سبب نزول سورة الأنعام

كتابة:
سبب نزول سورة الأنعام

سبب نزول آية: وما قدروا اللَّه حقّ قدْرِه

وردَ عن ابن عبَّاس ومجاهد أنَّ هذه الآية الكريمة نزلت في قريش، وإلى هذا ذهب ابن جرير، ورأى البعض أنَّها نزلت في بعض اليهود، وتحديدًا في رجل يهودي يدعى فنحاصا، حيث كان يقول: "ما أنزلَ الله على بشرٍ من شيء"، فنزلت الآية، ولكنَّ الراجح أنَّها نزلت في قريش، فاليهود لم يكونوا ينكرون الكتبَ السماوية، أمَّا العرب جميعًا بما فيهم قريش كانوا ينكرون رسالة النبي -صلى الله عليه وسلم- ويزعمون أنَّها من قول البشر.[١]


سبب نزول آية: وهو الذي أنشأَ جنات معروشات وغير معروشات

نزلت هذه الآية في الزكاة وفرضيَّتها، فقد ذهب أكثرُ المفسرين إلى أنَّ قوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}،[٢] يقصَد به الزكاة، وقد وردَ عن ابن عباس أنَّ الرجل كان يزرع زرعه، ثمَّ إذا حان موعد الحصاد امتنع عن إخراج الصدقات ممَّا رزقه الله تعالى فأنزل الله الآية، وذلك حتَّى يعلمَ الناس أنَّ عليهم إخراج زكاة زروعهم.[٣]


سبب نزول آية: قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهًا بِغيرِ علم

نزلت هذه الآية الكريمة في الأشخاص الذين كانوا يئدون البنات في الجاهلية من مضر وربيعة وغيرها، وما كانوا يصنعون بهنَّ خوفًا من الفقر أو السبي.[٤]


سبب نزول آية: قد نعلم إنه ليحزنك

وردَت عدَّة أقوال في سبب نزول هذه الآية، منها ما أورده السدِّي وهو أنَّ أَبُا جَهْلِ التقى بالأخنس بن شريق، فطلبَ الأخنس من أبي جهلٍ أن يخبرهُ عن رسول الله فيما إذا كان صادقًا أم لا، وخصوصًا أنَّهما وحيدان ولا أحد يسمعهما، فأكَّد له أبو جهلٍ صدقَ رسول الله وأنَّه لم يُعرَف عليه كذبٌ أبدًا، إلا أنَّ بني قصي استحوذوا على السقاية والحجابة والندوة والنبوة، ولم يتركوا لبقية قريش شيئًا، وهذا سبب تكذيب النبي، فنزلت الآية، وذهب مقاتل إلى أنَّها نزلت في الحارث بن عامر بن نوفل الذي كان يكذّب النبيَّ علانيةً وعندما يخلو مع أهله يؤكدُ لهم صدقَ النبي صلى الله عليه وسلم.[٥]


سبب نزول آية: ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله

أوردَ الواحدي في سبب نزول الآية ما ذهب إليه ابن عباس أنَّ المشركين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يَا مُحَمَّدُ لَتَنْتَهِيَنَّ عَنْ سَبِّكَ آلِهَتَنَا أَوْ لَنَهْجُوَنَّ رَبَّكَ، فأنزل الله تعالى الآية ونهى المسلمين عن شتم أوثان الكفار حتى لا يسبوا الله تعالى بغير علم، وعن قتادة أنَّ المسلمين كانوا يشتمون أوثان المشركين والكفار فيردُّ أولئك الشتائم بمثلها، فنهى الله عن ذلك.[٦]


سبب نزول آية: ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم اللَّه عليه

سأل المشركون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الشاة إذا ماتت من قتلها، فأخبرهم أنَّ الله يكون قد قتلها، فتعجَّبوا أنَّ ما يقتله النبيُّ وأصحابه حلال وما يقتله الله حرام وهذا حسب زعمهم، فأنزلَ الله تعالى الآية، وعن عكرمة أنَّ أهل فارس من المجوس بعد أن حرَّم الله أكل الميتة أرسلوا إلى المشركين في قريش أنَّ محمدًا يدَّعي هو وأصحابه أنَّهم يطيعون الله ويتَّبعونَ أوامره ثمَّ يزعمونَ أنَّ ذبح الله حرام وذبحهم هم حلال، فأوقعَ ذلك الكلام شيئًا في نفوس بعض المسلمين فنزلت الآية.[٧]


سبب نزول آية: أومن كان ميتا فأحييناه

وردَ عن ابن عباس في سبب نزول الآية أنَّه أريدَ بها حمزة بن عبد المطلب وأبا جهل، فقد رمى أبو جهلٍ رسولَ الله بفرثٍ ولم يكُن حمزة بعد على الإيمان، فوصل الخبر إلى حمزة وهو عائد من الصيد ويحمل في يده قوسًا، فتوجَّه إلى أبي جهل غاضبًا، حتى ارتفع القوس فوق رأسه وصار أبو جهل يتوسَّل إليه ويطلب منه أن يرفق به، ويشكو له أنَّ الرسول يسب آلهتهم ويسفهها، فأجابه حمزة بأنَّه لا يوجد من هو أسفه منهم لأنهم يعبدون الحجارة، ثمَّ أعلن إسلامه، فيه نزلت الآية، وفي بعض الأقوال أنَّها نزلت في عمر بن الخطاب.[٨]


هل كان نزول سورة الأنعام على مراحل؟

وردَ في ذلك عدَّة أقوال، ولكن الراجح ما رويَ عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنَّها لم تنزل على مراحل، بل نزلت جملةً أي دفعةً واحدة في مكة المكرمة باستثناء 6 آيات هي قوله تعالى: {قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ}،[٩] وقوله: {وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}،[١٠] وقوله: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ}،[١١] وقوله: {وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ}،[١٢] وقوله: {وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ}،[١٣] وقوله: {والَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ}.[١٤][١٥]


وذهب الكلبيُّ إلى أنَّ سورة الأانعام نزلت كلُّها في مكة عدا آيتين نزلتا في المدينة المنورة في فنحاص اليهودي عندما قال: ما أنزل الله على بشر من شيء، فأنزل الله تعالى قوله: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى}،[١٦] وما يتعلق بها.[١٥]


كيف كانت ظروف نزول سورة الأنعام؟

نزلت سورة الأنعام بمكة ليلًا جملة ، حولها سبعون ألف ملك يجأرون حولها بالتسبيح لله سبحانه وتعالى، وهذا ما ذكره ابن عباس رضي الله عنه، كما نزلت سورة الأنعام معها موكب من الملائكة، وذكر السدي أنَّه قد نزل معها سبعون ألف ملكًا، وفي الحديث عن ابن عبَّاس قال: "نزلَت سورةُ الأنعامِ جُملةً واحِدة بمَكَّةَ حولَها سبعونَ ألفَ ملَكٍ يحفونّها بالتَّسبيحِ"،[١٧][١٥] وفي حديث آخر عن جابر -رضي الله عنه- أنَّه قال: "لَمَّا نزلَتْ سورةُ الأنعامِ سبَّحَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وقالَ: لقَد شيَّعَ هذِه السُّورةَ منَ الملائِكةِ ما سدَّ الأُفُقَ"،[١٨] والله أعلم.[١٩]

المراجع

  1. ابن كثير، تفسير ابن كثير ط العلمية، صفحة 269. بتصرّف.
  2. سورة الأنعام، آية:141
  3. ابن كثير، تفسير ابن كثير ط العلمية، صفحة 313. بتصرّف.
  4. الطبري، أبو جعفر، تفسير الطبري جامع البيان ت شاكر، صفحة 154-155. بتصرّف.
  5. الواحدي، كتاب أسباب النزول ت الحميدان، صفحة 216. بتصرّف.
  6. الواحدي، كتاب أسباب النزول ت الحميدان، صفحة 221. بتصرّف.
  7. الواحدي، كتاب أسباب النزول ت الحميدان، صفحة 223-224. بتصرّف.
  8. الواحدي، كتاب أسباب النزول ت الحميدان، صفحة 224. بتصرّف.
  9. سورة الأنعام، آية:151
  10. سورة الأنعام، آية:91
  11. سورة الأنعام، آية:93
  12. سورة الأنعام، آية:93
  13. سورة الأنعام، آية:114
  14. سورة الانعام ، آية:20
  15. ^ أ ب ت ابن عطية، تفسير ابن عطية المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، صفحة 265. بتصرّف.
  16. سورة الأنعام، آية:91
  17. رواه ابن حجر العسقلاني، في نتائج الأفكار، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:227، حسن.
  18. رواه ابن حجر العسقلاني، في نتائج الأفكار، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:230، روي مرسلا وموقوفا والمرسل أولى.
  19. محمد إسماعيل المقدم، تفسير القرآن الكريم المقدم، صفحة 4. بتصرّف.
5354 مشاهدة
للأعلى للسفل
×