سبب نزول سورة النصر

كتابة:
سبب نزول سورة النصر

ما سبب نزول سورة النصر؟

كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يجمع كبار أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليستشيرهم في شؤون المسلمين، وكان معهم في المجلس عبدالله بن عباس؛ وكان عمره آنذاك عشرون سنة.[١]


فاعترضوا على وجوده؛ لصغر عمره، وهم لديهم أبناء في مثل عمره، فأراد عمر-رضي الله عنه- أن يبين لهم فقهه وعلمه فسألهم: ما تقولون في سورة النصر؟، ففسر بعضهم الآيات على ظاهرها، وقالوا: أمرنا الله إذا انتصرنا أن نحمده ونستغفره، ثم التفت إلى ابن عباس وقال له: ما تقول فيها؟ قال: هي تخبر عن قرب أجل رسول الله فيستعد للموت بالاستغفار، فأقره عمر على هذا الفهم.[١]


وقد ذكر الإمام الرازي في تفسيره اتّفاق الصحابة على أن هذه السورة تدل على نعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فقد بكا أبو بكر الصدّيق حين قرأ النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه السورة؛ لأنّه علم بدنو أجل النبي -صلى الله عليه وسلم-،[٢] وبناء على أن سورة النصر تشير إلى إتمام الرسالة، وأداء الأمانة؛ فهي تسمى سورة التوديع،[٣] ومن أسمائها أيضا:"إذا جاء".[٤]


ترتيب نزول سورة النصر

سورة النصر هي آخر سورة نزلت كاملة، وقد نزلت بعد سورة التوبة،[٥] واستدل العلماء على ذلك بقصة ابن عباس المذكورة سابقاً، وروى الإمام مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال لعبيد الله بن عتبة: (تَعْلَمُ، آخِرَ سُورَةٍ نَزَلَتْ مِنَ القُرْآنِ، نَزَلَتْ جَمِيعًا؟ قُلتُ: نَعَمْ، إذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ، قالَ: صَدَقْتَ).[٦] وفي وقت نزول السورة قولان:[٧]

  • الأول: أنها نزلت لما فتحت مكة، لأنّ الله أمر النبي بالتسبيح والاستغفار عند الفتح وهذا يؤيده قول ابن عباس وابن مسعود.
  • الثاني: أنها نزلت بمنى في أيام التشريق في حجة الوداع.


مكان نزول سورة النصر

نزلت سورة النصر في المدينة المنورة، وقد روي ذلك عن عبدالله بن عباس وعبدالله ين الزبير والتابعي عطاء بن يسار-رضي الله عنهم-.[٨]


دروس مستفادة من سورة النصر

عدد كلمات سورة النصر تسعة عشر آية، لكن لطائفها كثيرة جداً، فيما يأتي ذكر بعض من لطائفها:[٩]

  • الاستبشار بالنصر من عند الله، فقد كان فتح مكة سببا لدخول الناس في الإسلام أفواجاً متتابعة.
  • النصر بيد الله -عزوجل- وليس بيد البشر.
  • كثرة الاستغفار، فقد أمر الله تعالى نبيه بالاستغفار، وهو أمر له ولأمته -صلى الله عليه وسلم-.
  • مشروعية سجدة الشكر، وقول "سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي" في الركوع والسجود.
  • الإشارة إلى دنو أجل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحثه على ختم عمره بالتسبيح والاستغفار.
  • فضل التسبيح والتحميد والاستغفار، إذ إن أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بها في ختام عمره يدل على عظم هذه الأعمال عند الله -تعالى-.
  • الاستعداد للقاء الله -عزوجل-، فيجب على الإنسان التزود بالتقوى والأعمال الصالحة، تمهيدًا للانتقال إلى الحياة الباقية.


المراجع

  1. ^ أ ب مصطفى العدوي، سلسلة التفسير، صفحة 2. بتصرّف.
  2. الشوكاني، فتح القدير، صفحة 525.
  3. جعفر شرف الدين، الموسوعى القرآنية خصائص السور، صفحة 272. بتصرّف.
  4. شهاب الدين الآلوسي، تفسير الآلوسي روح المعاني، صفحة 191. بتصرّف.
  5. محمد عزة دروزة، التفسير الحديث، صفحة 574.
  6. رواه الإمام مسلم بن الحجاج، في صحيح مسلم، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، الصفحة أو الرقم:3024.
  7. ابن جزي الكلبي، التسهيل لعلوم التنزيل، صفحة 520. بتصرّف.
  8. سليم الهلالي، الاستيعاب في بيات الأسباب، صفحة 573. بتصرّف.
  9. سليمان اللاحم، تدارك بقية العمر في تدبر سورة النصر، صفحة 18-23. بتصرّف.
6118 مشاهدة
للأعلى للسفل
×