شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام

كتابة:
شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام

تاريخ العرب

سُمّيت الفترة التي عاش فيها العرب منذ القدم وحتى مجيء الإسلام الفترة الجاهلية، وقد أطلق المؤرخون هذا اللفظ عليها لأنها تدلّ على تهميش الحالة التي كان عليها العرب من عبادة الأوثان؛ لجهلهم بشرائع الدين وبمعرفة الله سبحانه وتعالى، ولفظ الجاهلية هو لفظ إسلامي تم إطلاقه بعد مجيء الإسلام على الفترة التي عاش فيها العرب في شبه الجزيرة العربية قبل بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام،[١] أما المصادر التي حصل منها المؤرخون على تاريخ العرب، فتتمثل في الآتي:[٢]

  • المصادر الأثرية: مثل النقوش والكتابات القديمة، والمعالم الأثرية أو الآثار المعمارية، والمسكوكات، وتتمثّل في العملة، والمنحوتات، وبقايا الفخار.
  • المصادر العربية المكتوبة: وتتمثل في القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، والتفسير، وكتب السير والغزوات، وكنب الجغرافيا، وكتب التاريخ، وكتب الشعر الجاهلي، بالإضافة إلى المستشرقين المحدثين، وهم علماء أوروبيون الأصل درسوا اللغة العربية وتعمقوا في دراسة تاريخ العرب.
  • المصادر المكتوبة غير العربية: وتشتمل على الكتابات اليهودية، وكتابات المؤرخين اليونان والرومان الرحالة، بالإضافة إلى الكتابات المسيحية.


أما المعلومات التي وردت عن تاريخ العرب قبل الإسلام فهي قليلة؛ لدرجة أنّه تم طرح تساؤلات عديدة حول إذا ما كان الإسلام عمل على محو أخبار العرب في الجاهلية؛ إلّا أنّ العرب الجاهليين لم يكن لديهم إلّا معلومات قليلة عن أسلافهم وعمدوا إلى نقلها إلى المسلمين؛ الأمر الذي أدّى إلى تدوين هذا الكمّ القليل من المعلومات التاريخية، كما أشار القرآن الكريم إلى بعض الأحداث التي وقعت في قديم الزمان، وتحدّث عن بعض الأقوام الذين هلكوا قبل الإسلام، كما أشار إلى الأصنام التي عبدها سكان شبه الجزيرة العربية، وقد جاب العلماء بقاع الأرض، واستدلوا إلى وجود آثار وحفريات تقدّم معلومات لا بأس بها عن تاريخ الجاهلية.[١]


شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام

جغرافية بلاد العرب قبل الإسلام

تقع بلاد العرب في الجزء الجنوبي الغربي من آسيا، وهي عبارة عن شبه جزيرة محاطة بالماء من جهات ثلاث؛ حيث يحدها البحر الأحمر من الغرب، والخليج العربي من الشرق، والمحيط الهندي من الجنوب، أمّا من الشمال فهي تمتد من مدينة غزة وتمرّ عبر البحر الميت من جهة الجنوب، ثم إلى دمشق ومنها لتصل حدودها الفرات، وسُمّيت شبه جزيرة لأنّ الماء يحيط بها من ثلاث جهات فقط، أمّا موقعها الاستراتيجي فله أهمية بالغة؛ حيث تربط بلاد حوض البحر المتوسط مع جنوب وشرق آسيا، كما تتصّل بأفريقيا عن طريق صحراء سيناء، وهي طريق حيوي لنقل التجارة، وقد قامت فيها العديد من الحضارات، وقد قسّم العرب شبه الجزيرة العربية إلى خمسة أقسام، هي: اليمن، والحجاز، وتهامة، ونجد، والعروض.[٢]


أما مناخها فهو جافّ بشكل عام، كما يندر سقوط الأمطار فيها وغالبية أراضيها صحراوية، وعلى الرغم من ذلك فتكثر فيها الأودية التي تسيل فيها المياه خلال موسم الأمطار لتصبّ في البحر الأحمر، وتبقى بعض أجزاء هذه الوديان مليئة بالمياه طوال العام بسب وقوعها في أماكن هبوب الرياح الموسمية التي تهبّ حاملة للأمطار الغزيرة، بالإضافة إلى وجود عدد من البحيرات والآبار المتناثرة في الصحراء، وتكثر فيها أشجار النخيل والكروم وأشجار التفاح والمشمش والليمون والبرتقال، كما يتواجد فيها القمح والشعير، أما الثروة الحيوانية فتتمثل في الحيوانات المفترسة كالفهد والأسد والنمر، كما توافرت الحيوانات الأليفة مثل الإبل والماعز والبقر والخيل.[٢]


الحياة الاقتصادية للعرب قبل الإسلام

كانت الحياة الاقتصادية في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام تقوم على ما يأتي:[٣]


التجارة

وقعت شبه الجزيرة العربية على طرق التجارة الهامة، وقد أعطاها موقعها الاستراتيجي أهمية تجارية عظيمة؛ حيثُ تعدّ حلقة الوصل بين الشرق الأقصى والشرق الأوسط، كما أنّها تشكل معبراً إلى بلاد الهند والخليج العربي عن طريق البحر؛ ليتم نقل البضائع إلى مصر وبلاد الشام، واحتكر أهالي مدينة سبأ التجارة وخاصة تجارة البخور، أما مكة فاشتهرت في التجارة الداخلية قبل القرن السادس؛ حيثُ تركزت التجارة الخارجية في اليمن فقط؛ إلّا أنّها أصبحت بعد القرن السادس الميلادي مركزاً للتجارة بين الحبشة واليمن والشام.


الزراعة

دخلت الزراعة إلى شبه الجزيرة العربية من مناطق أخرى وخاصة زراعة الحبوب، وكانت مورداً ثانوياً بعد الرعي، وكانت نظرة البدو عن الزراعة أنّها مهنة ذات قيمة متدنية كما ذكر في الشعر الجاهلي الذي كان يصور العرب وهم ينتظرون موسم الحصاد ويبيّن مدى ازدرائه لمثل هذه المهنة، واشتهرت اليمن بالزراعة وخاصة وادي فاطمة الذي كان يزرع بالنخيل والخضرة والفواكه، بالإضافة إلى العنب والرمان والتين، وفي يثرب اشتهرت زراعة النخيل والكروم بسبب كثرة الوديان الممتلئة بمياه السهول.


عمد سكان شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام إلى توسيع أعمال الري من خلال حفر الآبار في أماكن مختلفة مثل الواحات والوديان بهدف استخدام المياه الجوفية في الزراعة، كما جمعوا مياه الأمطار في حواجز لتوزيعها على المزارعين فيما بعد، وحوّلوا مدينة يثرب أي المدينة المنورة إلى واحة طبيعية تزرع فيها أشجار النخيل والشعير، وكانت مدينة الطائف غنية بالتربة الخصبة والمياه الغزيرة والمناخ اللطيف، فاعتمد أهلها على الزراعة البعلية والمروية أيضاً، كما ازدهرت اليمن بأشجار النخيل والمراعي وسميت الأرض الخضراء، وبلاد العرب السعيدة؛ لكثرة الزراعة فيها.


الرعي

كان الرعي المهنة الأساسية في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام وخاصة رعي الإبل في المناطق الصحراوية قليلة المياه، وقد احترف أهل مكة تربية المواشي مثل: الغنم، والبقر، والإبل، أمّا أهل يثرب فقد مارسوا الرعي في الجزء الشمالي الغربي منها لوجود منطقة زغابة وهي منطقة رعوية بحتة، وكانت القبائل تتنازع على أماكن الرعي؛ حيث أصبحت تستولي عليها بالقوة والغارات المتكررة، واعتمدت حياة البدو على الترحال والغارات للسيطرة على قطعان الماشية الخاصة بالغير.


الصناعة

اشتهرت بعض الصناعات عند العرب في مناطق متفرقة، فمثلاً عُرفت اليمن بصناعة النسيج والسيوف والبرود اليمنية المشهورة، كما برعوا في دباغة الجلود، ومن الحرف المشهورة في بلاد العرب:

  • النجارة، وهي من الحرف الهامة، وقد عثر على نماذج مصنوعة من الخشب تشير إلى مهارة النجارين وذكائهم.
  • الحدادة، وتمثلت في صناعة الأدوات المستخدمة في حراثة الأرض من الحديد.
  • الدباغة، وهي إصلاح الجلود وإزالة الصوف والشعر عنها، وانتشرت بكثرة في الطائف واليمن.
  • صناعة الحلي، مثل الذهب والفضة وخاصة صناعة الخلاخيل.
  • الصياغة، وتمثلت في صياغة الذهب والفضة.


العقائد عند العرب قبل الإسلام

تعددت العقائد والديانات في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، ومن الديانات:[٤]

  • الديانة اليهودية في شبه الجزيرة العربية: وقد اعتنق الديانة اليهودية عدد من القبائل من خارج مكة، مثل: بنو قريظة، وبنو النضير، وبنو ثعلبة، كما اعتنقت بعض القبائل العربية الديانة اليهودية بعد مجيئها إلى الجزيرة العربية للتجارة، أمّا الإله الذي اعتقد به اليهود فهو يهوه، وهو إله خاص بهم؛ الأمر الذي جعلهم يسمّون أنفسهم شعب الله المختار، ولم يكن لهم إلهٌ غيره، وقد تعنصر اليهود لدينهم وانغلقوا على أنفسهم، وأصبح همّهم هو جمع المال، وإيقاظ الفتن بين القبائل للحفاظ على وجودهم.
  • الديانة النصرانية في شبه الجزيرة العربية: وهي الديانة التي جاء بها المسيح عليه السلام لبني إسرائيل لعبادة الله وحده لا شريك له، أما وصولها إلى شبه الجزيرة العربية، فقد تم عن طريق التجارة بين بلاد الشام والعراق، بالإضافة إلى انتقال التجار المسيحيين بين اليمن والبحرين والحجاز، وقد تعرّف العرب على الديانات النصرانية من خلال الكنائس المنتشرة في العراق وبلاد الشام، وانتشرت الديانة النصرانية في مكة أيضاً؛ حيث اعتنقها البعض من الرجال، أما إله النصارى فقد كان إلهاً لجميع البشر وليس خاص بهم وحدهم كإله اليهود، وقد اختلف المسيحيون في طبيعة السيد المسيح عليه السلام، فمنهم من اعتبره بشراً، ومنهم من اعتبره إلهاً، ومنهم من افترضوا أنّ له أولاداً من ذكور وإناث لهنّ أمهات جنّيّات.


أما العقائد فتشتمل على:[٤]

  • العقيدة الوثنية: ويقصد بها عبادة الأوثان، وتعود نشأتها إلى زمن بعيد جداً قبل الإسلام، أما أصلها فجاء من عبادة أحجار لا شكل لها، ثم تطورت بعد نحتها وأصبحت أصناماً لها أشكال مختلفة، وقد كان العرب على الرغم من عبادتهم للأوثان والأصنام يعظّمون إله الكعبة، ويؤدّون مناسك الحج الخاصة بهم.
  • العقائد الحنفية: إنّ الأحناف هم من رفضوا عبادة الأوثان واتّجهوا نحو الحق، والحنيف هو المسلم الذي يحنف عن الأديان، ويُقال أن الحنف هو الميل عن النصرانية واليهودية والالتزام بتعاليم دين إبراهيم عليه السلام.


المراجع

  1. ^ أ ب أ.د. عطية القوصى (2007)، جزيرة العرب قبل الإسلام، القاهرة : الفكر العربي، صفحة 2-4. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت د.عبد الحميد حسين حمودة (2006)، تاريخ العرب قبل الإسلام (الطبعة الأولى)، القاهرة: الثقافية للنشر، صفحة 7-27. بتصرّف.
  3. د. عبد الحميد حسين حمودة (2007)، تاريخ العرب قبل الإسلام (الطبعة الأولى)، القاهرة: الثقافية للنشر، صفحة 201-205. بتصرّف.
  4. ^ أ ب Dr : Mohammed Hamza Ibrahim ، الأديان في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، صفحة 8-41. بتصرّف.
5986 مشاهدة
للأعلى للسفل
×