محتويات
سبب نزول سورة المدثر
كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد اعتزل في غار حراء مدة شهر، وعندما انقضت المدة وأراد العودة إلى بيته فإذ به يسمع صوتا يناديه، فالتفّ من حوله ونظر عن يمينه وعن شماله فلم يرَ أحداً، ثمّ سمع الصوت يناديه مرة أخرى، فما أن رفع -عليه الصلاة والسلام- رأسه إلّا وقد رأى جبريل -عليه السلام- على العرش في الهواء.[١]
ففزع رسول الله وعاد إلى بيته وهو يقول: "دثروني، دثروني"، فأنزل الله -تعالى- سورة المدثر، وقد دلّ على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (جاوَرْتُ بحِراءٍ شَهْرًا، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوارِي نَزَلْتُ فاسْتَبْطَنْتُ بَطْنَ الوادِي، فَنُودِيتُ فَنَظَرْتُ أمامِي وخَلْفِي، وعَنْ يَمِينِي، وعَنْ شِمالِي، فَلَمْ أرَ أحَدًا، ثُمَّ نُودِيتُ فَنَظَرْتُ فَلَمْ أرَ أحَدًا، ثُمَّ نُودِيتُ فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فإذا هو علَى العَرْشِ في الهَواءِ، يَعْنِي جِبْرِيلَ عليه السَّلامُ، فأخَذَتْنِي رَجْفَةٌ شَدِيدَةٌ، فأتَيْتُ خَدِيجَةَ، فَقُلتُ: دَثِّرُونِي، فَدَثَّرُونِي، فَصَبُّوا عَلَيَّ ماءً، فأنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: يا أيُّها المُدَّثِّرُ).[٢][١]
مكان وزمان نزول سورة المدثر
تعدّ سورة المدثر إحدى السور المكية، ويبلغ عدد آياتها ستّاً وخمسين آية، أمّا ترتيبها وفق الرسم القرآني فهي السورة الرابعة والسبعين،[٣] وقد كان نزولها بعد سورة المزمل وقبل سورة الفاتحة،[٤] وتجدر الإشارة إلى أنّها ترتبط بالسورة التي قبلها وهي سورة المزمل ارتباطاً وثيقاً يظهر من خلال وجوه ثلاثة، وهي كما يأتي:[٥]
- افتتاح كلتا السورتين بنداء رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-.
- نزول صدر كلتا السورتين في قصة واحدة.
- ابتداء سورة المزمل بأمر النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بقيام الليل الذي يعدّ بمثابة الإعداد النفسي حتى يصبح داعياً إلى الله -تعالى-، ثمّ ابتدأت سورة المدثر بأمره -صلّى الله عليه وسلّم- بالبدء بالدعوة إلى الله -تعالى-.
سبب تسميتها سورة المدثر
سمّيت سورة المدثر بهذا الاسم؛ لأنّ الله -تعالى- قد افتتحها بلفظ المدثر، وأصل اللفظ المتدثر، وهو الذي يقوم بالتدثر بثيابه حتى يستدفئ فينام، ومنه الدِّثار، ويُراد بالمدثر في هذه السورة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، حيث وصفه الله -تعالى- بهذا الوصف.[٥]
مقاصد سورة المدثر
احتوت سورة المدثر على العديد من المقاصد، ومنها ما يأتي:[٦]
- تكريم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وتكليفه بالدعوة إلى الله -تعالى-، وتبليغ رسالته.
- الدعوة إلى عبادة الله -تعالى- وحده وترك عبادة الأصنام ونبذها.
- الأمر بالصبر والحثّ على الإكثار من الصدقات.
- إثبات البعث وإنذار المشركين من إنكاره.
- وصف يوم القيامة والحديث عن أهوال جهنم.
- المقابلة بين حال المؤمنين أهل الصلاة والزكاة، وبين حال المشركين الذين أنكروا البعث وكفروا به واستخفوا بجهنم وعدد حفظتها.
خلاصة المقال: نزلت سورة المدثر على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وهو في طريق العودة من غار حراء بعد أن كان قد اعتزل فيه مدة شهر، وتعد سورة المدثر سورة مكية، وعدد آياتها 56، وكان نزولها بعد سورة المزمل وقبل سورة الفاتحة، وقد سمّيت بهذا الاسم لوصف الله -تعالى- رسوله بالمدثر في بدايتها، ومن أهم مقاصدها تكليف رسول الله بالدعوة، وإنذار المشركين من إنكار البعث وأهوال جهنم.
المراجع
- ^ أ ب الواحدي (1412)، أسباب نزول القرآن (الطبعة 2)، الدمام:دار الإصلاح، صفحة 446. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:161، صحيح.
- ↑ سعيد حوى (1424)، الأساس في التفسير (الطبعة 6)، القاهرة:دار السلام، صفحة 6221، جزء 11. بتصرّف.
- ↑ محمد سعيد (1422)، تاريخ نزول القرآن (الطبعة 1)، المنصورة:دار الوفاء، صفحة 102. بتصرّف.
- ^ أ ب وهبة الزحيلي (1418)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة 2)، دمشق:دار الفكر، صفحة 215، جزء 29. بتصرّف.
- ↑ ابن عاشور (1984)، التحرير والتنوير، تونس:الدار التونسية، صفحة 293، جزء 29. بتصرّف.