شخصيات تاريخية إسلامية خالدة

كتابة:
شخصيات تاريخية إسلامية خالدة

التاريخ الإسلامي

قدّمت الحضارة الإسلاميّة عبر التاريخ العديدَ من الأنماط الحضارية التي نهضت بالإمة الإسلاميّة في الماضي، والتي يمكن في الوقت الحاضر، إعادة بعثها للارتقاء بالأُمَّة الإسلامية وإنعاشها مِن جديد، ومن هذه الأنماط تحويل المساجد الكبرى إلى جامعات وتقديم برامجَ منظَّمة تُشرف عليها الهيئاتُ الرسميَّة المختصَّة، للاستفادة من تجربة المسلمين الأوائل، وتجربة الكتاتيب التي انتشرت في الدولة الإسلاميَّة، وكان لها مناهجُ وأساليبُ فريدةٌ في تعليم النشء، بالإمكان إعادة صياغتها بصورةٍ حديثة، وتعميمها بهدفِ حفظِ القرآن الكريم، وتعلُّم اللغة العربيَّة، وشيء من الحساب والخَطَابة. ولكن من أهم ما قدّمته الحضارة الإسلامية الإنسان، فقد عرف التاريخ شخصيات تاريخية إسلامية خالدة، من شأنها استنهاض همة الأمة وإنعاشها من جديد، وموضوع المقال التعريف ببعض هذه الشخصيات.[١]

شخصيات تاريخية إسلامية خالدة

عُني التاريخ الإسلامي بعلم التراجم وتراجم الرجال وحياة الأعلام من الناس عبر العصور المختلفة بوصفها فرعًا من فروع علم التاريخ، وقدّموا دراسات لأحوال شخصيات تاريخية إسلامية خالدة تركت أثرًا في المجتمع، من كافة الطبقات من الأنبياء والخلفاء والملوك والأمراء والقادة والعلماء في شتى المجالات والفقهاء والأدباء والشعراء والفلاسفة وغيرهم، حتى أنهم وضعوا الكثير من التآليف والمصنفات في تراجم الرجال، خاصّة لرواة الحديث لعلم الحديث، واهتمّوا بذكر حياتهم الشخصية، ومواقفهم وأثرهم في الحياة وتأثيرهم؛ وذلك لصيانة الحديث النبوي في المقام الأول، ومن ثم التاريخ من الكذب والتزوير والغشّ والتلفيق والدسّ، ومن هنا تأتت أهمية الكتابة المستمرة عن شخصيات تاريخية إسلامية خالدة، وصل خبرها إلى اليوم بروايات وسند صحيح، للاعتبار منها وأخذ الدروس المساعدة على نهضة الأمة، وانتعاشها من جديد.[٢]

خير الدين بربوس

خير الدين بربروس باشا التركي والمُلقّب بلقباطين البحر، ولد سنة 1470 في جزيرة لسبوس، وتوفى سنة 1546 في إسطنبول، كان وزيرًا للبحرية العثمانية، وقائد القوات البحرية، وواليًا للجزائر. اسمه الأصلي خضر بن يعقوب، لَقَّّبهُ السلطان سليم الأول من أبرز السلاطين العثمانيين بخير الدين باشا، وعرفه الأوروبيون ببارباروسا، أي ذو اللحية الحمراء، بعد أن استخدموا اللقب ذاته لأخيه الأكبر عروج ريس.[٣]

يذكَر خير الدين بربروس في ذكر شخصيات تاريخية إسلامية خالدة، بوصفه أحد أكبر قادة الأساطيل العثمانية وأشهرهم، وبوصفه رمزًا للجهاد البحري. شارك مع أخويه عروج وإلياس في غزوات بحرية عديدة، حتى تولى منصب حاكم إيالة الجزائر، ثم عينه السلطان سليمان القانوني بوصفه أول قائد عام لجميع الأساطيل البحرية للخلافة العثمانية عام 1534م فانتقل إلى إسطنبول، وهناك عزز مع مساعديه ابنيه بيوك حسن وكوجك حسن السيادة العثمانية في البحر الأبيض المتوسط، حتى أصبح يشار إليه بالبحيرة التركية. وقد ذاع صيته لفتوحاته البحرية العظيمة، ووضعه نظام السياسة البحرية العثمانية، ونظَام حوضِ بناء السفن العثماني الترسانة العامرة.[٣]

عبد الحميد بن باديس

وورد ذكره في ذكر شخصيات تاريخية إسلامية خالدة غيّرت مجرى التاريخ، وهو العلاّمة الإمام عبد الحميد بن باديس ولد عام 1889، وتوفى عام 1940م، وهو من أبرز رجالات الإصلاح في الجزائر وأهمها، ومؤسّس جمعية العلماء المسلمين بالجزائر. شبّ ابن باديس في بيئة علمية، ساعدته على حفظ القرآن وهو ابن ثلاث عشرة عامًا، وتتلمذ على يد الشيخ أحمد أبو حمدان الونيسي الذي كان لهم أثر طيب في اتجاهه الـديـنـي، وأخذ عهدًا عليه ألا يقرب الوظائف الحكومية عند الاحتلال الفرنسي، وعرف عن ابن باديس دفاعه عن مطالب السكان المسلمين في قسنطينة.[٤]

لابن باديس العديدُ من المؤلفات العلمية التي جمعت بعد وفاته، وهي: تفسير ابن باديس الذي جمع في كتاب عنوانه "مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير"، وكان قد أنجزه في خمس وعشرين سنة، وكتابه العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وكتاب رجال السلف ونساؤه، كما حقق كتاب العواصم من القواصم للإمام ابن العربي، وشرح موطّأ مالك. كما كتب العديد من المقالات السياسية في المجلات والجرائد ومنه مجلة الشهاب التي أدارها، وتحدث في مقالاته عن واقع المسلمين في الجزائر والعالم كافة، وهاجم فيها فرنسا وأساليبها الاستعمارية، وشرح أصول السياسة الإسلامية، كما انتقد مناهج التعليم السائدة حين تلقيه العلم والتي اهتمت بالفروع والألفاظ.[٤]

أحمد بن فضلان

وهو أحمد بن العباس بن راشد بن حمّاد البغدادي، من علماء القرن العاشر الميلادي. يذكر ضمن شخصيات تاريخية إسلامية خالدة لما كتبه من وصف لرحلته بوصفه عضوًا في سفارة الخليفة العباسي إلى ملك الصقالبة بلغار الفولجا عام 921م، وكان وصفه أقدم وصف أجنبي لروسيا. وتكمن أهمية وصفه في أن رحلات الحوار الحضاري في العصور الوسطى، ظلت محاطة بالادّعاء والالتباس لأحد عشر قرنًا.[٥]

ففي عام 921م خرجت من بغداد بعثة دينية سياسية بتكليف من الخليفة العباسي "المقتدر بالله" إلى قلب القارة الآسيويّة إلى أرض الصقالبة؛ التي طلب ملكها تعريفهم بالدين الإسلامي؛ ليجد جوابًا لسؤاله: "كيف استطاع ذلك الدين الآتي من قلب الصحراء أن يكوِّن تلك الإمبراطورية الضخمة التي لم تضاهها سوى إمبراطورية الإسكندر المقدوني؟" وشعبه في الإسلام، وليطلب منهم بناء المساجد والقلاع لحمايتهم من يهود الخزر الذين سكنوا وادي الفولجا، وكانوا يهاجمونهم باستمرار. وكان في البعثة شخصيات تارخية إسلامية خالدة، في مقدمتهم السفير العربي أحمد بن فضلان.[٥]

لاحقًا، كانت رحلة ابن فضلان أساسًا للعديد من الروايات الأدبية، منها رواية مايكل كرايتون أكلة الموتى، التي صورت فيلمًا روائيًّا باسم "المقاتل الثالث عشر"، حيث قام أنتونيو بانديراس بدور بن فضلان، إلّا أن الفيلم زوّر السّببَ الحقيقيّ لرحلة ابن فضلان لبلاد الصقالبة وشوّهه تاريخيًّا، كما صدر كتاب باسم مغامرات سفير عربي لأحمد عبد السلام البقالي من مطبوعات تهامة للنشر، جمع فيه روايتين للرحلة إحداهما غربية والأخرى عربيّة، كما تمّ إنتاج مسلسل تلفزيونيّ عنه بعنوان "سقف العالم" عُرض في سنة 2005.[٥]

المراجع

  1. "التاريخ ونهضة الأمة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-08-2019. بتصرّف.
  2. "المؤلفات في الثقات"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-08-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "خير الدين بربروس"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-08-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "عبد الحميد بن باديس"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 14-08-2019. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت "أحمد بن فضلان"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-08-2019. بتصرّف.
3698 مشاهدة
للأعلى للسفل
×