محتويات
ما سبب نزول سورة عبس وتولى؟
كان ابن أم مكتوم -رضي الله عنه- قد جاء إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يطلب منه أن يقرأ له من القرآن الكريم ويعلمه بعضاً من أمور الدين وأحكامه، إلّا أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان منشغلاً عنه بدعوة عدد من زعماء قريش إلى الإسلام ومنهم: أبي جهل، عباس بن عبد المطلب، عتبة بن ربيعة، أُبيّ وأميّة ابني خلف، فقد كان رسول الله شديد الحرص على إسلام هؤلاء الزعماء لما سيعقب ذلك من لحوق أتباعهم بهم.[١]
وبسبب ذلك أعرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ابن أم مكتوم -رضي الله عنه- وعبس في وجهه وأعرض عنه، فأنزل الله -تعالى- سورة عبس يُعاتب فيها رسوله الكريم على إعراضه عن ابن أم مكتوم وتوجهه إلى دعوة زعماء قريش، ويجدر بالذكر أنّ بعد هذه الحادثة كان رسول الله شديد الحرص على إكرام ابن أم مكتوم؛ لأنّ الله -تعالى- قد عاتبه بسببه.[١]
ترتيب نزول سورة عبس وتولى
نزلت سورة عبس بعد سورة النجم التي احتوت على عدة أمور ومنها: تنزيه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من الضلال والكذب وأنّ كل ما يُخبر به هو وحي من عند الله -تعالى-، الحديث عن معجزات الله -تعالى- وآياته في الكون، والنفس، والمعاش، والمعاد، بيان أنّ حال الناس مع وحي الله -تعالى- ليس سواء؛ فمنهم من استجاب له وآمن به ومنهم من أعرض عنه وكفر به.[٢]
ثمّ أنزل الله -تعالى- سورة عبس وعمد فيها إلى تثبيت بعض قيم واخلاق الإسلام، وذلك من خلال الحديث عن إحدى قيم الجاهلية التي كانت سائدة بين الناس؛ وهي أنّ مكانة الإنسان في المجتمع تكون وفق ما يملك من مال وجاه، وقد عرض الله -تعالى- هذه القيمة بذكر الموقف الذي كان بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وابن أم مكتوم الرجل الفقير الأعمى الذي امتلأ قلبه إيماناً بالله -تعالى- فصدّه رسول الله وأعرض عنه لانشغاله بدعوة زعماء قريش أصحاب المال والجاه، فعاتبه الله على ذلك.[٢]
أين نزلت سورة عبس وتولى؟
تُعدّ سورة عبس من السور المكية بالإجماع، ويبلغ عدد آياتها اثنتان وأربعون آية عند أهل المدينة، ومكة، والكوفة، وإحدى وأربعون آية عند أهل البصرة، وأربعون آية عند أهل الشام، أمّا ترتيبها من حيث النزول بين سور القرآن الكريم فهي السورة الرابعة والعشرين، ومن مسمّيات هذه السورة: سورة ابن أم مكتوم، والسفرة، والأعمى، والصاخّة.[٣]
سبب تسمية سورة عبس وتولى بهذا الاسم
سمّيت سورة عبس بهذا الإسم؛ لأنّ الله -تعالى- قد افتتحها بلفظ "عبس" وهو إحدى الأوصاف البشرية التي تغلب على الإنسان عندما يَعرض له أمر من شأنه أن يصرفه عن أمر آخر هام منشغلاً فيه، ورغم كونه وصفاً تقتضيه الطبيعة البشرية، إلّا أنّ الله -تعالى- قد عاتب رسوله الكريم عليه لمكانته العالية وقدره العظيم واللّذَان يُرفعانه عن مثل ذلك.[٤]
أنزل الله -تعالى- سورة عبس لعتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إعراضه عن ابن أم مكتوم والعبوس في وجهه، وقد نزلت هذه السورة في مكة، وقد كان ذلك بعد سورة النجم وقبل سورة القدر، وقد سمّيت بهذا الإسم لأنّ الله -تعالى- قد افتتحها بلفظ عبس.
المراجع
- ^ أ ب الواحدي (1412)، أسباب نزول القرآن (الطبعة 2)، الدمام:دار الاصلاح، صفحة 449. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد سعيد (1422)، تاريخ نزول القرآن (الطبعة 1)، مصر:دار الوفاء، صفحة 200-208. بتصرّف.
- ↑ ابن عاشور (1984)، التحرير والتنوير، تونس:الدار التونسية، صفحة 101، جزء 30. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي (1418)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة 2)، دمشق:دار الفكر، صفحة 56، جزء 30. بتصرّف.