محتويات
سبب نزول سورة الليل
فيمن نزلت سورة الليل؟
ورد في كتب أسباب النزول عن سبب نزول سورة الليل كثير من الروايات التي تتراوح بين الضّعيف والموضوع والحَسَن، فقيل إنّها نزلَت في رجلٍ من الأنصار اسمه أبو الدحداح كان قد اشترى نخلة من منافق كان يمنع عنها الأيتام، فوهبها أبو الدّحداح للأيتام،[١] ولكن ذهبَ بعض أهل العلم والحديث إلى تضعيف هذه الرّواية،[٢] ولعلّ أصحّ ما قيل في ذلك أنّها نزلت في أبي بكر الصدّيق -رضي الله عنه- في رواية عن ابن الزبير رضي الله عنهما.[٣]
وقد روى الإمام السيوطي في كتابه "الحاوي للفتاوي" أنّ قوله تعالى: {لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى * الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ * وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى}[٤] إلى آخر السورة قد نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه؛ إذ كان قد اشترى سبعة رجال كانوا يُعذّبون في سبيل الله تعالى، وقال ابن عبّاس -رضي الله عنهما- إنّ قوله تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى}[٥] قد نزلت في أبي بكر رضي الله عنه، وأنّ ما قبلها نزلَ في أميّة بن خلف، وقد رجّح هذا القول ابن جرير الطبري، وكذا قال القرطبيّ إنّ الأشقى هو أميّة والأتقى هو أبو بكر رضي الله عنه، ونسب هذا القول إلى ابن عبّاس رضي الله عنهما، فالله أعلم.[٦]
ويمكنك التعرف أكثر على مقاصد سورة الليل من خلال قراءة هذا المقال: مقاصد سورة الليل
بمَ أقسم الله في سورة الليل؟
قد أقسم الله -تعالى- في سورة الليل بالليل والنهار وبأثرٍ من آثار قدرة الله -عزّ وجلّ- وهي القدرة على خلق الزّوجَين وما يترتّب على ذلك من التناسل، وقال الإمام ابن عاشور في تفسيره إنّ القسم بالليل والنهار والخَلْق هو من باب المناسبة للمُقسَم عليه؛ إذ إنّ سعي الناس في الدنيا فيه شرّ وفيه خير، وهما يماثلان النور والظلام، وكذلك سعي الناس فيه الضارّ وفيه النافع كما أنّ الناس قد يلد لهم ذريّة صالحة وغير صالحة.[٧]
وقال إنّه -تعالى- ربّما أقسمَ بالليل والنهار بعده في هذه السورة للدّلالة على أنّ حال المشركين كان هو الغالب في ذلك الوقت وكان المسلمون قلّة، فكان الإسلام قد أخذ بالظّهور والإشراق والتجلي فناسَبَ هذا القسم الحال التي كان عليها المسلمون آنذاك، وأنّ الظلام سيعقبه نور، ولذلك ففي سورة الشمس التي نزلَت بعد سورة الليل بدأ القسم بالشّمس لأنّ الإسلام كان قد أضاء نوره دياجي الكفر والشّرك والضّلال، وأيضًا ممّا نبّه عليه الإمام ابن عاشور أنّ الليل والنهار قد أقسما بهما الله -تعالى- ربّما لبيان الفرق بين حال المؤمنين والكافرين في الدنيا والآخرة، والله أعلم.[٨]
كما يمكنك التعرّف على فضل سورة الليل بالاطلاع على هذا المقال: فضل سورة الليل
تفسير آية: فأما من أعطى واتقى
ماذا قال أهل التفسير في هذه الآية؟
ابن كثير
يقول الإمام ابن كثير إنّ الله -تعالى- بعد أن قال: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ}[٩] جاء بهذه الآية لبيان حال بعض أعمال العباد، فقال: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ}،[١٠] فقالوا يعني أنّه إذا أعطى ما أمره الله بإخراجه، واتّقى الله -تعالى- في أمور حياته فسوف يُيَسّره الله -تعالى- لليُسرى، وقالوا إنّ المقصود بالتصديق بالحُسنى هو التصديق بأنّه سيُجزى على ما فعل، وقيل بل الحُسنى شهادة أن لا إله إلّا الله، وقيل الحُسنى الجنّة، والله أعلم، واليُسرى قيل فيها إنّها الخير وقيل الجنّة وقيل غير ذلك، فالله أعلم.[١١]
الطبري
ساق الإمام الطبري أقوال السلف في تفسير هذه الآية فقال إنّ منهم من قال إنّ المعنى من أعطى ما يملك واتّقى ربّه، ومنهم من قال إنّ المعنى هو أنّه من أعطى حقّ الله -تعالى- واتّقى محارمه، ومنهم من قال إنّ المعنى هو من ذكَرَ الله واتّقاه، وقالوا إنّ معنى الحُسنى هنا هو الخلَف بعد الإنفاق وقيل غير ذلك، والله أعلم.[١٢]
القرطبي
ذكر الإمام القرطبيّ أنّ المقصود بهذه الآية هو الصدّيق رضي الله عنه، وساق روايات تعزّز ما ذهبَ إليه، ومنها رواية عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، وقال إنّ معنى {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ} هو أنّ أمّا من بذَلَ واتّقى المحارم التي نُهِيَ عنها وصدّقَ بخلَف الله -تعالى- فسوف يُرشَدُ لأسباب الصلاح والخير، وروي عن الحسن البصريّ أنّه قال إنّ المعنى هو أنّه من أعطى الصدق من قلبه، والله أعلم.[١٣]
البغوي
قال البغوي -فيما ينقله عن أهل العلم- إنّ المعنى هو أنّه إعطاء المال في سبيل الله واتّقاء الله -سبحانه وتعالى- والتصديق بلا إله إلّا الله، وقيل التصديق بالجنة استئناسًا بالآية الكريمة التي يقول فيها تعالى في سورة يونس: {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ}؛[١٤] إذ قال بعض العلماء إنّ الحُسنى هنا هي الجنّة، والله أعلم.[١٥]
السعدي
يقول السعدي إنّ القصد من قوله أعطى يعني أنّه قد أعطى ما عليه ممّا أُمِرَ به من التعاملات الماليّة كالزّكاة والكفّارات الصدقات والنفقات وغير ذلك، وقوله اتّقى تعني اتقاء المحرّمات والمعاصي المنهيّ عنها، والله أعلم.[١٦]
تفسير آية: والنّهار إذا تجلَّى
ما تفسير العلماء للنهار في سورة الليل؟
ابن كثير
يرى الإمام ابن كثير انّ الله تعالى قد أقسَمَ بالنّهار حين يُجلّي الظلام بضيائه وإشراقه.[١١]
الطبري
يقول الإمام الطبري إنّ الله -تعالى- قد أقسم بالنّهار إذا أضاء وأنارَ ولاحَ للأبصار.[١٧]
القرطبي
يقول الإمام القرطبيّ إنّ الله -تعالى- قد أقسَمَ بالنّهار حال انكشافه ووضوحه وظهوره وجلائه ظلمة الليل بنوره.[١٨]
البغوي
قال البغوي إنّ معنى الآية هو ظهور النهار وبيانه من بين الظلام.[١٩]
السعدي
يقول السعدي إنّ تفسير الآية هو أنّ الله -تعالى- قد أقسَمَ بالنّهار إذا تجلّى للعباد ليستضيئوا بنوره ويسعَوا إلى أعمالهم، والله أعلم.[٢٠]
كما يمكنك التعرّف على أبرز الأمور المستفادة من سورة الليل بالاطلاع على هذا المقال: تأملات في سورة الليل
المراجع
- ↑ ابن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 377. بتصرّف.
- ↑ سليم الهلالي، الاستيعاب في بيان الأسباب، صفحة 516. بتصرّف.
- ↑ سليم الهلالي، الاستيعاب في بيان الأسباب، صفحة 517. بتصرّف.
- ↑ سورة الليل، آية:15-17
- ↑ سورة الليل، آية:17
- ↑ السيوطي، الحاوي للفتاوي، صفحة 387. بتصرّف.
- ↑ ابن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 378. بتصرّف.
- ↑ ابن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 378. بتصرّف.
- ↑ سورة الليل، آية:4
- ↑ سورة الليل، آية:5-7
- ^ أ ب ابن كثير، تفسير ابن كثير، صفحة 403. بتصرّف.
- ↑ أبو جعفر الطبري، تفسير الطبري جامع البيان، صفحة 468. بتصرّف.
- ↑ شمس الدين القرطبي، تفسير القرطبي، صفحة 82. بتصرّف.
- ↑ سورة يونس، آية:26
- ↑ أبو محمد البغوي، تفسير البغوي، صفحة 442. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن السعدي، تفسير السعدي تيسير الكريم الرحمن، صفحة 926. بتصرّف.
- ↑ أبو جعفر الطبري، تفسير الطبري جامع البيان، صفحة 465. بتصرّف.
- ↑ شمس الدين القرطبي، تفسير القرطبي، صفحة 80. بتصرّف.
- ↑ أبو محمد البغوي، تفسير البغوي، صفحة 442. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن السعدي، تفسير السعدي تيسير الكريم الرحمن، صفحة 926. بتصرّف.