سلمان الفارسي رضي الله عنه

كتابة:
سلمان الفارسي رضي الله عنه

سلمان الفارسي

هو الصحابي الجليل سلمان الفارسي أحد صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ ومما زيّن الله به أصبهان أهلها، وقد أكرمه المولى بلقاء نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- حتى قال عنه: (سَلْمانُ منَّا أهْلَ البَيتِ).[١][٢]

وهو من أوائل الفرس الذين أعلنوا إسلامهم، كان يُكنى بأبي عبد الله، كما أنّه أحد الرواة للأحاديث النبوية، حيث روى عنه ابن عباس، وأنس أبو الطّفيل، وأبو عثمان النّهديّ، وغيرهم من الصحابة.[٣]

ومن الأحاديث التي رواها -رضي الله عنه-: (لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَومَ الجُمُعَةِ، ويَتَطَهَّرُ ما اسْتَطَاعَ مِن طُهْرٍ، ويَدَّهِنُ مِن دُهْنِهِ، أوْ يَمَسُّ مِن طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فلا يُفَرِّقُ بيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي ما كُتِبَ له، ثُمَّ يُنْصِتُ إذَا تَكَلَّمَ الإمَامُ، إلَّا غُفِرَ له ما بيْنَهُ وبيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى).[٤][٥]

ولقد كان -رضي الله عنه- من أهل رامَهُرْمُز؛ إذ ترك قبيلته وأهله سعياً لمعرفة الدين الحقيقي، فتنقل بين البلدان، كما صحب رجال الدين من القساوسة الصالحين، إلى أن دلّه أحدهم على وجود رسول في بلاد العرب، وعندما وصل إليه أعلن إسلامه ولازمه في غزواته.[٣]

نشأة سلمان الفارسي

ولد الصحابي سلمان الفارسي في بلدة أصبهان الموجودة في بلاد الفرس، وكان أبوه أحد أغنياء القرية، وقد كان يحبه حباً كبيراً ويخاف عليه كثيراً؛ حتى إنّه كان يجلسه في البيت، ويحبسه عن التعامل مع الآخرين.[٦]

وكان يُسمى في بلاد الفرس وقبل الإسلام بـ: "مابه بن بوذخشان ابن مورسلان بن بهبوزان بن فيروز بن سهرك من ولد آب الملك"، وبعد أن أعلن إسلامه غيّر اسمه وأصبح سليمان الفارسي.[٦]

اعتناق سلمان الفارسي للإسلام

كان سلمان الفارسي يعبد النار في بلاد فارس، قيل إنّه هرب من أبيه إلى بلاد الشام، وسكن مع القساوسة هناك، وفي أحد الأيام دلّه راهب متدين على الذهاب إلى أرض الحجاز؛ لأنّ فيها نبياً من بلاد العرب، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فذهب مع جمع من التجار إلى بلاد العرب، ولكنهم غدروا به، وباعوه في الوادي؛ فاشتراه يهودي من بني قريظة.[٧]

ثم أتى به إلى المدينة المنورة وبقي فيها مدّة، وعندما سمع بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قدم إليها؛ ذهب بصدقة وقدّمها إلى إليه؛ فلم يأكل منها -صلى الله عليه وسلم-، ثم جاءه بهدية فلم يقبلها -عليه الصلاة والسلام-، ثم رأى خاتم النبوة؛ فتحقق في نفسه أنّه نبي الأمة التي أخبره عنه الراهب، وكان قد وصفه له بهذه الأوصاف الثلاثة؛ فجلس بين يدي النبي وأعلن إسلامه.[٧]

سلمان الفارسي وغزوة الخندق

شارك سلمان الفارسي بعدد من الغزوات مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولعل أهمها غزوة الخندق؛ الذي ألقى بنظرته الثاقبة على المدينة المنورة في السنة الخامسة للهجرة؛ وأشار على النبي -صلى الله عليه وسلم- بحفر الخندق؛ حماياً للمدينة من غزو الأحزاب.[٨]

حيث كان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أخذ بمشورة أصحابه في القتال؛ لكنّهم احتاروا في وسيلة الدفاع؛ فتقدم سلمان الفارسيّ -رضي الله عنه- وعرض عليهم حفر الخندق في الأماكن المكشوفة من الجبال والصخور، وفعلاً تمت الموافقة على هذا الخطة العسكرية، وتعاون المسلمون على حفر الخندق، فكان سبباً من أسباب نصرهم على الأحزاب يومئذ.[٨]

وفاة سلمان الفارسي

توفي الصحابي سلمان الفارسي في عام (36)هـ؛ أيّ ما يوافق (644)م، في خلافة عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، وتم دفنه في مدينة المدائن الموجودة في العراق،[٩] وكان قد أوصى قبل موته بوعاء فيه ماء؛ فوضع فيه المسك، ثم أمر صاحبة منزله أن ترشه حوله؛ لأنّه كان يرى خلقاً من خلق الله -تعالى- يشمّون الريح الطيب ولا يأكلون الطعام.[١٠]

وكان يقصد بذلك الملائكة -عليهم السلام-، ثم أمرّها بعد ذلك أن تنزل من عنده؛ فلمّا غابت عنه مدة يسيرة صعدت إليه؛ فوجدته قد مات -رضي الله عنه وأرضاه-.[١٠]

المراجع

  1. رواه الحاكم، في المستدرك، عن عمرو بن عوف، الصفحة أو الرقم:6703، سكت عنه وقال في المقدمة رواته ثقات احتج بمثله الشيخان أو أحدهما.
  2. [أبو الشيخ الأصبهاني]، طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها، صفحة 203. بتصرّف.
  3. ^ أ ب شمس الدين الذهبي، تاريخ الإسلام، صفحة 511- 512. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سلمان الفارسي، الصفحة أو الرقم:883، صحيح.
  5. [ابن قانع]، معجم الصحابة، صفحة 285. بتصرّف.
  6. ^ أ ب [محمد رضا]، محمد صلى الله عليه وسلم، صفحة 59. بتصرّف.
  7. ^ أ ب [شمس الدين البرماوي]، اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح، صفحة 526- 527. بتصرّف.
  8. ^ أ ب [خالد محمد خالد]، رجال حول الرسول، صفحة 32-33. بتصرّف.
  9. [ابن سعد]، الطبقات الكبرى، صفحة 93. بتصرّف.
  10. ^ أ ب ابن زبر الربعي، وصايا العلماء عند حضور الموت، صفحة 43. بتصرّف.
4715 مشاهدة
للأعلى للسفل
×