سبب نزول سورة الهمزة

كتابة:
سبب نزول سورة الهمزة

ما سبب نزول سورة الهمزة؟

أورد المفسّرون سبب نزول سورة الهمزة في كتبهم ولكنّ أقوالهم قد تعدّدت فيما يخصّ الشخص الذي نزلت بسببه هذه السورة، وهل هو شخص واحد أم مجموعة، وفيما يأتي استعراض لبعض أقوالهم في هذا الشأن:


  • قال الطبري -رحمه الله-: إنّ أقوال السلف تعدّدت في بيان من هو المعني بقوله -تعالى-: (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ)،[١] فقال بعضهم إنّ المقصود به هو أحد المشركين بعينه؛ وهو جميل بن عامر الجمحي، وقال آخرون إنّه الأخنس بن شُريق، ونُقل عن ابن عبّاس -رضي الله عنهما- إنّ المراد به مشرك كان يلمز الناس ويهمزهم، فيما عدّ الفريق الآخر أنّ هذه الآية تقصد كلّ من كانت هذه صفته ولا تتحدّث عن أحد معيّن.[٢]
  • قال الرازي -رحمه الله-: إنّ أهل العلم تحدّثوا بشأن الوعيد بالويل في سورة الهمزة، هل هو خاص بأناس معينين أم يشمل من كان هذا فعله؟، فقال المحقّقون إنّه يكون لكل من كان هذا فعله كائنًا من كان، وأنّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وقال آخرون إنّ المقصود به أُناس معينين، فورد عن عطاء والكلبي إنّ سورة الهمزة نزلت في الأخنس بن شُريق كان يلمز الناس ويغتابهم وخصوصًا سيّدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم، وقال مقاتل إنّها نزلت في الوليد بن المغيرة، كان يغتاب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في غيابه ويطعن عليه في وجهه، وقال محمد بن إسحاق: "ما زلنا نسمع أن هذه السورة نزلت في أمية بن خلف"، وقد ذكر الفرّاء أنّه كون السورة نزلت بلفظ عام لا يعني أنّها لم تقصد أُناس بعينهم.[٣]
  • ورد في لُباب النقول نقلًا عن ابن إسحاق: أنّ أمية بن خلف كان إذا رأى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- همزه ولمزه- فأنزل الله تعالى سورة الهمزة.[٤]
  • قال ابن عاشور -رحمه الله-: في سبب نزول سورة الهمزة روي أنّها نزلت في مجموعة من المشركين كانوا يقومون بلمز المسلمين وسبّهم واختلاق الأخبار السيئة عنهم، وقد سُميّ من هؤلاء عدّة أشخاص؛ ومنهم: الوليد بن المغيرة المخزومي وأمية بن خلف وأُبّي بن خلف والعاص بن وائل السهمي، وهؤلاء كلّهم من سادة قريش، بالإضافة إلى جميل بن معمر من بني جُمح الذي أسلم يوم فتح مكّة وشهد حُنينًا، وسُمّي من ثقيف الأسود بن يغوث والأخنس بن شريق، وكانوا أيضًا من سادات قبيلة ثقيف في الطائف آنذاك، وقال إنّ هذه السورة تعمّ جميع من قاموا بهذا الفعل من المشركين سواءٌ عُرفت أسماؤهم أم لا.[٥]


سبب تسمية سورة الهمزة بهذا الاسم

سُميّت سورة الهمزة بهذا الاسم لورود هذه الكلمة في مطلعها حيث قال -تعالى-: (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ)،[١] وذكر الفيروز آبادي أنّها تُسمّى أيضًا بسورة الحطمة لورود هذه الكلمة فيها، وذلك في قوله سبحانه: (كَلَّا ۖ لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ)،[٦][٧] وقال ابن عاشور إنّها تُسمّة بسورة "الهمزة" معرّفة بال التعريف في معظم المصاحف، ولكنّها عُنونت في صحيح البخاري وبعض التفاسير بـ "سورة ويل لكل همزة".[٥]


أين نزلت سورة الهمزة؟

سورة الهمزة نزلت في مكة -ويشهد لهذا سبب النزول- فهي سورة مكيّة بالاتفاق.[٥]


ترتيب نزول سورة الهمزة

تُعدّ سورة الهمزة السورة الثانية والثلاثين في ترتيب نزول سور القرآن الكريم، وقد نزلت بعد سورة القيامة وقبل سورة المرسلات،[٥] وقد نزلت سورة القيامة في الفترة الواقعة ما بين الهجرة إلى الحبشة ورحلة الإسراء والمعراج فيكون نزول سورة الهمزة في هذا التاريخ أيضًا.[٨]


دروس مستفادة من سورة الهمزة

احتوت سورة الهمزة على الكثير من الدروس والعبر المستفادة التي لا بدّ للمسلم من الاعتبار بها، فيبتعد عن الصفات السيئّة التي استحقّ المتّصفون بها الويل والعقاب، ويتخلّق بالأخلاق الحميدة التي ينبغي للمسلم أن يتحلّى بها، ومن هذه الدروس ما يأتي:[٨]

  • المثل الأعلى لبعض الناس يتمثّل في جمع المال والتعالي على العباد.
  • الويل والعذاب هما مصير كلّ من يعيب الناس ويسبّهم.
  • المال نعمة من الله تعالى، ولكنّ العمل الصالح هو الوسيلة النافعة للفوز في الآخرة.
  • مصير المتعالي على العباد المتكبّر عليهم الذي يجمع المال ويظنّ أنّه سيكتب له الخلود بسبب ماله سيكون نار متقّدة تحرق الأجساد وتصل إلى الأفئدة.


خلاصة المقال: سورة الهمزة هي سورة مكيّة حيث نزلت في مكة بسبب ملاقاه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه من الهمز واللمز بسبب المشركين، فقد بيّنت هذه السورة عاقبة فعلهم ومصيرهم، وقد سُميّت هذه السورة بهذا الاسم لورود كلمة "الهمزة" في بدايتها، كما أنّها تضمّنت الكثير من العبر والدروس المفيدة في الحياة.


المراجع

  1. ^ أ ب سورة الهمزة، آية:1
  2. الطبري، أبو جعفر، تفسير الطبري، صفحة 597. بتصرّف.
  3. الرازي، فخر الدين، تفسير الرازي، صفحة 283. بتصرّف.
  4. السيوطي، كتاب لباب النقول، صفحة 216. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت ث ابن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 535-536. بتصرّف.
  6. سورة الهمزة، آية:4-5
  7. الفيروزآبادي، بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، صفحة 543. بتصرّف.
  8. ^ أ ب جعفر شرف الدين، كتاب الموسوعة القرآنية خصائص السور، صفحة 170-171. بتصرّف.
5356 مشاهدة
للأعلى للسفل
×