شرب ماء زمزم بنية الشفاء

كتابة:
شرب ماء زمزم بنية الشفاء

شرب ماء زمزم بنية الشفاء

يُستحبُّ للطَّائف بعد الفراغ من طوافه أن يشرب من ماء زمزم؛ فهو ماءٌ مُباركٌ، كما يُسنُّ لشاربهِ أن ينويَ بِشُربه الشِّفاء، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (زمَزمُ طعامُ طُعمٍ وشِفاءُ سُقمٍ)،[١] وهو لِما شُرِبَ له كما أخبر النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بِقوله: (ماءُ زمزمَ لمَا شربَ لهُ، فإنْ شربتَه تستشفَى بهِ شفاكَ اللهُ)،[٢] وكان ابنُ عباس -رضي الله عنه- يقول عند شُربه منه: "اللهم إني أسألك علماً نافعاً، ورزقاً واسعاً، وشفاءً من كل داءٍ".[٣][٤]


ويُسنُّ للإنسان عند شُربه أن ينوي المغفرة والشِّفاء من الأمراض، فيُسمّي الله -تعالى- ويقول: "اللَّهُمّ إنّهُ بَلَغني أَنّ رَسُولَكَ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ"، اللَّهُمَّ وإنّي أشْرَبهُ لِتَغْفِرَ لي، اللَّهُمَّ فَاغْفِرْ لي، أَوْ اللَّهُمَّ إِنّي أشْرَبُهُ مُسْتَشْفِياً بِهِ مِنْ مرضِي، اللَّهُمَّ فَاشْفِني"، ونحو ذلك من الأدعية،[٥] ويكون الاستشفاء به عن طريق شُربه، وليس بأن بوضعه على مكان الألم أو الجُرح.[٦] فماء زمزم في حُكم الطعام، حيثُ إنّهُ لا يُقصدُ منه إزالة الأذى من الموضع.[٧]


ولكن إن أراد الإنسان الاغتسال به عُموماً، فأصاب الماء موضع الألم أو الجُرح فجائزٌ، أي يجوز غسل الموضع تبعاً وليس قصداً، وكَرِه بعضُ السَّلف فعل ذلك؛ لأنَّ الوارد هو الشُّرب منه بنيَّة الشفاء فقط، ولا يجوز وضعه على بعض المواضع كالفرج بنيَّة الغُسل أو إزالة الأذى، فالتداوي يكون بالشرب كما في الأحاديث،[٧] ويُمكن الاستشفاء به عن طريق الاغتسال، والوضوء، والشُرب، أو جعلهِ مع الطعام،[٨] وثبت عن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- حمله له، وصبُّه على المرضى وسقايتهم منه، وذكر ابنُ القيّم أنّهُ كان يشرب منه بقصد الاستشفاء، فشافاهُ الله -تعالى- به من عدَّةِ أمراض،[٩] ومما يزيدُ من بركته في الشِّفاء قِراءةُ القُرآن عليه، والدُعاء عند شُربه خاصة في أوقات إجابةِ الدُعاء.[١٠]


آداب شرب ماء زمزم

إنّ لِشُرب ماءِ زمزم العديد من الآداب، وسمّاها بعضُ الفُقهاء بالسُّنن، أو المندوبات، أو المُستحبَّات، ومنها ما يأتي:[١١][١٢]

  • استقبال القبلة، مع ذكر اسم الله -تعالى-، والشُّربُ ثلاثاً، ثُمّ بعد الانتهاء من الشُّرب يحمدَ الشاربُ اللهَ -تعالى-، وإن كان يشرب عند الكعبة؛ فيُسنُّ له النَّظر إلى البيت مع كُلِّ شَربةٍ.
  • نضح بعضٍ منه على الرأس والوجه والصَّدر، مع الإكثار من الدُّعاء؛ سواءً لأمر الدُّنيا أو الآخِرة.
  • النيَّة عند شُربه بالشفاء من الأمراض، أو غير ذلك من خيري الدُنيا والآخِرة، ويُسنُّ عند شُربه قول: "اللهم إني أسألك علماً نافعاً، ورزقاً واسعاً، وشفاءً من كلِّ داءٍ".
  • شُربه بِسكينةٍ وطمأنينة، ويجوز الشُّرب منه في حال الوقوف، لِفعل النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (سَقَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مِن زَمْزَمَ فَشَرِبَ وَهو قَائِمٌ).[١٣][١٤]
  • التضلُّع عند شُربه؛ أي الشُّرب منه حتى ترتفع الأضلاع، وفيه إشارةٌ إلى شُرب الكثير منه في نفس الوقت، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (آيةُ ما بيننا وبينَ المنافقينَ أنَّهمْ لا يَتَضَلَّعُونَ مِنْ زَمْزَمَ).[١٥][١٦]


فضل ماء زمزم

ورد في ماءِ زمزم العديد من الفضائل، فقد جاء عنه أنّه خيرُ ماءٍ على الأرض، وفيه الشفاء من الأمراض، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (خَيرُ ماءٍ على وجْهِ الأرضِ ماءُ زَمْزَمَ، فِيه طعامٌ من الطُّعْمِ، و شِفاءٌ من السُّقْمِ)،[١٧][١٨] كما أنّهُ شراب الأبرار، وقد ثبت في الأحاديث أنّه غُسِل فيه قلب النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- عندما كان صغيراً في حادثة شقّ الصدر، وهو خيرُ ماءٍ على الأرض.[١٩]


المراجع

  1. رواه ابن حجر العسقلاني، في المطالب العالية، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 2/66، صحيح.
  2. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 7741، صحيح.
  3. سيد سابق (1977)، فقه السنة (الطبعة الثالثة)، بيروت - لبنان: دار الكتاب العربي، صفحة 706-707، جزء 1. بتصرّف.
  4. جمال الدين الجوزي (1995)، مثير الغرام الساكن إلى أشرف الأماكن (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار الحديث، صفحة 322. بتصرّف.
  5. محيي الدين النووي (1994)، الإيضاح في مناسك الحج والعمرة (الطبعة الثانية)، مكة المكرمة: المكتبة الإمدادية، صفحة 401، جزء 1. بتصرّف.
  6. عبد الرحيم السلمي، شرح كتاب التوحيد، صفحة 29، جزء 2. بتصرّف.
  7. ^ أ ب محمد الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 24، جزء 74. بتصرّف.
  8. محمد بن سنجاب الأثري، العين حق، مصر: دار التقوى للنشر والتوزيع، صفحة 96. بتصرّف.
  9. سعيد القحطاني، العلاج بالرقى من الكتاب والسنة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 74-75، جزء 1. بتصرّف.
  10. "طريقة التداوي بماء زمزم"، www.islamweb.net، 8-2-2009، اطّلع عليه بتاريخ 11-3-2021. بتصرّف.
  11. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية - الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 14-15، جزء 24. بتصرّف.
  12. مناهج جامعة المدينة العالمية، أصول الدعوة وطرقها، ماليزيا: جامعة المدينة العالمية، صفحة 355، جزء 1. بتصرّف.
  13. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2027، صحيح.
  14. أحمد الأزهري (2001)، الإعلام الملتزم بفضيلة زمزم (الطبعة الأولى)، بيروت - لبنان: دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 25، جزء 1. بتصرّف.
  15. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 22، صحيح.
  16. محمد أبو شُهبة (1427 هـ)، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة (الطبعة الثامنة)، دمشق: دار القلم، صفحة 158-159، جزء 1. بتصرّف.
  17. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 3322، صحيح.
  18. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية - الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 16، جزء 24. بتصرّف.
  19. محمد بن حسين (2005)، أسرار المحبين في رمضان (الطبعة الأولى)، مصر: مكتبة شوق الآخرة، صفحة 293-294. بتصرّف.
9160 مشاهدة
للأعلى للسفل
×