سبب نزول سورة مريم
يعرَّف سبب النزولِ بالاصطلاحِ الشرعي على أنَّه: الحادثة أو الواقعة التي نزلت بشأنها سورةٌ أو آيةٌ من آياتِ القرآنِ الكريمِ،[١]وإنَّ لمعرفةِ أسباب النزولِ أهمية بالغة في فهم معاني الآياتِ القرآنيةِ، وبيانَ مراد الله -عزَّ وجلَّ- منها.[٢]
وقد ذكر أهلُ العلمِ سبب نزولِ عددٍ من آياتِ سورة مريم، وفي هذه الفقرة من هذا المقال سيتمُّ ذكر رقم الآيةِ ونصُّها، وبيانَ سبب نزولها كما جاء في المصادر الموثوقة، وفيما يأتي ذلك:
- الآية الرابعة والستون
تأخر نزول جبريلَ -عليه السلام- على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أيامًا، فلمَّا نزلَ بعد ذلك سأله النبيُّ عن سببِ هذا التأخيرِ،[٣] فأنزل الله -عزَّ وجلَّ- قوله -تعالى-: (وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ ۖ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذلِكَ ۚ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا).[٤]
- الآية السادسة والستون
أنزل الله -عزَّ وجلَّ- قوله: (وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا)،[٥] في أبيّ بن خلف؛ وذلك حينَ أخذَ مجموعةً من العظامِ البالية، وفتَّها بينَ يديهِ، وقال: زعم محمدًا أنَّنا نبعث بعد الموتَ، وكان فعله ذلك استنكارًا منه وإنكارًا للبعثِ يوم القيامة.[٦]
- الآية السابعة والسبعون
أمَّا قول الله -تعالى-: (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا)،[٧] فقد نزل بالعاص بن وائل، والذي كان عليه دينٌ للخبابِ بن الأرث، والذي رفض سدَّ هذا الدينِ حتى يكفر الخباب بما أنزل على رسول الله، فردَّ الخباب بأنَّه لن يكفر إلَّا إذا ماتَ العاص ثمَّ بُعث؛ فما كان من العاصِ إلَّا أن قال له: إذا متُّ وبعثتُ سيكون معي مالٌ كثير، فتعال وخذ مالك حينها.[٦]
- الآية السادسة والتسعون
علَّم النبيُّ -صلى الله عليه وسلَّم- الصحابيَّ الجليل -علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- دعاءً؛ يشتمل على طلبِ الودِّ من الله،[٨] فأنزل الله -عزَّ وجلَّ- حينها قوله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا).[٩]
مكان نزول سورة مريم
حين هاجر المسلمونَ الهجرةَ الأولى إلى الحبشة، قامَ الصحابيِّ الجليل جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- بقراءةِ صدرِ سورةِ مريم على مسمعِ النجاشي ملك الحبشة، وهذا يدلُّ دلالةً واضحةً على أنَّ مكانَ نزول سورةِ مريم قد كان في مكةَ المكرمة، وهذا مما أجمع عليه أهل العلمِ.[١٠]
وقت نزول سورة مريم
لقد نزلت سورة مريم قبل سورةِ طه، وإنَّ سورة طه كانت قد نزلت قبيل إسلامِ الصحابيِّ الجليل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كما يُفهم ذلك من قصةِ إسلامه، وبناءً على ذلك يُمكن القول بأنَّ تاريخَ نزولِ سورة مريم قد كان في السنةِ الرابعة من بعثة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ وهي السورة الرابعة والأربعونَ من حيث ترتيب سور القرآنِ الكريم.[١١]
المراجع
- ↑ خالد المزيني (2006)، المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة (الطبعة 1)، الدمام- المملكة العربية السعودية:دار ابن الجوزي، صفحة 104، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ مصطفى ديب البغا (1998)، الواضح في علوم القرآن (الطبعة 2)، دمشق:دار الكلم الطيب، صفحة 60. بتصرّف.
- ↑ أبو حفص النسفي (2019)، التيسير في التفسير (الطبعة 1)، اسطنبول- تركيا:دار اللباب للدراسات وتحقيق التراث، صفحة 222، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ سورة مريم، آية:64
- ↑ سورة مريم، آية:66
- ^ أ ب علي بن أحمد الواحدي (1411)، أسباب نزول القرآن (الطبعة 1)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 309-310. بتصرّف.
- ↑ سورة مريم، آية:77
- ↑ مجموعة من المؤلفين (2017)، موسوعة التفسير المأثور (الطبعة 1)، بيروت:ابن حزم، صفحة 220، جزء 14. بتصرّف.
- ↑ سورة مريم، آية:96
- ↑ محمد سيد طنطاوي (1998)، التفسير الوسيط للقرآن الكريم (الطبعة 1)، فجالة- القاهرة:دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 9، جزء 9. بتصرّف.
- ↑ محمد الطاهر بن عاشور (1984)، التحرير والتنوير، تونس:الدار التونسية للنشر، صفحة 58، جزء 16. بتصرّف.