سفينة نوح عليه السلام

كتابة:
سفينة نوح عليه السلام

قصة صنع سفينة نوح

أمر الله -سبحانه وتعالى- نبيّه نوح -عليه السلام- أن يصنع سفينةً يحمل عليها من آمن معه من قومه، وذلك بعد أن كذَّبه قومه ولم يؤمنوا به ولم يستجيبوا لدعوة الحق التي جاءهم بها، فبدأ نوح -عليه السلام- بصنع تلك السفينة التي أمره الله بها، وسيتمّ ذكر مجريات قصة صنع السفينة فيما يأتي:[١]

  • دعوة نوح -عليه السلام- لقومه

بُعِث نوح -عليه السلام- لدعوة قومه الذين كانوا يعبدون الأصنام، وكانوا قد طغوا في أرض الله وأفسدوا فيها وتمرّدوا واستكبروا، فدعاهم نوح -عليه السلام- إلى عبادة الله وترك ما كان يعبد آباؤهم من دون الله، حتى قضى فيهم تسعمئة وخمسين سنة.

  • عدم استجابة قوم نوح للدعوة

لم يستجب قوم نوح لدعوة نبيّهم ولم يؤمنوا بها، ولم يستمعوا لنُصحه وتحذيره بنزول عذاب الله عليهم إن بقوا على هذا الحال من الكفر والإفساد في الأرض، بل زادوا في طغيانهم واستكبارهم، واتّهموه بالكذب، وأنكر شرفاؤهم نبوّته، وآذوه وكذّبوه.

  • أمر الله لنبيّه نوح بصنع السّفينة

رغم كلّ ذلك لم يُبالِ نوح -عليه السلام- بكلامهم وتهديدهم له، بل استمرَّ في دعوته لهم حتّى استيأس منهم؛ بسبب ازدياد طغيانهم واستكبارهم، فلجأ إلى ربّه، ودعاه أن يُهلكهم؛ لطغيانهم وعتوّهم وعدم استجابتهم لدعوته، فاستجاب الله -تعالى- لدعاء نبيّه، وجاء الأمر لنوح -عليه السلام- بأن يصنع السفينة.

أي لم يُباشر نوح -عليه السلام- بصنع السفينة إلا بعد أن أمره الله -سبحانه وتعالى- بذلك بعد أن اشتدّ أذى قومه وفسادهم، قال الله -سبحانه-: (وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَّا مَن قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ* وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ).[٢]

حمْل المؤمنين في سفينة نوح ومجراها

جاء وعد الله إلى قوم نوح، وظهرت بوادر العذاب بتفجُّر الينابيع ونزول المطر الغزير من السماء، فأسرع سيّدنا نوح -عليه السلام- بفتح السفينة ليُدخِل فيها من آمن برسالته، كما حمل فيها من كلّ حيوان زوجين اثنين؛ ذكراً وأنثىً؛ ليستمرّ وجود جميع المخلوقات على الأرض.[٣]

وبعد أن حملت السفينة الدوابّ ومَن آمن مِن قوم نوح ارتفعت المياه في مناحي الأرض مِن شتّى الجهات، واشتدَّ المطر حتّى التقت مياه الأمطار بمياه ينابيع الأرض، وارتفع الموج وازدادت شدّته، فعمَّ اليابسة من شِدّته، وغرقت الأرض، فلم يبق من الأحياء إلا من ركب السفينة مع نوح -عليه السلام-.[٤]

وفي ذلك الوقت جرت سفينة نوح وسط الأمواج، وقد استمرّ الطوفان زمناً لا يُعرَف مقداره، حتى جاء أمر الله بأن تكفّ الأمطار عن الانهمار، وأن تبتلع الأرض ما أخرجته من مياه، وأن ترسو السفينة وتستقرّ على جبل الجوديّ، وكان من بين الكافرين الذين لم يؤمنوا ابن نوح -عليه السلام- وزوجته.[٣]

حيث قال -تعالى-: (ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ)،[٥] وقال -تعالى-: (وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ* قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ).[٦]

مكان استقرار سفينة نوح

ذكر القرآن الكريم اسم الجبل الذي استقرّت عليه سفينة نوح -عليه السّلام-، إذ أشار إلى أن اسم ذلك الجبل هو جبل الجوديّ، إلا أنّه لم يرد ذكر مكان هذا الجبل تحديداً، قال -تعالى-: (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).[٧][٨]

وقد تعدّدت آراء أهل العلم في مكان وجود جبل الجوديّ، ومن أقوالهم في ذلك ما يأتي:

  • قيل إنّه في ديار بني بكر في الجزيرة بقرب الموصل.[٩]
  • قيل إنّه يقع في ناحيةٍ بقرب الكوفة.[١٠]
  • قيل إنّه يقع في منطقة تابعة لتركيا، وهي بجانب الحدود السورية والعراقية.[١١]

المراجع

  1. "نوح عليه السلام"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 24/10/2022. بتصرّف.
  2. سورة هود، آية: 36، 37.
  3. ^ أ ب وهبة الزحيلي، التفسير الوسيط، صفحة 1041-1044، جزء 2. بتصرّف.
  4. أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 65. بتصرّف.
  5. سورة التحريم، آية: 10.
  6. سورة هود، آية: 42، 43.
  7. سورة هود، آية: 44.
  8. صالح المغامسي، القطوف الدانية، صفحة 23. بتصرّف.
  9. وهبة الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 74، جزء 12. بتصرّف.
  10. الشعراوي، تفسير الشعراوي، صفحة 6478، جزء 11. بتصرّف.
  11. "أين توجد سفينة نوح عليه السلام"، إسلام ويب، 2/2/2000، اطّلع عليه بتاريخ 26/10/2022. بتصرّف.
5096 مشاهدة
للأعلى للسفل
×