سؤال الذات في الأدب العربي

كتابة:
سؤال الذات في الأدب العربي

أساليب الكتابة الأدبية

قبل تعريف سؤال الذات في الأدب العربي، تجدر الإشارة إلى أنّ سؤال الذات هو أسلوب من الأساليب الأدبية التي يعمد إليها الشاعر أو الكاتب لبث مشاعره وعواطفه وأحاسيسه وإيصالها إلى المُتلقي، وسؤال الذات هو أسلوب من الأساليب الفنية التعبيرية في الشعر والنثر، إلى جانب أساليب أخرى مثل الحوار بين شخصيتين، أو محاكاة الخيال، أو محاكاة الطبيعة، أو استذكار الماضي، إلى غير ذلك من الأساليب التي تميز كل كاتب عن غيره، وتطبع مؤلفه بطابع خاص يميزه عن غيره من المؤلفات.[١]

سؤال الذات في الأدب العربي

سؤال الذات في الأدب العربي هو أسلوب من أساليب الكتابة الأدبية التي يهدف من خلالها الشاعر أو الكاتب إلى ترجمة أحاسيسه، وإيصال فكرته عبر توجيه مجموعة من الأسئلة لذاته في قالب فني شعري أو نثري، إما باستخدام ضمير المتكلم أو الغائب، ومن النّقاد من ربط بين سؤال الذات وبين المدرسة الرومانسية التي نشأت في غرب أوروبا في أواخر القرن الثامن عشر، وهدفت إلى الخروج من نمط الأفكار الكلاسيكية إلى النظر في الذات وسؤالها ومخاطبتها.[٢]

وتظهر في أسلوب سؤال الذات الانفعالات والمشاعر الوجدانية الذاتية بشكل واضح؛ لأن الشاعر يظلّ ملتفتًا إلى ذاته في النص يحاورها ويحاول استخلاص مشاعرها وأفكارها وكأنها كائن حي مستقل عنه، فيغدو النص نصًا فنيًا مؤثرًا، ويُعرف هذا النوع من النصوص بصدقه وسرعة وصوله إلى المتلقي، ومن الأشكال الأدبية التي يظهر فيها سؤال الذات في الأدب المُذكّرات، والرسائل الحميمية، واليوميات والاعترافات، إضافة إلى الشعر الرومانسي الوجداني، ومن روّاده جبران خليل جبران، وإيليا أبو ماضي وغيرهم.[٢]

مثال على سؤال الذات في الأدب العربي

سبقت الإشارة إلى تعريف سؤال الذات في الأدب العربي، ويجد الباحث عن نصوص اُستخدم فيها سؤال الذات عددًا من المؤلفات الشعرية والنثرية، منها قصيدة الطلاسم لإيليا أبو ماضي حيث يقول فيها:[٣]

جئتُ، لا أعلم من أين، ولكنّي أتيت
ولقد أبصرت قدّامي طريقًا فمشيت
وسأبقى ماشيًا إن شئتُ هذا أم أبيت
كيف جئتُ؟ كيف أبصرتُ طريقي؟
لستُ أدري!
أجديدٌ أم قديمٌ أنا في هذا الوجود
هل أنا حرّ طليقٌ أم أسيرٌ في قيود
هل أنا قائدُ نفسي في حياتي أم مَقود
أتمنّى أنّني أدري ولكن...
لستُ أدري!
وطريقي، ما طريقي؟ أطويلٌ أم قصير؟
هل أنا أصعدُ أم أهبطُ فيه وأغور
أأنا السّائرُ في الدّربِ أم الدّرب يسير؟
أم كلانا واقفٌ والدّهرُ يجري؟
لستُ أدري!
ليتَ شعري وأنا في عالمِ الغيبِ الأمين
أتُراني كنتُ أدري أنّني فيه دفين
وبأنّي سوف أبدو وبأنّي سأكون
أم تراني كنتُ لا أدرك شيئا؟
لستُ أدري!
أتراني قبلما أصبحت إنسانًا سويّا
أتراني كنت محوًا أم تراني كنت شيّا
ألهذا اللّغز حلّ أم سيبقى أبديّا
لستُ أدري... ولماذا لستُ أدري؟
لستُ أدري!
قد سألتُ البحرَ يومًا هل أنا يا بحر منكا؟
هل صحيحٌ ما رواه بعضُهم عنّي وعنكا؟
أم ترى ما زعموا زورًا وبهتانًا وإفكا؟
ضحكت أمواجُه منّي وقالت:
لستُ أدري!

ويتضّح من الأبيات السابقة سؤال الذات المتكرّر في قصيدة الشاعر إيليا أبو ماضي، حيث يتساءل عن بدايته وطريقه ونهايته، في محاولة لفَهم فلسفة الكون وفلسفة الوجود، حيث جعل الشاعر من ذاته كائنًا آخر يخاطبه، ويختم قصيدته بعدم وصوله إلى إجابة لأسئلته بقوله لستُ أدري، وقد كان ما سبق بيانًا لمعنى سؤال الذات في الأدب العربي، إضافة إلى مثال على توظيف هذا الأسلوب في الشعر العربيّ.

المراجع

  1. "الأسلوب الأدبي والأسلوب العلمي"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-09-14. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "رومانسية"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2019-09-14. بتصرّف.
  3. "الطلاسم"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-09-14.
6504 مشاهدة
للأعلى للسفل
×