سبب نزول آية ( قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا ماكتب الله لنا)

كتابة:
سبب نزول آية ( قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا ماكتب الله لنا)


سبب نزول آية (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا ما كتب الله لنا)

ليس هناكَ سببٌ مخصوصٌ لنزولِ هذه الآية الكريمة، لكنَّها قد نزلت مع ما سبقها من الآياتِ في معرضِ الحديثِ عن موقفِ المنافقينَ الَّذينَ تخلفوا عن غزوةِ تبوكَ، حيث إنَّهم كانوا ينقلون عن رسول الله -صلى الله عليه وسلمَ- أخباراً سيئة، فساءَ كلامهم رسول الله وأصحابه الكرام.[١]

وبعد ذلك أنزلَ الله -عزَّ وجلَّ- قوله: (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)،[٢] وذلك إرشاداً منه لنبيَّه الكريمِ في كيفيةِ الردِّ على أعدائهِ عند شكِّهم في نصرِ الله -عزَّ وجلَّ- له وللمسلمينَ.[١]

تفسير آية (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا ما كتب الله لنا)

يوجِّه الله -عزَّ وجلَّ- نبيَّه الكريم في هذه الآيةِ ويعلِّمه كيفية الردِّ على المنافقينَ المتخلفينَ عنه في غزوةِ تبوكَ والذينَ ينقلون عنهم أخباراً تسوؤهم؛ فيقول له: قل يا محمد لهؤلاءِ المنافقينَ أنَّه لن يُصيبكم إلا ما قد قضاه الله لكم، وما كتبَه الله عليكم في اللوحِ المحفوظِ، ثمَّ أخبرهم أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- هو ناصركم على أعدائكم.[٣]

وبعد ذلك يأمر الله -عزَّ وجلَّ- نبيَّه الكريم ومن آمن معه، بأن يتوكلوا عليه وحده، فلا يرجونَ النصرَ إلَّا من عنده، ولا يخافونَ ولا يخشون أحداً غيره، وسيكونُ جزاء ذلك كلِّه نصرهم على من بغى عليهم وكاد لهم، وكفايتهم كلَّ ما أهمهم.[٣]

لطيفة من آية (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا ما كتب الله لنا)

قال الله -عزَّ وجلَّ- في هذه الآية الكريمة: (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا)،[٢] ولم يقل علينا؛ إشارةً منه إلى أنَّ المصائبَ التي تُصيبُ المؤمن إنَّما هي له لا عليه، وتصبُّ في صالحه وإن كان ظاهرها العذاب؛ إذ إنَّ صبره عليها يؤدي إلىزيادة حسناته، ورفع درجاته، وتثقل بها موازين أعماله.[٤]

وإنَّ هذا الاستنباط يؤكده قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له).[٥]

قراءات آية (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا ما كتب الله لنا)

لقد وردَ لهذه الآيةِ الكريمة ثلاث قراءاتٍ، وفيما يأتي بيانهما مع نسبة كلِّ قراءة لصاحبها:[٦]

  • قراءة الجمهور

لقد قرأ جمهور القرَّاء كلمة يُصيبنَا بتخفيف الياءِ،[٦] وهي تماماً كما وردت في قوله -تعالى-: (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا).[٢]

  • قراءة طلحة بن مصرف

نُسبَ إلى طلحة بن مصرف أنَّه قرأ كلمة يصيبنا بتشديد الياءِ، فأصبحت عنده يصيِّبنا، وكذلك قرأ الآية بكلمة لن، بدل هل.[٦]

  • قراءة عبد الله بن مسعود

قرأ عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- كلمة هل بدل كلمة لن.[٧]


المراجع

  1. ^ أ ب محمد علي الصابوني (1981)، مختصر تفسير ابن كثير (الطبعة 7)، لبنان:بيروت، صفحة 147، جزء 2. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت سورة التوبة، آية:51
  3. ^ أ ب محمد بن جرير الطبري (2001)، جامع البيان عن تأويل آي القرآن (الطبعة 1)، صفحة 495، جزء 11. بتصرّف.
  4. محمد صالح المنجد، دروس للشيخ محمد المنجد، صفحة 17، جزء 105. بتصرّف.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن صهيب بن سنان الرومي، الصفحة أو الرقم:2999، صحيح.
  6. ^ أ ب ت المنتجب الهمذاني (2006)، الفريد في إعراب القرآن المجيد (الطبعة 1)، المدينة المنورة- المملكة العربية السعودية:دار الزمان للنشر والتوزيع، صفحة 277، جزء 3. بتصرّف.
  7. الزمخشري (1407)، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (الطبعة 3)، بيروت:دار الكتاب العربي، صفحة 278، جزء 2. بتصرّف.
5239 مشاهدة
للأعلى للسفل
×