إخراجُه من العدم إلى الوجود، وكذا تسخير وتذليل الكون لبني آدم وخدمته له، وحاشا لله أن يخلق البشر عبثًا، فالهدف من خلق الإنسان هو الاستخلاف والعبادة والعمل على إعمار هذا الكون ولتحقيق العبودية لله سبحانه، فكما أعطى الله الإنسان مزايا لم يعطِها لغيره من المخلوقات، فلم يكن بهيميًا ذا غريزة جنسيّة فحسب، وإنما أعطي العقل ليتدبر ويفكر به، والإنسان حر باختياره، وإنّ من صور تكريم الله تعالى للبشر بأن أمر الملائكة بأن يسجدوا لأبيهم آدم، وللإنسان علاقة وثيقة بالتاريخ، فهو المؤثّر الأول بسيرورة الحياة التي تصبح تاريخًا فيما بعد، ودور الإنسان في التاريخ دور أساسيّ ومهمّ.[١]

مفهوم التاريخ وأهميته

يُعرف التاريخ بأنّه العلم المتخصّص بدراسة الأحداث والتجارب التي مَضَت لإسقاطها على الواقع، والاستفادة منها بالحاضر والمستقبل، ويُعرف اصطلاحًا أنّه فَهم الماضي؛ لإفادة الحاضر، والتخطيط للمستقبل، ويقسم علم التاريخ حسب الفترة إلى قسمين: التاريخ القديم، وهو الذي أسّسه هيرودوتس "أبو التاريخ" قبل الميلاد بخمسة قرون، وضع كتابه الوحيد "تاريخ هيرودوتس" والذي يذكر بعض المناطق التي زارها هيرودوت وبعضها الذي سمع من الناس عنها، وينقل فيها ثقافات الشعوب المتعددة ودياناتهم وسياساتهم.[٢]

والتاريخ الحديث، الذي وضَعَه وأسّسه ابن خلدون، المؤرّخ والفيلسوف التونسي في القرن الثالث عشر، مؤسّس علم الاجتماع، وتتمثل أهمية التاريخ في إسقاط تجارب الماضي على الواقع، ومعرفة مراحل تطور الفكر البشري، فما صار الإنسان على ما هو عليه إلا بدراسة التاريخ.[٢]

دور الإنسان في التاريخ

اختلف العلماء والفلاسفة على أن علاقة الإنسان بالتاريخ علاقة متّصلة أو علاقة منفصلة، ولعلّ أشهرَ الفلاسفة الذين تطرّقوا لموضوع دور الإنسان في التاريخ هما الفيلسوفان: هيجل وجان بول سارتر، وسيتمّ ذكر تلخيص نظرية كلٍّ منهما تاليًا.

دور الإنسان في التاريخ بالنسبة لهيجل

يرى هيجل الفيلسوف الألماني أهمّ مؤسّسي المثالية الألمانية في الفلسفة في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، الذي طوّر المنهج الجدلي الذي أثبت من خلاله أنّ سَير التاريخ والأفكار يتم بوجود الأطروحة ثم نقيضها ثم التوليف بينهما أن التاريخ سيرورة من الأحداث التي وقعت في الماضي اتخذت من الإنسان وسيلة لبروزها، فلذلك يرى أنّ الإنسان ليس فاعلًا في التاريخ، إنّما هو نتاج له، فالتاريخ بمكره يجعل الإنسان يظنّ أنّه هو من يصنع التاريخ ولكنّه جاهل بأسبابه الحقيقيّة التي أدّت إلى وقوع الظواهر كاليمين واليسار.[٣]

دور الإنسان في التاريخ بالنسبة لسارتر

ويرى جان بول سارتر المولود سنة 1905 في مدينة باريس أن الإنسان فاعل في التاريخ، ويخالف نظرية هيجل الذي يرى أن الإنسان مجرد نتاج للتاريخ، فالإنسان حسب نظرية جان سارتر كائن حر له وجوده الخاص بشكل متفرد، وأنه يستطيع تغيير بوصلة التاريخ والتحكم بها بفعله العقلاني والمنظم، والإنسان مشروع يعيش وفق اختياراته مقيدًا بالحرية الملتزمة التي يرى الإنسان نفسه فيها ملتحمًا بمواقف معينة، وملتبسًا فيها التباسًا والتصاقًا، وأن سيرورة التاريخ تسير بما يسير به العظماء أو المؤثرون، والناتج من هذه النظرية الجدَليّة هو اختلاف فريقين: فريق يرى بأن الإنسان علاقته بالتاريخ علاقة منفصلة، وآخر يرى العلاقة علاقًة متصلة. [٤]

المراجع

  1. ، "لماذا خلقنا الله؟ "، www.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-07-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "مفهوم التاريخ"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-07-2019. بتصرّف.
  3. هشام بن جدو (2018)، سؤال القيمة: مقاربة لرصد إشكالية القيمة في فلسفة لافيل (الطبعة الأولى)، بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، صفحة 112. بتصرّف.
  4. كامل محمد عويضة، جان بول سارتر - فيلسوف الحرية (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 30، جزء 21. بتصرّف.
15164 مشاهدة
للأعلى للسفل
×