رسالة شكر للمعلم الفاضل

كتابة:
رسالة شكر للمعلم الفاضل

رسالة شكر للمعلم الفاضل

معلمي الفاضل، أكتب إليك هذه الكلمات لأعبّر لك ولو عن جزءٍ صغير من شكري وتقديري واحترامي لك، فأنت من أنار عقلي بالعلم وعلّمني كيف أخطّ بالقلم وأتهجّى الحروف، وأنت من جعل لمسيرتي العلمية معنى كبيرًا بفضل جهودك الدؤوبة فلم تمنع عني يومًا أيّ معلومة، ولم تبخل بأيّ ملاحظةٍ مفيدة، وكنت وما زلت بالنّسبة لي بمثابة الأب الحاني الذي يُعلّم أبناءه كلّ مفيد، فأنت يا معلمي الكريم مثل الشمعة التي لم تنشغل باحتراقها، بل همّها إنارة الطريق للآخرين.


معلّمي الفاضل، لو كان بإمكاني أن أستعيد يومًا واحدًا من أيامي لاخترت أن يكون يومًا في طلب العلم، فأنت مَن زرع الشّغف في قلبي حتى أصل إلى ما أُريد، وأنت الذي علّمتني ألّا أتخلّى عن طموحي مهما كانت الظروف، ولم يزل صوتك وأنت تلهج بالمعارف يرنّ في أذني، فكانت دراستي واجتهادي ثمرة تشجيعك، واستمراري إلى اليوم في طلب العلم ما هو إلّا حرصٌ مني على أن أكون مثلك قدوة للآخرين في طلب العلم وتعليم الآخرين، فالعلم ليس تلقينًا للمعلومات، بل هو رسالة مهمة تحمل في معانيها أسمى القيم والأخلاق، وهذا ما فعلته معي ومع زملائي عندما سلّحتنا بالأخلاق أولًا وبالعلم ثانيًا، وضربت لنا أروع الأمثلة حتى نتعلّمها.


معلّمي الكريم، طالما كان للمعلّم مكانة مرموقة في جميع المجتمعات لا يعرف التلميذ حقًا إلّا بعد وقت، ولم نُدرك هذه القيمة إلّا عندما أخذتنا الدروب وعرفنا جوهر الحياة، وكيف أنّ من علّمنا هو الشخص الذي يستحق أن نتباهى به ونتّخذه قدوة، وعرفنا أنّ قسوتك علينا أحيانًا لم تكن إلّا من باب المحبة، وأنّ توجيهاتك وانتقاداتك لم تكن لأجل الانتقاد، وإنّما حتى نُصبح أفضل، وأشهد أنّك قد أدّيت رسالة العلم بكلّ ما أُوتيت من كرم النفس، فانعكس هذا علينا نحن طلّابك الذين كنت تقول لهم إنّهم أبناؤك، وأشعلتَ في داخل قلوبنا شمسًا لا تغيب، وزرعت في دروبنا ورودًا معطرة بالحب، وعلّمتنا كيف نكون إيجابيين في حياتنا.


معلمي الغالي، يا من صنعت منّا جيلًا واعيًا، وربّيت فينا العقل ليُفكّر بطريقةٍ صحيحة ليس فيها أيّ صدأ أو خطأ، فأنت أنشأت في دواخلنا عالمًا من الامتنان لهذه الحياة التي أتاحت لنا فرصة أن نكون طلابًا للعلم، فأصبح الوقت بالنسبة لنا سباقًا نحو الرفعة والتطوّر، وأصحبنا نرى الحياة بمنظور المحارب الذي يُريد أن ينتصر فيها على الجهل، وأن يضع بصمةخيرٍ في كلّ محفلٍ من محافل العلم، ليكون منّا الطبيب والمهندس والصيدلانيّ والمُحامي، ويكون منّا القائد الذين تفتخر به، وترفع به رأسك عاليًا لتقول للجميع إنّ هؤلاء تلاميذي الذين لم يضع جهدي معهم، ولم يكسروا أملي بهم.


معلمي الفاضل، أعدك أنني لن أخيّب آمالك في أن تراني مُتميّزًا، ولن أتوانى لحظة واحدة في أن أعمل بجدٍ وأكمل رسالتك التي بدأت، ولن أنسى ما حييت كلماتك ووصاياك وكيف أنّك كنت بالنسبة لي ولزملائي أكثر من معلم، بل الناصح والمرشد الذي كان يُعطينا نصائحه بلهجة المُحب الذي يتمنى أن يرانا أحسن الناس، فاسمح لي أيّها المعلم الإنسان أن أحمل كلماتك في القلب وأرويها بماء المحبة، وأن أتغنّى بقصائد الشعراء الذين وصفوك، لكنّ الله تعالى أكرمك بمكانةٍ عظيمة وشرّفك بوسام التعليم، فهي أنبل المهن وأكثرها سموًا، فهنيئًا لك يا معلمي على هذه المكانة العالية.


معلمي الغالي، لو كان الأمر بيدي لجعلتُ حروف اسمك أغنية يُردّدها الجميع، ولكتبتُ اسمكَ على القمر ليعرف الجميع قدرك في قلبي، فأنا عاجزٌ عن شكرك، لكنّني لن أعجز عن دعائي لك بأن تبقى نبراسًا للعلم ونبعًا يأتي إليه الجميع حتى ينهلوا من علمه وأدبه وثقافته، فمنك تعلّمتُ حبّ الكتاب وعقدت معه صداقة لن تنتهي، فأصبحت أقرأ الكتب كما لو أنّني أُسافر قي دنيا من الجمال، ومنك أيضًا عرفت كيف يُمكن لشخصٍ واحد أن يبني مجد أمته بحرصه وجدّه واجتهاده، وتفانيه في عمله لأجل طلابه، لأنه يؤمن أن صيانة المجتمع ورفعته تبدأ بتربية وتعليم أبنائه.


معلمي الفاضل، أعدك أن أكون دائمًا ذلك التلميذ النجيب الذي لا يُخلف موعد العلم أبدًا، مهما كبرت وتغيّرت بي الظروف والأحداث، وأعدُك أن أُعلّم أبنائي أنّ المعلّم هو الأب والصديق والنور الذي يجب أن نتبعه، فأنت يا معلمي زرعت في أعماقي أفضل ما يمكن حصاده، وجعلتني فخورًا بنفسي، ومنحتني الثقة التي تدفعني للتقدّم في كلّ وقت، فطوبى لغبار الطباشير الذي سقط على ملابسك وأنت تُعلّمنا، وطوبى للسبورة التي خطّت أناملك عليها حتى تحلّ لنا المسائل وتكتب لنا الكلمات، وطُوبى لصوت الجرس الذي يقرع قبل طابور الصباح حتى ننتظم أمامك ونُلقي تحية العلم.


مُعلّمي الحبيب، في نهاية رسالتي إليك، أعترفُ أنّني عجزت أن أعبّر لك عن كلّ ما في قلبي، لكنّني أثق بإحساسك العميق الذي لم يخذلنا يومًا، وأعرف أنّ المعنى قد وصل لكَ دون أيّ جسور ودون تكلّف، وإنّني إذ أدعو الله العظيم أن تكون دائمًا في أفضل حال، وأن يظلّ عطاؤك مُستمرًّا مثل الماء الصافي، فأنا لن أنسى فضلك ما حَييت، ولن أتَوانى عن خدمتك بكلّ ما أوتيت لك من الحب.


تقبّل منّي يا مُعلّمي خالص الأماني بأن تبقى المُعلّم الأفضل الذي يستحقّ كلّ جوائز التكريم؛ لأنّه باني المجتمعات ومسلّح الأجيال بالعلم والمعرفة، دُمتَ يا مُعلّمي فخرًا وعزًّا وقدوة، وشكرًا لك على كلّ شيء، وكَم هي كلمة شكرًا تبدو صغيرة أمام ما في قلبي لك من عظيم المحبّة والامتنان، ويكفي أنّني كلّما تذكّرت نصائحك، دعوت الله لك أن يبقى علمك منارة لي ولجميع من يتتلمذون على يديك.



لقراءة المزيد من الكلمات، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: كلمة عن فضل المعلم.

2047 مشاهدة
للأعلى للسفل
×