سور قرآنية للإصلاح بين الزوجين

كتابة:
سور قرآنية للإصلاح بين الزوجين

سور وآيات من القرآن للإصلاح بين الزوجين 

تحدثت آيات كثيرة في القرآن الكريم عن أحكام الطلاق في حال عدم استقامة الحياة الزوجية، وكثرة الخصومات، وقد كفل الإسلام لكلا الطرفين حق الرجوع، أو الإصرار على الفراق، ضامناً الحياة الكريمة للزوجة، ومهذباً المجتمع الإسلامي بهذه الأحكام.[١]


لكن لم يرد في القرآن الكريم سورة بأكملها تتحدث عن الإصلاح بين الزوجين، وإنما هي آيات متفرقة جاءت في عدة سور، نذكر منها ما يأتي بالإضافة إلى عدّة آيات يُستنبط منها الفائدة حول أهمية الإصلاح بين الزوجين:

  • يقول -سبحانه وتعالى-: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً)[٢]
ففي الآية الكريمة، أمر منه -سبحانه- بإرسال حكمين عادلين، في حال وقوع النزاع بين الزوجين؛ لينظرا في المشكلة ويحاولا الإصلاح بينهما.[٣]
  • (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ)[٤]
فالأصل في حل المشكلات بين الزوجين عدم خروجها من بينهما إن كانا يستطيعان حلها بالتفاهم والصلح؛ وذلك حتى لا يُفسحا المجال للآخرين بإفساد العلاقة.[٥]
  • (وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا)[٦]
تدّرج الله -سبحانه- في تشريع طرق الزجر للمرأة التي يظهر عصيانها لزوجها، فابتدأت بالوعظ والتفاهم، ثم تطرقت إلى هجر الفراش، وبعدها الضرب غير الموجع أو المهين إن كان الزوج متيقّن أنّ ذلك لن يزيد النزاع، فإذا حصلت الطاعة، كان الاستقرار وعدم الاستمرار في النزاع.[٧]
  • (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ)[٨]
وهذه الآية الكريمة تحثّ على أحد طرق الإصلاح لمن كان متزوجاً بأكثر من زوجة، فتحثه على العدل والرحمة في إعطاء الحقوق، والنهي عن ترك الزوجة دون إنصاف واهتمام، فلا هي مطلقة بدون زوج، ولا هي تشعر بوجوده.[٩]
  • (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ)[١٠]
يريد الحق -سبحانه- أن يربي في نفوس المسلمين حل المشكلات بأيسر الطرق إن تعذر الإصلاح، فشرع الطلاق، فإما أن يعطي الزوج لنفسه فرصة بالتراجع، أو يكون الانفصال بإحسان.[١١]
  • (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ)[١٢]
تؤكد الآية الكريمة على إعطاء الفرصة للزوجين بالرجوع والإصلاح بالخير، أو المفارقة بالمعروف، وحفظ ما كان بينهما دون إضرار.[١٣]
  • (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)[١٤]
فالأصل في أخوة الإيمان، أن يكون الحب والسلام والتعاون والوحدة هو الأساس، وما ينشأ من خلاف أو قتال هو الاستثناء الذي يجب تداركه بالإصلاح ومحاولة رد الحال إلى أصله.[١٥]
  • (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا)[١٦]
فإن حصلت الشحناء وتوترت العلاقات، كان السعي إلى الإصلاح بالعدل وإزالة أسباب الفرقة.[١٧]
  • (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا)[١٨]
إذا طلق الرجل زوجته ولم تنقضِ عدتها، وأراد إرجاعها رغبة في الإصلاح، فله ذلك دون إذنها أو إذن وليها؛ حرصاً على تغليب المصلحة.[١٩]
  • (فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[٢٠]
تحث الآية الكريمة على تحقيق فرض الكفاية في الإصلاح، وإزالة الظلم والجور، فإن تركه الجميع أصابهم الإثم بذلك.[٢١]
  • (أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)[٢٢]
ينهى الله -سبحانه- المسلمين أن يمتنعوا عن الإحسان، وفعل الخير، والإصلاح بين الناس، بحلف اليمين على ترك ذلك؛ لما فيه من امتناع عن البر، وأفعال الخير.[٢٣]
  • (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ)[٢٤]
فالمبادرة إلى حل الخصام ومحاولة الإصلاح يجب أن يكون ابتغاء وجه الله -سبحانه-، لا ليقال عن الساعين في الصلح: أهل الإصلاح.[٢٥]
  • (لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)[٢٦]
جاء النهي عن النجوى والإسرار بالحديث إلا في حالات معينة، منها أن تكون في إصلاح ذات البين، وجزاء فعل ذلك الأجر العظيم.[٢٧]
  • (قُل إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ)[٢٨]
وردت هذه الآية الكريمة في اليتامى، لكن يُستخلص منها مفهومين مهمين للإصلاح هما: الإصلاح النفسي أو الروحي، بالشفقة وجبر الكسر، والرحمة واللين. والإصلاح الاقتصادي برعاية المال وأداء حقه.[٢٩]
  • (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ)[٣٠]
وردت الآية الكريمة على لسان نبي الله شعيب -عليه السلام-، لكنها تعني الرغبة بفعل الصلاح، والإصلاح قدر المستطاع.[٣١]


أثر تطبيق آيات الإصلاح على البيت المسلم

إن تطبيق ما جاءت به الشريعة الإسلامية ينعكس على حياة المسلم في بيته، وعمله، وكافة أمور حياته، ولتطبيق آيات الإصلاح تحديداً عددٌ من الآثار، نذكر منها:[٣٢]

  • خلق نظام تربوي فريد
ينتج عنه تكوين أجيال مسلمة متوازنة، تستطيع تحمل المسؤولية، وتحقق بذلك سعادة الدارين.
  • التربية بالقدوة
ابتداءً بالرسول الكريم مؤسس منهج الإصلاح بطريقة تبهج النفوس، وتترك للناس النماذج التربوية المشرفة والبصمة المميزة في حل الأمور.
  • جعل القرآن الكريم المرجع والمصدر الأول في ميدان الإصلاح
فالمجالات فيه واسعة، يمكن عرضها بالعمل والامتثال لأمره -سبحانه-، وبالنصح والإرشاد عن طريق الخطب والمواعظ والكتابات، فتشمل كافة أنواع الخير والطاعة.
  • الحرص الدائم على التوبة
فالمتتبع للآيات القرآنية يجد الرابط الوثيق بين التوبة وضرورة الإصلاح بعدها.
  • توضيح حقيقة الزوجية
ليظل الاطمئنان والأمن والسكينة؛ فتنمو هذه العلاقة نمواً سليماً مستقيماً.
  • شمولية الشريعة الإسلامية
فقد جاءت بنظام شامل، لم يترك ولم يغفل عن صغيرة ولا كبيرة إلا وبينها.
  • ربط الأجيال الجديدة بالقرآن الكريم
وذلك بتوصيلها إلى فهم القرآن، وحرصه الدائم على إسعاد الإنسان.
  • إصلاح النفس
وذلك بالخوف من الله، واستشعار مراقبته، والصبر والتحمل، وحفظ اللسان، وحفظ النفس عند الغضب.[٣٣]
  • إصلاح الأسرة اجتماعياً
والتي تعد المصدر الأول، والخلية الأولى لتنشئة شخصية الأطفال والتأثير بها، والتركيز على أسلوب الوالدين، وانعكاسه في تربية أبنائهم.[٣٤]
  • البعد عن الإفساد الذي هو ضد الإصلاح تماماً.
  • وضع جملة من الأخلاق الواجب على المربي التحلي بها، ومراعاتها أثناء التربية.
  • توضيح الوظيفة الأساسية للأسرة من سكن، وألفة، ومودة، وأنس.
  • وضع الضوابط والأسس العادلة لتحقيق الإصلاح، وتجنب الوقوع في هاوية الإفساد والنزاعات.
  • توضيح وظيفة علماء الدين ورجال العلم في إيجاد الوسائل المحققة للإصلاح بين الناس.
  • القدرة على مواجهة تحديات العصر، وما يطرأ من مشكلات جديدة.
  • نيل الأجر والثواب الجزيل، وتحقيق المودة والألفة بين أفراد المجتمع.[٣٥]
  • تقليل الخلافات، وسد الشقوق في إحياء هذه العبادة الجليلة.[٣٥]
  • تحقيق الصحة النفسية والتحصين ضد الانهيارات أو الاضطرابات العديدة.[٣٦]


المراجع

  1. سالم البهنساوي، تهافت العلمانية في الصحافة العربية، صفحة 207. بتصرّف.
  2. سورة النساء، آية:35
  3. قاسم عاشور، 1000 سؤال وجواب في القرآن، صفحة 144. بتصرّف.
  4. سورة النساء، آية:128
  5. شحاتة صقر، دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ، صفحة 283. بتصرّف.
  6. سورة النساء، آية:34
  7. إسماعيل المقدم، تفسير القرآن الكريم، صفحة 10. بتصرّف.
  8. سورة النساء، آية:129
  9. مصطفى عدوي، سلسلة التفسير، صفحة 9. بتصرّف.
  10. سورة البقرة، آية:229
  11. محمد متولي الشعراوي، تفسير الشعراوي، صفحة 989-990. بتصرّف.
  12. سورة الطلاق، آية:2
  13. النسفي، مدارك التنزيل وحقائق التأويل، صفحة 497. بتصرّف.
  14. سورة الحجرات، آية:10
  15. سيد قطب (1972)، في ظلال القرآن (الطبعة 34)، مصر:دار الشروق، صفحة 3342، جزء 6. بتصرّف.
  16. سورة الحجرات، آية:9
  17. سعيد حوى، الأساس في التفسير، صفحة 5407. بتصرّف.
  18. سورة البقرة، آية:228
  19. حمد الحمد، دروس الشيخ حمد الحمد، صفحة 9. بتصرّف.
  20. سورة البقرة، آية:182
  21. إبراهيم الإبياري، الموسوعة القرآنية، صفحة 140. بتصرّف.
  22. سورة البقرة، آية:224
  23. صديق خان، فتح البيان في مقاصد القرآن، صفحة 7. بتصرّف.
  24. سورة الأنفال، آية:1
  25. مصطفى عدوي، دروس الشيخ مصطفى عدوي، صفحة 7. بتصرّف.
  26. سورة النساء، آية:114
  27. سعد البريك ، دروس الشيخ سعد البريك، صفحة 7. بتصرّف.
  28. سورة البقرة، آية:220
  29. صالح المغامسي، سلسلة محاسن التأويل، صفحة 9. بتصرّف.
  30. سورة هود، آية:88
  31. الماوردي، تفسير الماوردي النكت والعيون، صفحة 497. بتصرّف.
  32. د عبد الله محمد، د ابتسام سامي (2018/2019)، "أسس إصلاح البيت المسلم من خلال سورة النساء"، مداد الآداب، صفحة 19-20. بتصرّف.
  33. عبد الرحمن سديس، دروس للشيخ عبد الرحمن سديس، صفحة 9. بتصرّف.
  34. زكريا الشربيني، تنشئة الطفل وسبل الوالدين في معاملته، صفحة 90-91. بتصرّف.
  35. ^ أ ب محمد المنجد، دروس الشيخ محمد المنجد، صفحة 1. بتصرّف.
  36. دحامد زهران، التوجيه والإرشاد النفسي، صفحة 451. بتصرّف.
7784 مشاهدة
للأعلى للسفل
×