محتويات
من هم الصحابة
الصحابة الكرام رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله -سبحانه وتعالى- عليه، فباعوا نفوسهم وأجسادهم وأموالهم وأهلهم في سبيل نصرة هذا الدين، والصحابة هم أصحاب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- الذين آمنوا به وصدقوه وقاتلوا معه وماتوا وهم يؤمنون به حقَّ الإيمان، والصحابة الكرام هم حفظة القرآن ورواة الأحاديث وهم قدوة الناس أجمعين، فتحوا الأمصار بعد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وقاتلوا فارس والروم وانتصروا عليهم، ونشروا كتاب الله وسنة نبيه كما شاء رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام-، وهذا المقال سيسلِّط الضوء على أحد صحابة رسول الله وهو الصحابي سهيل بن عمرو -رضي الله عنه-.
سهيل بن عمرو
هو الصحابي الجليل سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر القرشيّ العامريّ، أمُّه هي حبي بنت قيس بن ضبيس بن ثعلبة بن حيان بن غنم بن مليح بن عمرو الخزاعية، كان سهيل يُكنَّى بأبي زيد، وهو واحد من سادات قريش وأشرافها وفصحائها، كان سهيل خطيبًا من خطباء قريش قبل الإسلام، قاتل سهيل مع المشركين في غزوة بدر ضد المسلمين ووقع أسيرًا في يد المسلمين، وقد أسلم يوم فتح مكة المكرمة، كان سهيل سمحًا بليغًا طليقَ اللسان، خطب بالناس في مكة المكرمة عند وفاة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فثبتهم في مصابهم برسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام-، قال الزبير بن بكار عنه: "كان سهيل بعد كثير الصَّلاة والصَّوم والصَّدقة، خرَجَ بجماعتِهِ إلى الشَّام مجاهدًا، ويُقال: إنَّهُ صامَ وتهجَّدَ حتَّى شحُبَ لونُهُ وتغيَّر، وكان كثير البكاء إذا سمع القرآن، وكان أميرًا على كردوس يوم اليرموك"، والله أعلم.[١]
سهيل بن عمرو في صلح الحديبية
في صلح الحديبية، بعد أن تأزمت الأحوال بين المسلمين وقريش، بعثت قريش إلى المسلمين مفاوضًا عنها وهو سهيل بن عمرو وكان على الكفر وقتها، وعندما جلس سهيل على طاولة التفاوض لكتب بنود صلح الحديبية، نادى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- عليَّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- ليكتب بنود الصلح، وقد روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- ما حدث في تلك اللحظة، قال: "إنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- لمَّا صالَح قريشًا يومَ الحُديبيَةِ، قال لِعليٍّ: اكتُبْ بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، فقال سهيل بن عمرٍو: لا نعرِفُ الرَّحمنَ الرَّحيمَ، اكتُبْ باسمِك اللَّهمَّ، فقال -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- لِعليٍّ: اكتُبْ، هذا ما صالَح عليه محمَّدٌ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، فقال سهيل بن عمرو: لو نعلَمُ أنَّك رسولُ اللهِ لاتَّبَعْناك ولم نُكذِّبْك، اكتُبْ بنَسَبِك مِن أبيك، فقال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- لِعليٍّ: اكتُبْ محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ، فكتَب: مَن أتى منكم ردَدْناه عليكم ومَن أتى منَّا ترَكْناه عليكم، فقالوا: يا رسولَ اللهِ نُعطيهم هذا؟ فقال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: مَن أتاهم منَّا فأبعَده اللهُ، ومَن أتانا منهم فردَدْناه جعَل اللهُ له فرَجًا ومخرَجًا"[٢]، والله تعالى أعلم.[٣]
إسلام سهيل بن عمرو
عندما قم جيش المسلمين لفتح مكة في السنة الثامنة للهجرة، خاف سهيل على نفسه وخشي أن يقتله المسلمون، وكان ابنه عبد الله مسلمًا مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فبعث إليه رسالة يطلب منه أن يستأمن له عند رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فأمَّنَ رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- سهيل فأسلم سهيل في ذلك اليوم، وفي فترة إسلامه شارك سهيل مع جيش المسلمين في غزوة حُنين، وأعطاه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- مئة ناقة من غنائم تلك الغزوة فكان سهيل من المؤلفة قلوبهم، وقد كان بعد إسلامه شديد الورع، تقيًا، مقبلًا على العبادات من صلاة وصوم وصدقات، وما زال على ما هو عليه من التقى والعفاف حتَّى وفاته -رضي الله عنه وأرضاه-، وقد كان سهيل يأتي معاذ بن جبل -رضي الله عنه- ليقرئه القرآن فيبكي وهو يسمع كلام الله، وعندما خرج معاذ بن جبل من مكة، قال ضرار بن الأزور لسهيل: "يا أبا يزيد! تختلف إلى هذا الخزرجي يقرئكَ القرآنَ! ألا يكون اختلافُكَ إلى رجلٍ من قومِك؟ فقال: يا ضرار، هذا الذي صنع بنا ما صنع حتَّى سبقنا كل السَّبق، لعمري أختلف، لقد وضع الإسلام أمرَ الجَاهلية، ورفع اللهُ أقوامًا بالإسلام كانوا في الجاهلية لا يُذكرون، فليتنا كنَّا مع أولئك فتقدمنا، وإني لأذكر ما قسم الله لي في تقدم أهل بيتي الرجال والنساء، ومولاي عمير بن عوف فأسر به، وأحمد الله عليه، وأرجو أن يكون الله نفعني بدعائهم ألَّا أكونَ هلكتُ على ما مات عليه نظرائي وقتلوا، فقد شهدت مواطن كلها أنا فيها معاند للحقِّ، يوم بدر، ويوم أحد، ويوم الخندق، وأنا وليت أمر الكتاب يوم الحديبية يا ضرار، إني لأذكر مراجعتي رسول الله يومئذ، وما كنت ألظ به من الباطل، فأستحي من رسول الله وأنا بمكة، وهو يومئذ بالمدينة، ثم قتل ابني عبد الله يوم اليمامة شهيدًا، فعزَّاني به أبو بكر، وقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الشَّهيدُ يشفَعُ في سبعينَ مِن أهلِ بيتِه"[٤]، فأنا أرجو أن أكونَ أوَّلَ من يُشفَعُ لهُ"، والله أعلم.[٣]
وفاة سهيل بن عمرو
بعد وفاة رسول الله -صلَى الله عليه وسلَّم- سنة 11 للهجرة، واستلام أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- وقف سهيل بن عمرو -رضي الله عنه- موقفًا عظيمًا في مكة، فقام وخطب بالناس وثبتهم على دينهم، وقد توفِّي ابنه في حروب المرتدين في معركة اليمامة، وبعد انتهاء حروب الردة خرج سهيل بن عمرو -رضي الله عنه- مع أهله إلى الشام ليشارك في فتوحات المسلمين في بلاد الشام، وكان قائدًا من قادات جيش المسلمين في معركة اليرموك، وبقي هناك في بلاد الشام يحارب مع المسلمين حتَّى توفِّي بمرض طاعون عمواس في مرج الصفر في السنة 18 للهجرة، والله تعالى أعلم.[٥]
المراجع
- ↑ "سير أعلام النبلاء"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-06-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 4870، أخرجه في صحيحه.
- ^ أ ب "سهيل بن عمرو"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 12-06-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم: 4660، أخرجه في صحيحه.
- ↑ "سهيل بن عمرو"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 12-06-2019. بتصرّف.