سنن الأضحية لغير الحاج
إن الأضحية يوم عيد الأضحى سنةٌ مؤكدةٌ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي شعيرةٌ من شعائر الإسلام التي أمر الله -تعالى- نبيه بها، يقول الله -تعالى-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)،[١] وكلما كان المسلم قادراً على تكاليف هذه الأضحية كلما كانت هذه السنة العظيمة في حقه آكد.
ويسن للمسلم عند ذبح الأضحية مجموعة من السنن وسنذكر بعضها فيما يأتي:
- أن يذبح الأضحية المضحي بنفسه
كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (ضَحَّى النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بكَبْشينِ يُسَمِّي ويُكَبِّرُ)،[٢] فقد ضحى النبي -صلى الله عليه وسلم- بيديه الشريفتين كما ظهر في الحديث الشريف، ويجوز توكيل الآخرين بالذبح.
- التسمية والتكبير عند الذبح
وذلك بقول: "بسم الله الله أكبر"، كما ورد في الحديث السابق.
- الدعاء بما دعاه النبي -صلى الله عليه وسلم-
ثبت عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: (أنَّ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- ذبحَ يومَ العيدِ كَبشَينِ، ثمَّ قالَ حينَ وجَّهَهُما: إنِّي وجَّهتُ وجهيَ للَّذي فطَرَ السَّماواتِ والأرضَ وما أَنا منَ المشرِكينَ إنَّ صلاتي ونسُكي ومَحيايَ ومماتي للَّهِ ربِّ العالمينَ لا شريكَ لَهُ وبذلِكَ أُمِرتُ وأَنا أوَّلُ المسلِمينَ بسمِ اللَّهِ اللَّهُ أَكْبرُ اللَّهمَّ منكَ ولَكَ من محمَّدٍ وأمَّتِهِ).[٣]
- الإحسان إلى الذبيحة عند الذبح
وعدم تعذيبها بأي شكل من الأشكال، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ، وإذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ)،[٤]يجب على المسلم أن يحسن الذبح وإن لم يكن عالماً بطريقة الذبح فليوكل غيره بذلك، وكذلك فعلى الذابح أن يجعل سكينته حادة ليريح ذبيحته عند الذبح.
- استقبال القبلة عند الذبح
وإخفاء السكين عن الأضحية، ويستكمل قطع ودجيها وحلقومها ومريئها.[٥]
- التبكير في ذبح الأضحية ضمن الوقت المخصص لها
السنة أن يذبحها بعد صلاة العيد مباشرة، ويبدأ وقت ذبح الأضحية بعد صلاة العيد وينتهي عند غروب آخر أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة يقول البراء بن عازب -رضي الله عنه-: (خَطَبَنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ النَّحْرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَقالَ: مَن صَلَّى صَلَاتَنَا، ونَسَكَ نُسْكَنَا، فقَدْ أصَابَ النُّسُكَ، ومَن نَسَكَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَتِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ).[٦]
سنن اختيار الأضحية
يسن عند اختيار الأضحية ما يأتي:
- أن تكون الأضحية من الغنم
وذلك لمتابعة النبي -صلى الله عليه وسلم- في اختيار الأضحية من الغنم مع قدرته على الإبل والبقر والماعز، ويجوز الأضحية بالإبل والبقر والماعز، وفي الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ضَحَّى النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بكَبْشينِ يُسَمِّي ويُكَبِّرُ).[٢]
- اختيار السمينة التي يمكن الاستفادة من لحمها
استسمان الأضحية من تعظيم شعائر الله، يقول الله -تعالى-: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ).[٧][٨]
سنن بعد ذبح الأضحية
يسن للمسلم بعد ذبح أضحيته ما يأتي:[٩]
- الأكل من الأضحية
امتثالاً لقوله -تعالى-: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)،[١٠] وفي الحديث: (كان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- لا يَغْدو يَومَ الفِطْرِ حتى يَأكُلَ، ولا يَأكُلُ يَومَ الأضْحى حتى يَرجِعَ، فيَأكُلَ مِن أُضحِيَّتِه).[١١]
- التصدق بشيء من الأضحية
والهدية منها للأقارب أو الجيران أو أهل الفضل، وذلك امتثالاً لقوله -تعالى-: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)،[١٢] والأولى بذلك هم الفقراء المحتاجون لا سيما من لا يسألون الناس.
سنن للمضحي
يسن للمضحي قبل أن يضحي بالإمساك عن قص شعره وأظافره، وذلك امتثالاً لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن كانَ له ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فإذا أُهِلَّ هِلالُ ذِي الحِجَّةِ، فلا يَأْخُذَنَّ مِن شَعْرِهِ، ولا مِن أظْفارِهِ شيئًا حتَّى يُضَحِّيَ)،[١٣] والحكمة في ذلك هو موافقة الحاج في أعمال الحج حيث يكون محرماً، والمحرم لا يجوز له أن يأخذ شيئاً من شعره أو أظفاره.[١٤]
والحكمة من ذلك كله هو توحيد جميع المسلمين على منهج واحد، والتأكيد على وحدة الأمة الإسلامية قدر المستطاع وهي غاية نبيلة ومقصد عظيم، فيستشعر المسلم به عظمة هذا الدين وقوة أمته وحسن انتمائه لهذه الأمة وهذا الدين، ومما ينبغي على المضحي أن يخلص النية لله ويقدمها بطيب نفس منه.
المراجع
- ↑ سورة الكوثر، آية:2
- ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:7399، صحيح.
- ↑ رواه ابن خزيمة، في صحيح ابن خزيمة، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:487 ، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم:1955، صحيح.
- ↑ ابن عثيمين، مجموع فتاوى ورسائل العثيمين، صفحة 171. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:983، صحيح.
- ↑ سورة الحج، آية:32
- ↑ البكري الدمياطي، إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين، صفحة 380. بتصرّف.
- ↑ سيد سابق، فقه السنة، صفحة 324. بتصرّف.
- ↑ سورة الحج، آية:28
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي، الصفحة أو الرقم:22984، حسن.
- ↑ سورة الحج، آية:28
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم المؤمنين أم سلمة، الصفحة أو الرقم:1977، صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 20734. بتصرّف.