سبب نزول آية (من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى)

كتابة:
سبب نزول آية (من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى)

سبب نزول آية (من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى)

وردَ في كتبِ التفسيرِ روايتين في سببِ نزولِ قول الله -تعالى-: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)،[١] وفيما يأتي بيانُ هاتينِ الروايتينِ:[٢]

  • الرواية الأولى

لقد أنزل الله -عزَّ وجلَّ- هذه الآيةِ الكريمة بعدَ جلوسِ جماعةٍ من أهلِ الكتابِ من اليهودِ والنصارى مع جماعةٍ من أهلِ الأوثانِ، واختلفوا في أفضليةِ بعضهم على بعضٍ؛ حيث ادَّعى كلّ فريقٍ منهم أفضليته على غيره من الملل.

  • الرواية الثانية

لقد أنزل الله -عزَّ وجلَّ- هذه الآية الكريمة في امرئ القيسِ، والذي شهدَ بصدقِ عبدالله بن سلام فيما ادَّعاه من ملكيته لجزءٍ من أرضِ امرئِ القيسِ التي أصابها منذ زمانٍ، فأعطى هذا الأخيرُ عبدالله بن سلام القدرَ الذي ادَّعاه، وزادَ عليهِ مثلهُ.

تفسير آية (من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى)

يبيِّن الله -عزَّ وجلَّ- في هذه الآية الكريمة الجزاءَ الذي رتّبه لكلِّ مَن عملَ عملًا صالحًا موافقًا لما جاء في القرآنِ الكريمِ وسنةِ نبيِّه الكريمِ من المؤمنينَ باللهِ ذكورًا وإناثًا، والمصدقون لوعوده التي رتَّبها لأهلِ طاعته.[٣]

وهذا الجزاء هو وعده بإحياءِ عباده العاملينَ بطاعته وبمقتضى كتابه وسنة نبيِّه حياةً طيبةً تشتملُ على وجوهِ الراحةِ جميعها، وقد تعدّدت آراءُ أهلِ العلمِ في مرادِ الله -عزَّ وجلَّ- من الحياةِ الطيبةِ على أقوالٍ، وفيما يأتي بيان ذلك:[٤]

  • فسَّر علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- الحياةَ الطيبةَ بقناعةِ الإنسانِ بما آتاه الله -عزَّ وجلَّ- في الدنيا.
  • فسَّر عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- الحياةَ الطيبةَ بالرزقِ الحلال الطيِّب والسعادة.
  • فسَّر الضحاك الحياة الطيبة بالرزقِ الحلالِ في الدنيا والعبادة.
  • فسَّر مجاهد وقتادة والحسن الحياةَ الطيبةِ في الجنةِ يومَ القيامة.

وأمَّا الجزاءُ الثاني الذي رتَّبه الله -عزَّ وجلَّ- لهؤلاءِ العبادِ الذينَ تحدَّثت عنهم الآية الكريمة فهو خاصّ بنعيمِ الآخرةِ، وقد بيَّنه الله في قوله -تعالى-: (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)،[١] وهذا الجزاءُ يحتملُ وجهينِ اثنينِ، وهما:[٥]

  • أنْ يجازي الله -عزَّ وجلَّ- عباده يومَ القيامةِ على أحسنِ أعمالهم.
  • أن يضاعف الله -عزَّ وجلَّ- لعباده أجرَ أعمالهم الحسنة.

الدروس المستفادة من آية (من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى)

معلومٌ أنَّ المسلم مأمورٌ بتدبِّر القرآنِ الكريمِ، والتفكُّر في آياته، ومن هذا المنطلق فلا بأس في هذا المقام من ذكر بعض الدروس المستفادةِ من هذه الآية الكريمة:[٦]

  • إنَّ الذكر والأنثى سواسيةٌ عند الله -عزَّ وجلَّ-، ولا فرقَ بينهما من حيث قبول الأعمال الصالحة والجزاء عليها.
  • إنَّ العملَ لا يكونُ مقبولًا عند اللهِ إلَّا إن كان صادرًا ممن يدينُ بدينِ الإسلامِ، وكان العملُ مبنيًا على العقيدة الصحيحة التي ارتضاها الله لعباده.
  • إنَّ طاعة الله -عزَّ وجلَّ- سببٌ من أسباب راحةِ الإنسانِ في الحياةِ الدنيا.
  • إنَّ الله -عزَّ وجلَّ- كريمٌ واسع، يجازي عباده الصالحينَ بأفضلِ جزاءٍ.

المراجع

  1. ^ أ ب سورة النحل، آية:97
  2. مجموعة من المؤلفين (2017)، موسوعة التفسير المأثور (الطبعة 1)، بيروت:دار ابن حزم، صفحة 669، جزء 12. بتصرّف.
  3. محمد بن جرير الطبري (2001)، جامع البيان عن تأويل آي القرآن (الطبعة 1)، صفحة 350، جزء 14. بتصرّف.
  4. محمد علي الصابوني (1981)، مختصر تفسير ابن كثير (الطبعة 7)، بيروت- لبنان:دار القرآن الكريم، صفحة 346، جزء 2. بتصرّف.
  5. علي بن محمد الماوردي، النكت والعيون، بيروت- لبنان:دار الكتب العلمية، صفحة 212، جزء 3. بتصرّف.
  6. محمد سيد طنطاوي (1998)، التفسير الوسيط للقرآن الكريم، الفجالة- القاهرة:دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 231، جزء 8. بتصرّف.
3701 مشاهدة
للأعلى للسفل
×