أسباب نزول سورة الحج
ورد أسباب للنول في بعض الآيات من سورة الحجِّ، نبينها كما يأتي:[١]
- قوله -تعالى-: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ)[٢]
قال المفسّرون في سبب نزولها؛ بأنّ الأعراب كانوا إذا ما قَدِموا المدينة المنورة هجرةً إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكان إذا ما صَحّ جسدهم؛ أو زاد رزقهم، أو طابت معيشتهم، أحالوا هذه الأمور إلى دخولهم الإسلام، وفرحِوا بها وثَبَتوا على دين الله، أمّا إذا أصابهم الشرَّ، وضِيق العيش؛ أحالوا ذلك الضرر إلى الإسلام، وسرعان ما تركوا الدين؛ لظنّهم بأنّهم تاركي ما يُسبب لهم الضرر.
- قوله -تعالى-: (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ)[٣]
ورد في سبب نزولها قولٌ عن الصحابي عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-؛ بأنّها كانت قد نزلت في أهل الكتاب؛ إذ إنَّهم قالوا للمؤمنين بأنَّهم هم أولى منهم، وأقدم منهم كتابًا، ونبيهم أقدم من محمد -صلى الله عليه وسلم-.
وردّ عليهم المؤمنون بأنّهم أحقُّ منهم بالله -تعالى-، وهم قد آمنوا بالرسل جميعاً، وبالرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-، وبنبيِّ أهل الكتاب، وكتابهم، فكانت خصومتهم في ربِّهم، ولهذا نزلت الآية الكريمة.
- قوله -تعالى-: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا)[٤]
قال المفسّرون في أن سبب نزولها شكوى أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أذيّة المشركين في مكة المكرمة لهم؛ فطلب منهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصبر، ولم ينزل الإذن بالقتال بعد؛ حتى إذا ما هاجروا إلى المدينة المنورة، نزل الإذن من الله -تعالى- بالقتال.
وفي قول آخر عن الصحابي عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-، بأنّه حينما أُخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة المكرمة، قال أبو بكر -رضي الله عنه- "إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، لَنَهْلَكَنَّ"، فنزلت الآية الكريمة، وعرف أبو بكر -رضي الله عنه- حينها بأنّه الإذن بالقتال.[٥]
خصائص سورة الحج
لِكُلِّ سورة من سور القرآن الكريم خصائص تُميّزها عن غيرها من السور، وتميَّزت سورة الحجِّ بما يأتي:
- عدد آيات السورة الكريمة
ثمان وسبعون آية في العدِّ الكوفيّ، وسبع وسبعون في العدّ المكيّ.[٦]
- عدد سجدات التلاوة في السورة
سجدتان، عن الصحابي الجليل عُقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: (يا رسولَ اللهِ، أفُضِّلَتْ سورةُ الحجِّ على سائرِ القُرآنِ بسَجدتَينِ؟ قال: نعَمْ، فمَن لم يَسجُدْهُما، فلا يَقْرأْهما)،[٧][٨]ولم يثبت لهذه السورة فضل خاص.
- سورة الحجِّ مشتركة في النزول ما بين مكة والمدينة
واعتبار أغلب السورة قد نزلت في مكة المكرمة، والمواضيع الّتي نزلت في المدينة المنورة، هي: الوعد بنصر الله -تعالى-، حماية الشعائر، نزول الأمر بالجهاد في سبيل الله -تعالى-.[٩]
- مقاصد السورة
ومن أبرزها موضوعاتها: التوحيد، والبعث، ومشاهد يوم القيامة، وآيات الله -تعالى- في الكون.[١٠]
- تكرار النداء بالناس
وذلك أربع مرّات، وفي كُلِّ مرَّة ورد النداء بالناس اعتبره العلماء دلالة على بداية مقطع جديد، فقسّم العلماء السورة إلى أربعة مقاطع.[١١]
- تفصيل سورة الحجّ في حقيقة التقوى
وعلاماتها، وآثارها، وأن عبادة الله -تعالى- هي الطريق نحو التقوى.[١٢]
مكان نزول سورة الحج
لم يقل أحدٌ من العلماء بأنّ سورة الحجّ مكيّة كاملة أو مدنية كاملة، إنَّما وقع الاختلاف بأنّ هل بعضها مكيّ والأغلب مدنيّ أم العكس،[٨] وفي قول عن الصحابي ابن عبّاس -رضي الله عنه- بأنّها سورة مكيَّة إلّا أربع آياتٍ.[١٣]
وهي: قال -تعالى-: (هَـذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُواْ في رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُواْ قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارِ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رؤوسِهِمُ الْحَمِيمُ* يُصْهَرُ بِهِ مَا في بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ* وَلَهُمْ مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ* كلما أَرَادُواْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُواْ فِيهَا وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ).[١٤][١٣]
وفي قول آخر عن قتادة بأنّها مدنية إلّا أربع آيات، وهي:
قال -تعالى-: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ* لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ* وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ* وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ).[١٥][١٣]
وأصح الأقوال عند الجمهور بأنّها سورة مختلطة ما بين المكي والمدنيّ، مع اختلاف تعيِّين الآيات المكيّة من الآيات المدنيّة.[١٣]
سبب تسمية سورة الحج
وقد سُمِّيت هذه السورة بهذا الاسم؛ لأنّ الله -تعالى- ذكر فيها فريضة الحجّ إلى بيته الحرام، وأمر نبيّه إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- بالدعوة إلى حجّ بيته، وأداء مناسكه وشعائره.[١٦]
المراجع
- ↑ الواحدي، أسباب النزول، صفحة 307. بتصرّف.
- ↑ سورة الحج، آية:11
- ↑ سورة الحج، آية:19
- ↑ سورة الحج، آية:39
- ↑ الواحدي، أسباب النزول، صفحة 309. بتصرّف.
- ↑ سعيد حوا، الأساس في التفسير، صفحة 3517. بتصرّف.
- ↑ رواه الإمام أحمد، في المسند، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم:17364، حسن بطرقه وشواهده دون قوله فمن لم يسجدهما فلا يقرأهما.
- ^ أ ب صالح المغامسي، دروس للشيخ صالح المغامسي، صفحة 3. بتصرّف.
- ↑ جعفر شرف الدين، كتاب الموسوعة القرآنية خصائص السور، صفحة 4. بتصرّف.
- ↑ جعفر شرف الدين، كتاب الموسوعة القرآنية خصائص السور، صفحة 3. بتصرّف.
- ↑ سعيد حوا، الأساس في التفسير، صفحة 3521-3522. بتصرّف.
- ↑ سعيد حوا، الاساس في التفسير، صفحة 3607. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث سعيد حوا، الاساس في التفسير، صفحة 3519. بتصرّف.
- ↑ سورة الحج، آية:19-22
- ↑ سورة الحج، آية:52-55
- ↑ [مجموعة من المؤلفين]، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 18568. بتصرّف.