سبب نزول سورة محمد
رافق نزول بعض آيات االقرآن الكريم أسباب وأحداث معينة، وعند النظر في كتب المفسّرين يتبين أنّ هناك سبباً لنزول بعض الآيات من سورة محمّد، وهي على النحو الآتي:
- قال الله -تعالى-: (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ* وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ)[١]
نزلت هذه الآية في أهل مكة من الكفار والمشركين، ووصفتهم بضلال أعمالهم، وأما من أصلح بالهم فقد نزلت في الأنصار وأهل المدينة المنورة.[٢]
- قال الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ)[٣]
إذ نزلت هذه الآية في صحابة النبي -رضوان الله عليهم- الذين استشهدوا يوم غزوة أحد.[٤]
- قال الله -تعالى-: (ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَىٰ لَهُمْ)[٥]
وقد نزلت تلك الآية بعد انتهاء غزوة أحد، وقول المشركين أن هذا اليوم بيوم بدر، وقالوا: "العزى لنا ولا عزّى لكم"، فأجابهم رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-: (اللَّهُ مَوْلَانَا، ولَا مَوْلَى لَكُمْ)،[٦] فنزلت الآية على إثر ذلك الحوار.[٧]
- قال الله -تعالى-: (وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ)[٨]
وسبب نزول هذه الآية عندما خرج رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- مهاجراً، متّجها إلى المدينة المنورة، فانتابه شعور الحزن عند فراق موطنه، فوقف وقال: (واللَّهِ إنِّي أعلمُ أنَّكِ خَيرُ أرضِ اللَّهِ وأحبُّها إلى اللَّهِ ولَولا أنَّ أهلَكِ أخرَجوني مِنكِ ما خرَجتُ)،[٩] فأنزل الله -تعالى- هذه الآية مواساة له.[٧]
مكان وتاريخ نزول سورة محمد
نزلت سورة محمّد على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بعد نزول سورة الحديد، في فترة قدّرها المفسّرون بأنّها كانت بين تاريخ صلح الحديبية وغزوة تبوك، و بناءً على ذلك فهي سورة مدنية، نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- في المدينة المنورة بعد الهجرة الشريفة.[١٠]
موضوعات سورة محمد
تناولت سورة محمد العديد من الموضوعات الجامعة المهمة، وفيما يأتي بيان بعضها:[١١]
- ذمّ الكفّار لعنادهم وإعراضهم وصدّهم عن دين الحقّ.
- بيان آداب وأحكام الأسرى، وكيفية التعامل معهم، وقد تناولت بعض أحكام الحروب كذلك؛ ولذلك تسمّى هذه السورة أيضاً بسورة القتال.
- ذكر طعام أهل الجنة، والتفصيل في شرابهم، وتنوع أصناف اللذّات لهم، ومقارنة ذلك بطعام أهل النار وشرابهم.
- ذكر بعض صفات المنافقين، وتخصيص النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بأحقيّته بالحكم على التوحيد، أو الحكم بالنفاق.
- بيان صفات عباد الله -تعالى- المؤمنين، وأمْر الله -تعالى- لهم بالإيمان والإحسان.
- ذمّ من يتّصفون بالشّحّ والبخل ولا ينفقون.
- ختم الآيات ببيان تعالي الله -جل وعلا-، واستغنائه عن الخلق جميعهم، فهم جميعاً محتاجون إليه، ولا حاجة له بأحد منهم، قال الله -تعالى-: (وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ).[١٢]
المراجع
- ↑ سورة محمد، آية:1-2
- ↑ أبو جعفر النحاس، معاني القران، صفحة 459. بتصرّف.
- ↑ سورة محمد، آية:4
- ↑ سليم الهلالي، الاستيعاب في بيان الأسباب، صفحة 218. بتصرّف.
- ↑ سورة محمد، آية:11
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:4043، صحيح.
- ^ أ ب وهبة الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 96. بتصرّف.
- ↑ سورة محمد، آية:13
- ↑ رواه ابن عبد البر، في التمهيد، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:288، صحيح.
- ↑ جعفر شرف الدين، الموسوعة القرآنية خصائص السور، صفحة 175. بتصرّف.
- ↑ مقاتل بن سليمان، تفسير مقاتل بن سليمان، صفحة 41. بتصرّف.
- ↑ سورة محمد، آية:38