سبب نزول سورة الممتحنة

كتابة:
سبب نزول سورة الممتحنة

أسباب نزول سورة الممتحنة

لقد تعددت آراء أهل العلم في سبب نزول السورة الكريم، نبينها على النحو الآتي:

  • نزلت آية منها في أسماء بنت أبي بكر

جاء عن بعض العلماء أن سبب نزول الآية التي في سورة الممتحنة: (لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)،[١] أن أسماءَ بنت أبي بكر -رضي الله عنها- ليست شقيقة عائشة وعبد الرحمن؛ لأن عائشة وعبد الرحمن شقيقان، وأمهما أم رومان الفراسية من بني فراس، من بطون كنانة.[٢]

وأسماء أمها امرأة أُخرى تسمى: قَيْلَة، وقد جاءت إلى المدينة زائرة ابنتها أسماء والأم كافرة، فما رضيت أسماء أن تُنزل أمها حتى تستشير النبي -صلى الله عليه وسلم-، مع أنها جاءت زائرة ومعها هدايا من هدايا البادية، فأمرها النبي أن تنزلها وتحسن إليها، فأنزل الله -تعالى- الآية للحديث عن جواز الإحسان إلى المشركين غير المعادين للمسلمين والعدل في ذلك، ومنه البر بالوالدين.[٢]

  • نزلت آية منها في حاطب بن أبي بلعتة

فقد روي من سبب نزول أول سورة الممتحنة، وهو قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ).[٣]

وقد ورد في سببها ما حصل من حاطب بن أبي بلتعة؛ وإرساله الخطاب لقريش يعلمهم بغزو الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- لهم، والقصة بمجملها أن سارة مولاة أبي عمر بن صهيب أتت إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة فأعطاها مالاً وكسوه، ثم كتب حاطب بن أبي بلتعة كتاباً إلى أهل مكة وقدم لها عشرة دنانير مقابل أن توصله لهم.[٤]

وكتب في الكتاب ما نصه: "من حاطب إلى أهل مكة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يريدكم فخذوا حذركم"، ثم خرجت سارة ونزل جبريل يخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فبعث النبي مجموعة من الفرسان أخبرهم بمكان المرأة، فوصلوا مكانها وفتشوا في متاعها فلم يجدوا معها الكتاب، ثم أخرجته من شعره، فتركوها ورجعوا بالكتاب إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-.[٤]

وسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- حاطباً عن السبب الذي دفعه إلى فعل مثل هذا الأمر؛ فأخبره أنه لم يكفر به منذ أسلم، إلا أن الدافع هو حماية أهله في مكة من قريش؛ فصدقه النبي، فنزل قول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ).[٥][٤]

تعريف بسورة الممتحنة

سميت بهذا الاسم لما ورد فيها من وجوب امتحان المؤمنات عند الهجرة، وعدم إرجاعهن إلى الكفار إذا ثبت إيمانهن، وتسمى سورة الممتحَنة بفتح الحاء والممتحِنة بكسر الحاء، وهي سورة مدنية من المفصل، وآياتها ثلاث عشر أية نزلت بعد الأحزاب، وترتيبها في القرآن ستون.[٦]

قالت عائشة -رضي الله عنها-: (من أقر بهذا من المؤمنات، فقد أقر بالمحنة)،[٧] يعني بما تضمنت هذه الآية من أحكام، وهي قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).[٨]

مواضيع السورة

يدور محور السورة حول فكرة الحب والبغض في الله، كما وتهتم بجانب التشريع، وكان في بداية السورة عتاب لحاطب بن أبي بلتعة عندما كتب كتاباً لأهل مكة، وذكرت الآيات حكم موالاة أعداء الله، وضربت الأمثلة في قصة إبراهيم والمؤمنين في تبرؤهم من المشركين، وأشارت الآيات إلى حكم الذين لم يقاتلوا المسلمين، ثم بينت حكم المؤمنات المهاجرات وضرورة اختبارهن، كما نهت الآيات عن موالاة المشركين.[٩]

المراجع

  1. سورة الممتحنة، آية:8
  2. ^ أ ب [محمد الأمين الشنقيطي]، العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير، صفحة 467.
  3. سورة الممتحنة، آية:1
  4. ^ أ ب ت [ابن بشكوال]، غوامض الأسماء المبهمة، صفحة 253. بتصرّف.
  5. سورة الممتحنة، آية:1
  6. الدكتور وسيم فتح الله، الولاء والبراء في سورة الممتحنة، صفحة 20. بتصرّف.
  7. رواه الإمام مسلم، في صحيح مسلم، عن عروة بن الزبير، الصفحة أو الرقم:1819.
  8. سورة الممتحنة، آية:12
  9. الدكتور يوسف الشلبي، تفسير سورة الممتحنة، صفحة 13. بتصرّف.
4079 مشاهدة
للأعلى للسفل
×