سبب نزول سورة النور
هناك عدّة أسباب لنزول سورة النور وليس سبباً واحداً وهي ما يأتي كما ذكرها أهل العلم:
- سبب نزول آية (الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)[١]
سبب نزول هذه الآية الكريمة أن أحد أصحاب جاء للنبي -صلى الله عليه وسلم- يريد الزواج من امرأة تقوم بالزنا؛ فأنزل الله -تعالى- الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين.[٢]
- سبب نزول آية (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّـهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ).[٣]
سبب نزول هذه الآية الكريمة أن رجلا يدعى هلال بن أمية أو عمير العجلاني، قذف زوجته بشريك بن سمحاء، فأنزل الله هذه الآية، وأمر سول الله -صلى الله عليه وسلم- الزوجين بالملاعنة، ثم قال -عليه الصلاة والسلام-: (أبصروها، فإن جاءتْ به أكحل العينين، سابغ الإليتين، خدلج الساقين؛ فهو لشريك بن السحماء)،[٤] فجاءتْ به كذلك، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لولا ما مضى مِن كتاب الله تعالى لكان لي ولها شأنٌ).[٤][٥]
- سبب نزول آية (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ)[٦]
نزلت هذه الآية الكريمة في حادثة الإفك وهي من أشهر وأعظم الحوادث التي عاش النبي -صلى الله عليه وسلم- كربها، وعايشت السيدة عائشة -رضي الله عنها- كربها وبلائها، ووقعت هذه الحادثة عندما خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- لغزوة بني المصطلق، وكانت في السنة السادسة للهجرة، وقد خرجت معه السيدة عائشة -رضي الله عنها-، وعندما انتهت الغزوة أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه بالعودة إلى المدينة.[٧]
وعندما علمت السيدة عائشة -رضي الله عنها- بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- عادت لتبحث عن عقدٍ فقدته، وعندما وجدت العقد عادت إلى موقع الجيش لتجد أن صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم- قد غادروا إلى المدينة، وجلست السيدة عائشة في مكانها لعلهم يفقدونها ويرجعوا لأخذها، ولكن غلبها النوم واستيقظت على صوت صفوان بن المعطل -رضي الله عنه- وهو يقول إنا لله وإنا إليه راجعون.[٧]
فأناخ صفوان بن المعطل البعير للسيدة عائشة وعاد بها إلى المدينة، فلما رآهما عبد الله بن أبي سلول قال مقولته المشهورة: "والله ما نجا منها ولا نجت منه"، فاتهمها بما ليس فيهما.[٧]
وعندما علمت السيدة عائشة بهذه الحادثة أصابها هم وكرب شديد وقالت: (... فَصَبرٌ جَميلٌ وَاللَّـهُ المُستَعانُ عَلى ما تَصِفونَ)،[٨] فنزل الوحي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبرأها الله -عز وجل- من هذه الحادثة، وأنزل قوله -تعالى-: (إنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ).[٩]
التعريف بسورة النور
سورة النور من السور المدنية، وعدد آياتها أربع وستون آية،[١٠] وسميت السورة بهذا الاسم؛ لذكر كلمة النور فيها، إذ إن بعض سور القرآن الكريم تسمى باسم لفظ ذكر في السورة وحال سورة النور كحال باقي سور القرآن الكريم.[١١]
قال الله -تعالى-: (للَّـهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّـهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّـهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).[١٢]
الموضوعات التي تناولتها سورة النور
تناولت سورة النور العديد من الموضوعات، وسنذكر بعضها فيما يأتي:
- التحذير من اتباع خطوات الشيطان
نهى الله -عز وجل- عباده من اتباع خطوات الشيطان؛ لأنها سبب في الشرور والفتن والذنوب والمعاصي.[١٣]
- الدعوة إلى إقامة حدود الله
بيّن الله -عز وجل- في سورة النور مجموعة من الشرائع والأحكام والحدود، ومن هذه الحدود حد الزنا، قال الله -تعالى-: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّـهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ).[١٤][١٥]
- بيان شروط الاستئذان وآدابه
أثبتت سورة النور وجوب الاستئذان وآدابه، وبينت حدوده وزمانه.[١٦]
المراجع
- ↑ سورة النور، آية:3
- ↑ عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي، لباب النقول في أسباب النزول، صفحة 138.
- ↑ سورة النور، آية:6
- ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح بخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:4747، صحيح.
- ↑ عبد القادر شيبه الحمد (4/5/20212)، "تفسير اية: { والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء... } "، الألوكه الشرعية.
- ↑ سورة النور، آية:11
- ^ أ ب ت محمد المختار الشنقيطي، تفسير سورة النور، صفحة 2.
- ↑ سورة يوسف، آية:18
- ↑ سورة النور، آية:11
- ↑ أبو إسحاق أحمد بن إبراهيم الثعلبي، الكشف والبيان عن تفسير القرآن، صفحة 7.
- ↑ "أسباب تسمية سورة النور بهذا الاسم"، اسلام ويب.
- ↑ سورة النور، آية:35
- ↑ محمد مختار الشنقيطي، تفسير سورة النور، صفحة 9.
- ↑ سورة النور، آية:2
- ↑ محمد المختار الشنقيطي، تفسير سورة النور، صفحة 13.
- ↑ محمد مختار الشنقيطي، تفسير سورة النور، صفحة 11.