ديوان طرفة بن العبد

كتابة:
ديوان طرفة بن العبد

التعريف بديوان طرفة بن العبد

ديوان طرفة بن العبد هو مجموعة لأشعار الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد البكري الوائلي، المولود عام 86 قبل الهجرة والذي يوافق 538م، وهو شاعر جاهلي من بني بكر ويُعدّ من شعراء الطبقة الأولى وهو من أصحاب المعلّقات الجاهلية المعروفة.[١]

ولد في بادية البحرين وتنقّل في بقاع نجد، واتصل بالملك عمرو بن هند وكان من ندمائه ولكنّ أبياتًا قالها طرفة وصلت إلى أسماع عمرو بن هند جعلته ينقم عليه ويأمر بقتله، حتى مات طرفة بن العبد مقتولًا في البحرين عام 60 قبل الهجرة والذي يوافق 564م.[١]

جُمع شعر طرفة بن العبد في ديوان يضم 18 مقطوعة و16 قصيدة، ويبلغ عدد أبيات الديوان 400 بيت تقريبًا،[٢] صدرت للديوان طبعات كثيرة منها طبعة مدينة شالون الفرنسية عام 1900م، وعني بهذه الطبعة مكس سلغوس.[٣]

ومنها كذلك طبعة دار المعرفة في لبنان وصدرت بعناية عبد الرحمن المصطاوي وحمدو طماس، وصدرت الطبعة الأولى سنة 2003م،[٤] ويوجد كذلك طبعة دار الكتب العلمية بتحقيق مهدي محمد ناصر الدين وصدرت عام 2001م.[٢]

البحور الشعرية في ديوان طرفة بن العبد

قال طرفة بن العبد كثيرًا من الشعر على مختلف البحور الشعرية، ومنها ما يأتي:

  • البحر الطويل:

لِخَولَةَ أَطلالٌ بِبُرقَةِ ثَهمَدِ

تَلوحُ كَباقي الوَشمِ في ظاهِرِ اليَدِ.[٥]
  • البحر الكامل:

ما تَنظُرونَ بِحَقِّ وَردَةَ فيكُمُ

صَغُرَ البَنونَ وَرَهطُ وَردَةَ غُيَّبُ.[٦]
  • البحر السريع:

أَسلَمَني قَومي وَلَم يَغضَبوا

لِسَوأَةٍ حَلَّت بِهِم فادِحَه.[٧]
  • البحر البسيط:

أَمّا المُلوكُ فَأَنتَ اليَومَ أَلأَمُهُم

لُؤماً وَأَبيَضُهُم سِربالَ طَبّاخِ.[٨]
  • بحر الرَّمَل:

وَرَكوبٍ تَعزِفُ الجِنُّ بِهِ

قَبلَ هَذا الجيلِ مِن عَهدٍ أَبَد.[٩]

الكتب التي شرحت ديوان طرفة بن العبد

شُرح ديوان طرفة بن العبد قديمًا وحديثًا، ومن أبرز شروحاته ما يأتي:

  • شرح الأعلم الشنتمري:

وهو شرح العالم اللغوي يوسف بن سليمان بن عيسى المعروف بالأعلم الشنتمري أبي الحجاج، وصدر بتحقيق لطفي الصقال ودرية الخطيب، وصدرت هذه الطبعة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، ودائرة الثقافة والفنون في مملكة البحرين عام 2000م.[١٠]

  • شرح مهدي محمد ناصر الدين:

هذا الشرح يقع ضمن الديوان الذي حققه مهدي محمد ناصر الدين وصدر عن دار الكتب العلمية عام 2001م.[٢]

قصائد من ديوان طرفة بن العبد

ترك طرفة بن العبد وراءه أشعارًا حفظها عنه الرواة ودوّنوها في ديوان شعر، ومنها ما يأتي:

قصيدة: سائلوا عنا الذي يعرفنا

قال مفتخرًا بيوم تحلاق اللمم الذي انتصرت به بكر على تغلب في حرب البسوس:

سائِلوا عَنّا الَّذي يَعرِفُنا

بِقُوانا يَومَ تَحلاقِ اللِمَم

يَومَ تُبدي البيضُ عَن أَسوقِها

وَتَلُفُّ الخَيلُ أَعراجَ النَعَم

أَجدَرُ الناسِ بِرَأسٍ صِلدِمٍ

حازِمِ الأَمرِ شُجاعٍ في الوَغَم

كامِلٍ يَحمِلُ آلاءَ الفَتى

نَبِهٍ سَيِّدِ ساداتٍ خِضَم

خَيرُ حَيٍّ مِن مَعَدٍّ عُلِموا

لِكَفِيٍّ وَلِجارٍ وَاِبنِ عَم

يَجبُرُ المَحروبَ فينا مالَهُ

بِبِناءٍ وَسَوامٍ وَخَدَم

نُقُلٌ لِلشَحمِ في مَشتاتِنا

نُحُرٌ لِلنيبِ طُرّادُ القَرَم

نَزَعُ الجاهِلَ في مَجلِسِنا

فَتَرى المَجلِسَ فينا كَالحَرَم

وَتَفَرَّعنا مِنِ اِبنَي وائِلٍ

هامَةَ العِزِّ وَخُرطومَ الكَرَم

مِن بَني بَكرٍ إِذا ما نُسِبوا

وَبَني تَغلِبَ ضَرّابي البُهَم

حينَ يَحمي الناسُ نَحمي سِربَنا

واضِحي الأَوجُهِ مَعروفي الكَرَم

بِحُساماتٍ تَراها رُسَّباً

في الضَريباتِ مُتِرّاتِ العُصُم

وَفُحولٍ هَيكَلاتٍ وُقُحٍ

أَعوَجِيّاتٍ عَلى الشَأوِ أُزُم

وَقَناً جُردٍ وَخَيلٍ ضُمَّرٍ

شُزَّبٍ مِن طولِ تَعلاكِ اللُجُم

أَدَّتِ الصَنعَةُ في أَمتُنِها

فَهيَ مِن تَحتُ مُشيحاتُ الحُزُم

تَتَّقي الأَرضَ بِرُحٍّ وُقُحٍ

وُرُقٍ يَقعَرنَ أَنباكَ الأَكَم

وَتَفَرّى اللَحمُ مِن تَعدائِها

وَالتَغالي فَهيَ قُبٌّ كَالعَجَم

خُلُجُ الشَدِّ مُلِحّاتٌ إِذا

شالَتِ الأَيدي عَلَيها بِالجِذَم

قُدُماً تَنضو إِلى الداعي إِذا

خَلَّلَ الداعي بِدَعوى ثُمَّ عَم

بِشَبابٍ وَكُهولٍ نُهُدٍ

كَلُيوثٍ بَينَ عِرّيسِ الأَجَم

نُمسِكُ الخَيلَ عَلى مَكروهِها

حينَ لا يُمسِكُ إِلّا ذو كَرَم

نَذَرُ الأَبطالَ صَرعى بَينَها

تَعكُفُ العِقبانُ فيها وَالرَخَم.[١١]

قصيدة: إن امرأ سرف الفؤاد يرى

قال في مدح قتادة بن مسلم الحنفي الذي قصده قوم طرفة في سنة شحٍّ فبذل لهم الكثير:

إِنَّ اِمرَأً سَرفَ الفُؤادِ يَرى

عَسَلاً بِماءِ سَحابَةٍ شَتمي

وَأَنا اِمرُؤٌ أُكوى مِنَ القَصرِ ال

بادي وَأَغشى الدُهمَ بِالدُهمِ

وَأُصيبُ شاكِلَةَ الرِمِيَّةِ إِذ

صَدَّت بِصَفحَتِها عَنِ السَهمِ

وَأُجِرُّ ذا الكَفِلِ القَناةَ عَلى

أَنسائِهِ فَيَظَلُّ يَستَدمي

وَتَصُدُّ عَنكَ مَخيلَةَ الرَجُلِ ال

عِرّيضِ موضِحَةٌ عَنِ العَظمِ

بِحُسامِ سَيفِكَ أَو لِسانِكَ وَال

كَلِمُ الأَصيلُ كَأَرغَبِ الكَلمِ

أَبلِغ قَتادَةَ غَيرَ سائِلِهِ

مِنهُ الثَوابَ وَعاجِلَ الشَكمِ

أَنّي حَمِدتُكَ لِلعَشيرَةِ إِذ

جاءَت إِلَيكَ مُرِقَّةَ العَظمِ

أَلقَوا إِلَيكَ بِكُلِّ أَرمَلَةٍ

شَعثاءَ تَحمِلُ مَنقَعَ البُرمِ

فَفَتَحتَ بابَكَ لِلمَكارِمِ حي

نَ تَواصَتِ الأَبوابُ بِالأَزمِ

وَأَهَنتَ إِذ قَدِموا التَلادَ لَهُم

وَكَذاكَ يَفعَلُ مُبتَني النِعمِ

فَسَقى بِلادَكَ غَيرَ مُفسِدِها

صَوبُ الغَمامِ وَديمَةٌ تَهمي.[١٢]

قصيدة: أشجاك الربع أم قدمه

قال متهدِّدًا ومتوعِّدًا: أَشَجاكَ الرَبعُ أَم قِدَمُه

أَم رَمادٌ دارِسٌ حُمَمُه

كَسُطورِ الرِقِّ رَقَّشَهُ

بِالضُحى مُرَقِّشٌ يَشِمُه

لَعِبَت بَعدي السُيولُ بِهِ

وَجَرى في رَيِّقٍ رِهَمُه

جَعَلَتهُ حَمَّ كَلكَلِها

لِرَبيعٍ ديمَةٌ تَثِمُه

فَالكَثيبُ مُعشِبٌ أُنُفٌ

فَتَناهيهِ فَمُرتَكَمُه

حابِسي رَسمٌ وَقَفتُ بِهِ

لَو أُطيعُ النَفسَ لَم أَرِمُه

لا أَرى إِلّا النَعامَ بِهِ

كَالإِماءِ أَشرَفَت حُزَمُه

تَذكُرونَ إِذ نُقاتِلُكُم

لا يَضُرُّ مُعدِماً عَدَمُه

أَنتُمُ نَخلٌ نُطيفُ بِهِ

فَإِذا ما جُزَّ نَصطَرِمُه

وَعَذاريكُم مُقَلِّصَةٌ

في ذَعاعِ النَخلِ تَجتَرِمُه

عُجُزٌ شُمطٌ مَعاً لَكُمُ

تَصطَلي نيرانَهُ خَدَمُه

خَيرُ ما تَرعَونَ مِن شَجَرٍ

يابِسُ الطَحماءِ أَو سَحَمُه

فَسَعى الغَلّاقُ بَينَهُمُ

سَعيَ خَبٍّ كاذِبٍ شِيَمُه

أَخَذَ الأَزلامَ مُقتَسِماً

فَأَتى أَغواهُما زُلَمُه

وَالقَرارُ بَطنُهُ غَدَقٌ

زَيَّنَت جَلهاتِهِ أَكَمُه

فَفَعَلنا ذَلِكُم زَمَناً

ثُمَّ دانى بَينَنا حَكَمُه

إِن تُعيدوها نُعِد لَكُمُ

مِن هِجاءٍ سائِرٍ كَلِمُه

وَقِتالٍ لا يُغِبُّكُمُ

في جَميعٍ جَحفَلٍ لَهِمُه

رِزُّهُ قَدِّم وَهَب وَهَلا

ذي زُهاءٍ جَمَّةٍ بُهَمُه

يَترُكونَ القاعَ تَحتَهُمُ

كَمَراغٍ ساطِعٍ قَتَمُه

لا تَرى إِلّا أَخا رَجُلٍ

آخِذاً قِرناً فَمُلتَزِمُه

فَالهَبيتُ لا فُؤادَ لَهُ

وَالثَبيتُ ثَبتُهُ فَهَمُه

لِلفَتى عَقلٌ يَعيشُ بِهِ

حَيثُ تَهدي ساقَهُ قَدَمُه.[١٣]

قصيدة: أما ترى العارض المنهل دانيه

قال متغزِّلًا: أَما تَرى العارِضَ المُنهَلَّ دانيهِ

قَد طَبَّقَ الأَرضَ وَاِنحَلَّت عَزاليهِ

فَالريحُ تُزجيهِ تاراتٍ وَتَحدُرُهُ

وَالرَعدُ يُنجيهِ طَوراً أَو يُناجيهِ

يَبكي فَيَضحَكُ وَجهُ الأَرضِ عَن زَهَرٍ

كَالوَشيِ بَل لا تَرى وَشياً يُدانيهِ

مازالَ يَسكُبُ سَحّاً مُسبِلاً غَدَقاً

لا يَستَفيقُ وَلي عَينٌ تُباريهِ

سَحّاً بِسَحٍّ وَإِسبالاً بِمُسبَلَةٍ

دَمعٌ يَبوحُ بِشَجوٍ كُنتُ أُخفيهِ

ثُمَّ اِنجَلى وَدُموعي غَيرُ راقِأَةٍ

وَالقَلبُ فيهِ مِنَ الأَشجانِ ما فيهِ

شَوقاً إِلى رَشَإٍ لا الشَمسُ تُشبِهُهُ

وَلا الهِلالُ إِذا تَمَّت لَياليهِ

لَكِنَّهُ فِتنَةٌ في الأَرضِ عارِضَةٌ

يُبلي فُؤادي بِلا جُرمٍ وَيُضنيهِ

وَقَد تَبَيَّنَ أَنّي مُغرَمٌ كَلِفٌ

فَاِستَشعَرَ العُجبَ في ضَنٍّ وَفي تيهِ.[١٤]

قصيدة: لهند بحزانِ الشريف طلول

قال في هجاء عبد عمرو بن بشر: لِهِندٍ بِحِزّانِ الشَريفِ طُلولُ

تَلوحُ وَأَدنى عَهدِهِنَّ مُحيلُ

وَبِالسَفحِ آياتٌ كَأَنَّ رُسومَها

يَمانُ وَشَتهُ رَيدَةٌ وَسَحولُ

أَرَبَّت بِها نَآجَةٌ تَزدَهي الحَصى

وَأَسحَمُ وَكّافُ العَشِيِّ هَطولُ

فَغَيَّرنَ آياتِ الدِيارِ مَعَ البِلى

وَلَيسَ عَلى رَيبِ الزَمانِ كَفيلُ

بِما قَد أَرى الحَيَّ الجَميعَ بِغِبطَةٍ

إِذا الحَيُّ حَيٌّ وَالحُلولُ حُلولُ

أَلا أَبلِغا عَبدَ الضَلالِ رِسالَةً

وَقَد يُبلِغُ الأَنباءَ عَنكَ رَسولُ

دَبَبتَ بِسِرّي بَعدَما قَد عَلِمتَهُ

وَأَنتَ بِأَسرارِ الكِرامِ نَسولُ

وَكَيفَ تَضِلُّ القَصدَ وَالحَقُّ واضِحٌ

وَلِلحَقِّ بَينَ الصالِحينَ سَبيلُ

وَفَرَّقَ عَن بَيتَيكَ سَعدَ بنَ مالِكٍ

وَعَوفاً وَعَمرواً ما تَشي وَتَقولُ

فَأَنتَ عَلى الأَدنى شَمالٌ عَرِيَّةٌ

شَآمِيَّةٌ تَزوي الوُجوهَ بَليلُ

وَأَنتَ عَلى الأَقصى صَباً غَيرُ قَرَّةٍ

تَذاءَبَ مِنها مُرزِغٌ وَمُسيلُ

وَأَنتَ اِمرُؤٌ مِنّا وَلَستَ بِخَيرِنا

جَواداً عَلى الأَقصى وَأَنتَ بَخيلُ

فَأَصبَحتَ فَقعاً نابِتاً بِقَرارَةٍ

تَصَوَّحُ عَنهُ وَالذَليلُ ذَليلُ

وَأَعلَمُ عِلماً لَيسَ بِالظَنِّ أَنَّهُ

إِذا ذَلَّ مَولى المَرءِ فَهوَ ذَليلُ

وَإِنَّ لِسانَ المَرءِ ما لَم تَكُن لَهُ

حَصاةٌ عَلى عَوراتِهِ لَدَليلُ

وَإِنَّ اِمرَأً لَم يَعفُ يَوماً فُكاهَةً

لِمَن لَم يُرِد سوءً بِها لَجَهولُ

تَعارَفُ أَرواحُ الرِجالِ إِذا اِلتَقَوا

فَمِنهُم عَدُوٌّ يُتَّقى وَخَليلُ.[١٥]

قصيدة: أتعرف رسم الدار قفرا منازله

قال في الوقوف على الأطلال:

أَتَعرِفُ رَسمَ الدارِ قَفراً مَنازِلُه

كَجَفنِ اليَمانِ زَخرَفَ الوَشيَ ماثِلُه

بِتَثليثَ أَو نَجرانَ أَو حَيثُ تَلتَقي

مِنَ النَجدِ في قَيعانِ جَأشٍ مَسائِلُه

دِيارٌ لِسَلمى إِذ تَصيدُكَ بِالمُنى

وَإِذ حَبلُ سَلمى مِنكَ دانٍ تُواصُلُه

وَإِذ هِيَ مِثلُ الرَئمِ صيدَ غَزالُها

لَها نَظَرٌ ساجٍ إِلَيكَ تُواغِلُه

غَنينا وَما نَخشى التَفَرُّقَ حِقبَةً

كِلانا غَريرٌ ناعِمُ العَيشِ باجِلُه

لَيالِيَ أَقتادُ الصِبا وَيَقودُني

يَجولُ بِنا رَيعانُهُ وَيُحاوِلُه

سَما لَكَ مِن سَلمى خَيالٌ وَدونَها

سَوادُ كَثيبٍ عَرضُهُ فَأَمايِلُه

فَذو النيرِ فَالأَعلامُ مِن جانِبِ الحِمى

وَقُفٌّ كَظَهرِ التُرسِ تَجري أَساجِلُه

وَأَنّى اِهتَدَت سَلمى وَسائِلَ بَينَنا

بَشاشَةُ حُبٍّ باشَرَ القَلبَ داخِلُه

وَكَم دونَ سَلمى مِن عَدوٍّ وَبَلدَةٍ

يَحارُ بِها الهادي الخَفيفُ ذَلاذِلُه

يَظَلُّ بِها عَيرُ الفَلاةِ كَأَنَّهُ

رَقيبٌ يُخافي شَخصَهُ وَيُضائِلُه

وَما خِلتُ سَلمى قَبلَها ذاتَ رِجلَةٍ

إِذا قَسوَريُّ اللَيلِ جيبَت سَرابِلُه

وَقَد ذَهَبَت سَلمى بِعَقلِكَ كُلِّهِ

فَهَل غَيرُ صَيدٍ أَحرَزَتهُ حَبائِلُه

كَما أَحرَزَت أَسماءُ قَلبَ مُرَقِّشٍ

بِحُبٍّ كَلَمعِ البَرقِ لاحَت مَخايِلُه

وَأَنكَحَ أَسماءَ المُراديُّ يَبتَغي

بِذَلِكَ عَوفٌ أَن تُصابَ مَقاتِلُه

فَلَمّا رَأى أَن لا قَرارَ يُقِرُّهُ

وَأَنَّ هَوى أَسماءَ لا بُدَّ قاتِلُه

تَرَحَّلَ مِن أَرضِ العِراقِ مُرَقِّشٌ

عَلى طَرَبٍ تَهوي سِراعاً رَواحِلُه

إِلى السَروِ أَرضٌ ساقَهُ نَحوَها الهَوى

وَلَم يَدرِ أَنَّ المَوتَ بِالسَروِ غائِلُه

فَغودِرَ بِالفَردَينِ أَرضٍ نَطيَّةٍ

مَسيرَةِ شَهرٍ دائِبٍ لا يُواكِلُه

فَيا لَكَ مِن ذي حاجَةٍ حيلَ دونَها

وَما كُلُّ ما يَهوى اِمرُؤٌ هُوَ نائِلُه

فَوَجدي بِسَلمى مِثلُ وَجدِ مُرَقِّشٍ

بِأَسماءَ إِذ لا تَستَفيقُ عَواذِلُه

قَضى نَحبَهُ وَجداً عَلَيها مُرَقِّشٌ

وَعُلَّقتُ مِن سَلمى خَبالاً أُماطِلُه

لَعَمري لَمَوتٌ لا عُقوبَةَ بَعدَهُ

لِذي البَثِّ أَشفى مِن هَوىً لا يُزايِلُه[١٦]

قصيدة: لخولة بالأجزاع من إضم طلل

قال في القدر الذي لا بد من مجيئه: لِخَولَةَ بِالأَجزاعِ مِن إِضَمٍ طَلَل

وَبِالسَفحِ مِن قَوٍّ مُقامٌ وَمُحتَمَل

تَرَبُّعُهُ مِرباعُها وَمَصيفُها

مِياهٌ مِنَ الأَشرافِ يُرمى بِها الحَجَل

فَلا زالَ غَيثٌ مِن رَبيعٍ وَصَيِّفٍ

عَلى دارِها حَيثُ اِستَقَرَّت لَهُ زَجَل

مَرَتهُ الجَنوبُ ثُمَّ هَبَّت لَهُ الصَبا

إِذا مَسَّ مِنها مَسكَناً عُدمُلٌ نَزَل

كَأَنَّ الخَلايا فيهِ ضَلَّت رِباعُها

وَعوذاً إِذا ما هَدَّهُ رَعدُهُ اِحتَفَل

لَها كَبِدٌ مَلساءُ ذاتُ أَسِرَّةٍ

وَكَشحانِ لَم يَنقُض طِوائُهُما الحَبَل

إِذا قُلتُ هَل يَسلو اللُبانَةَ عاشِقٌ

تَمُرُّ شُؤونُ الحُبِّ مِن خَولَةَ الأَوَل

وَما زادَكَ الشَكوى إِلى مُتَنَكِّرٍ

تَظَلُّ بِهِ تَبكي وَلَيسَ بِهِ مَظَل

مَتى تَرَ يَوماً عَرصَةً مِن دِيارِها

وَلَو فَرطَ حَولٍ تَسجُمُ العَينُ أَو تُهَل

فَقُل لِخَيالِ الحَنظَليَّةِ يَنقَلِب

إِلَيها فَإِنّي واصِلٌ حَبلَ مَن وَصَل

أَلا إِنَّما أَبكي لِيَومٍ لَقيتُهُ

بِجُرثُمَ قاسٍ كُلُّ ما بَعدَهُ جَلَل

إِذا جاءَ ما لا بُدَّ مِنهُ فَمَرحَباً

بِهِ حينَ يَأتي لا كِذابٌ وَلا عِلَل

أَلا إِنَّني شَرِبتُ أَسوَدَ حالِكاً

أَلا بَجَلي مِنَ الشَرابِ أَلا بَجَل

فَلا أَعرِفَنّي إِن نَشَدتُكَ ذِمَّتي

كَداعي هَديلٍ لا يُجابُ وَلا يَمَل.[١٧]

قصيدة: قفي ودعينا اليوم يا ابنة مالك

قال في مدح سعد بن مالك: قِفي وَدِّعينا اليَومَ يا اِبنَةَ مالِكِ

وَعوجي عَلَينا مِن صُدورِ جِمالِكِ

قِفي لا يَكُن هَذا تَعِلَّةَ وَصلِنا

لِبَينٍ وَلا ذا حَظُّنا مِن نَوالِكِ

أُخَبِّركِ أَنَّ الحَيَّ فَرَّقَ بَينَهُم

نَوى غُربَةٍ ضَرّارَةٍ لي كَذَلِكِ

وَلَم يُنسِني ما قَد لَقيتُ وَشَفَّني

مِنَ الوَجدِ أَنّي غَيرُ ناسٍ لِقاءَكِ

وَما دونَها إِلّا ثَلاثٌ مَآوِبٌ

قُدِرنَ لِعيسٍ مُسنِفاتِ الحَوارِكِ

وَلا غَروَ إِلّا جارَتي وَسُؤالُها

أَلا هَل لَنا أَهلٌ سُئِلتِ كَذَلِكِ

تُعَيِّرُ سَيري في البِلادِ وَرِحلَتي

أَلا رُبَّ دارٍ لي سِوى حُرُّ دارِكِ

وَلَيسَ اِمرُؤٌ أَفنى الشَبابَ مُجاوِراً

سِوى حَيِّهِ إِلّا كَآخَرَ هالِكِ

أَلا رُبَّ يَومٍ لَو سَقِمتُ لَعادَني

نِساءٌ كِرامٌ مِن حُيَيٍّ وَمالِكِ

ظَلِلتُ بِذي الأَرطى فُوَيقَ مُثَقَّبٍ

بِبيئَةِ سَوءٍ هالِكاً أَو كَهالِكِ

وَمِن عامِرٍ بيضٌ كَأَنَّ وُجوهَها

مَصابيحُ لاحَت في دُجىً مُتَحالِكِ

تَرُدُّ عَلَيَّ الريحُ ثَوبِيَ قاعِداً

إِلى صَدَفيٍّ كَالحَنيَّةِ بارِكِ

رَأَيتُ سُعوداً مِن شُعوبٍ كَثيرَةٍ

فَلَم تَرَ عَيني مِثلَ سَعدِ بنِ مالِكِ

أَبَرَّ وَأَوفى ذِمَّةً يَعقِدونَها

وَخَيراً إِذا ساوى الذُرى بِالحَوارِكِ

وَأَنمى إِلى مَجدٍ تَليدٍ وَسورَةٍ

تَكونُ تُراثاً عِندَ حَيٍّ لِهالِكِ

أَبي أَنزَلَ الجَبّارَ عامِلُ رُمحِهِ

عَنِ السَرجِ حَتّى خَرَّ بَينَ السَنابِكِ

وَسَيفي حُسامٌ أَختَلي بِذُبابِهِ

قَوانِسَ بيضِ الدارِ عينَ الدَوارِكِ.[١٨]

مقطوعات من ديوان طرفة بن العبد

ورد في ديوان طرفة العديد من المقطوعات، ومنها:

مقطوعة: إني وجدك ما هجوتك

قال معتذرًا إلى الملك عمرو بن هند: إِنّي وَجَدِّكَ ما هَجَوتُكَ وَال

أَنصابِ يُسفَحُ بَينَهُنَّ دَمُ

وَلَقَد هَمَمتُ بِذاكَ إِذ حُبِسَت

وَأُمِرُّ دونَ عُبَيدَةَ الوَذَمُ

أَخشى عِقابَكَ إِن قَدَرتَ وَلَم

أَغدِر فَيُؤثَرَ بَينَنا الكَلِمُ.[١٩]

مقطوعة: وتقول عاذلتي وليس لها

قال في الموت الذي هو حق:

وَتَقولُ عاذِلَتي وَلَيسَ لَها

بِغَدٍ وَلا ما بَعدَهُ عِلمُ

إِنَّ الثَراءَ هُوَ الخُلودُ وَإِنَّ

المَرءَ يُكرِبُ يَومَهُ العُدمُ

وَلَئِن بَنيتُ إِلى المُشَقَّرِ في

هَضبٍ تُقَصِّرُ دونَهُ العُصمُ

لَتُنَقِّبَن عَنّي المَنِيَّةُ إِنَّ

اللَهَ لَيسَ لِحُكمِهِ حُكمُ.[٢٠]

مقطوعة: يا عجبا من عبد عمرو وبغيه

قال في عبد عمرو الذي هجاه في قصيدة سابقة:

يا عَجَبا مِن عَبدِ عَمروٍ وَبَغيِهِ

لَقَد رامَ ظُلمي عَبدُ عَمروٍ فَأَنعَما

وَلا خَيرَ فيهِ غَيرَ أَنَّ لَهُ غِنىً

وَأَنَّ لَهُ كَشحاً إِذا قامَ أَهضَما

يَظَلُّ نِساءُ الحَيِّ يَعكُفنَ حَولَهُ

يَقُلنَ عَسيبٌ مِن سَرارَةِ مَلهَما

لَهُ شَربَتانِ بِالنَهارِ وَأَربَعٌ

مِنَ اللَيلِ حَتّى آضَ سُخداً مُوَرَّما

وَيَشرَبُ حَتّى يَغمُرَ المَحضُ قَلبَهُ

وَإِن أُعطَهُ أَترُك لِقَلبِيَ مَجثَما

كَأَنَّ السِلاحَ فَوقَ شُعبَةِ بانَةٍ

تَرى نَفَخاً وَردَ الأَسِرَّةِ أَسحَما.[٢١]

مقطوعة: يا لك من قبرة بمعمر

قال مخاطبًا قبّرة في عشها: يا لَكِ مِن قُبَّرَةٍ بِمَعمَرِ

خَلا لَكِ الجَوَّ فَبيضي وَاِصفِري

قَد رُفِعَ الفَخُّ فَماذا تَحذَري

وَنَقِّري ما شِئتِ أَن تُنَقَّري

قَد ذَهَبَ الصَيّادُ عَنكِ فَاِبشِري

لا بُدَّ يَوماً أَن تُصادي فَاِصبِري.[٢٢]

المراجع

  1. ^ أ ب الزركلي، الأعلام، صفحة 225. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت طرفة بن العبد، ديوان طرفة بن العبد _ تحقيق مهدي محمد ناصر الدين، صفحة 1. بتصرّف.
  3. طرفة بن العبد، ديوان طرفة بن العبد _ تحقيق مكس سلغوس، صفحة 7. بتصرّف.
  4. طرفة بن العبد، ديوان طرفة بن العبد _ بعناية حمدو طماس وعبد الرحمن مصطاوي، صفحة 1 - 3. بتصرّف.
  5. "لخولة أطلال ببرقة ثهمد"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021.
  6. "ما تنظرون بحق وردة فيكم"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021.
  7. "أسلمني قومي ولم يغضبوا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021.
  8. "أما الملوك فأنت اليوم ألأمهم"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021.
  9. "وركوب تعزف الجن به"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021.
  10. الأعلم الشنتمري، شرح ديوان طرفة بن العبد، صفحة 1. بتصرّف.
  11. "سائلوا عنا الذي يعرفنا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021.
  12. "إن امرأ سرف الفؤاد يرى"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021.
  13. "أشجاك الربع أم قدمه"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021.
  14. "أما ترى العارض المنهل دانيه"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021.
  15. "لهند بحزان الشريف طلول"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021.
  16. "أتعرف رسم الدار قفرا منازله"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021.
  17. "لخولة بالأجزاع من إضم طلل"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021.
  18. "قفي ودعينا اليوم يا ابنة مالك"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021.
  19. "إني وجدك ما هجوتك وال"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021.
  20. "وتقول عاذلتي وليس لها"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021.
  21. "يا عجبا من عبد عمرو وبغيه"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021.
  22. "يا لك من قبرة بمعمر"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021.
5605 مشاهدة
للأعلى للسفل
×