محتويات
أسباب نزول سورة الكوثر
هناك العديد من الروايات التي وردت في سبب نزول سورة الكوثر، سنبينها فيما يأتي وسنذكر المعنى الجامع في هذه الروايات:
الرواية الأولى في سبب نزول سورة الكوثر
جاء عن ابن عبّاس -رضي الله عنه- أنه قال في سبب نزول سورة الكوثر: إنّ كعب بن الأشرف قدِم مكّة المكرمة، وكان سيّد القوم وشريفهم، فقالت له قريش مشيرة للنبي -عليه السلام-: "انظر ولاحظ من ابتتر وافترق عن قومه، يزعم أنه خيرٌ منّا، ونحن مَن نحن؛ نحن أهل الحجيج وأهل سقاية وأهل سدانة وهذه من مكارم الأفعال التي اشتهرت عن أهل مكة، فأجابهم :أنتم خيرٌ منه"،[١]
ثمّ نزل قوله -تعالى-: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)،[٢] وذكر هذا السبب أيضاً عكرمة في مُصنف ابن أبي شيبة، وأضاف عليه: إنه لما نزل الوحي بسيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- قالت قريش: "بتر محمد منا"، فنزلت السورة.[١]
الرواية الثانية في سبب نزول سورة الكوثر
جاء في سبب نزول هذه السورة روايةً أُخرى، فقد جاء عن أنس بن مالك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان بين صحبه ذات يوم، فأغفي إغفاءة، ثم رفع رأسه من نومه وكان محيّاه مُبتسماً، فقال له صحبه: ما أضحكك يا رسول الله؟ فأجابهم بنزول سورة عليه في غفوته وقرأ عليهم آيات سورة الكوثر: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ، إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ).[٣][٤][٥]
ثم قال: أتدرون ما الكوثر؟ فقال صحبه: الله ورسوله أعلم، قال: (فإنه نهر وعدنيه ربي -عَزَّ وَجَلَّ- عليه خير كثير، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم، فيختلج العبد منهم، فأقول: ربِّ إنه من أمتي، فيقول: ما تدري ما أحدث بعدك).[٤][٥]
وفي روايةٍ أخرى أنّه لما التقى العاص بن وائل السهمي بالنبي -عليه الصلاة والسلام- خارج من المسجد وفيه أُناسٌ من قوم قريش جلوس في المسجد، فلما دخل العاص قالوا له: "من الذي كنت تتحدث معه؟" فأجابهم: "ذلك الأبتر قصاداً النبي -عليه الصلاة والسلام-"، ومعنى أبتر هنا أي لا عقِب له، أي إنه لا ذكر له من بعده، فسينقطع ذكره بعد وفاته، وكان قد توفيّ حينها ابن لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-.[٥]
المعنى الجامع في هذه الروايات
جاءت غير هذه الروايات في سبب نزول هذه السورة الكريمة، غير أنها جميعها تُشير حول ما لقيه النبي -عليه الصلاة والسلام- من قومه من سوءٍ في الأقوال والأفعال، فقد استضعفوه هو ومن معه من أصحاب، وشمتوا بموت أولاده الذكور وفرحهم لما أصابه.
ثمّ بعد ذلك نزلت هذه السورة تُسرِّي عن قلب النبي -صلى الله عليه وسلم- لما لقيه منهم، وتعلمه بانتصاره، وأن موت أبنائه الذكور لا يُضعف من شأنه، وأن مبغضيه هم المنقطعون الذين سينقطع ذكرهم وأثرهم بعد وفاتهم.[١]
التفسير المجمل لسورة الكوثر
تُعدّ سورة الكوثر أقصر سورة في القرآن الكريم من حيث الطول، وهناك اختلاف في مكان نزولها بناء على روايات سبب النزول، فتشير الرواية الأولى أنّ السورة مكيّة، بينما الرواية الثانية تُشير إلى أنّها مدنيّة.[٦]
وأمّا من حيث موضوعها فسورة الشرح تخاطب نبي الله محمد -عليه الصلاة والسلام- تخفيفاً وتسليةً عنه، وتعده بالخير العميم، وبالنيل من أعدائه، ومن آذاه، وتختم السورة بتوجيه النبي -عليه الصلاة والسلام- بالإرشاد لطريقة شكر الله -تعالى- بالصلاة والنحر.[٦]
المراجع
- ^ أ ب ت وهبة الزحيلي ، التفسير الوسيط، صفحة 2944. بتصرّف.
- ↑ سورة الكوثر، آية:3
- ↑ سورة الكوثر ، آية:1-2-3
- ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:400، صحيح.
- ^ أ ب ت خالد المزيني، كتاب المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة، صفحة 1097.
- ^ أ ب سعيد حوى ، الأساس في التفسير، صفحة 6709. بتصرّف.