شرح آية (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين)

كتابة:
شرح آية (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين)

شرح الآية عند السعدي

يبين السعدي أنَّ الله حكم بين الفرق الكتابية جميعها في قوله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ)،[١] وهذا الحكم خاص بهم فأخبر الله أنَّ المؤمنين من هذه الأمة واليهود والنصارى والصابئين وهم من جملة فرق النصارى، من آمنوا بالله واليوم الآخر، وصدقوا رسلهم فإنَّ لهم الأجر العظيم والأمن ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.[٢]

وأما من كفر منهم بالله ورسله واليوم الآخر فحالهم عكس ذلك فعليهم الخوف والحزن، والصحيح أنَّ هذا الحكم بيَّن هذه الفرق الكتابية من حيث هم، لا بالنسبة إلى الإيمان بمحمد، فإنَّ هذا إخبار عنهم قبل بعثة محمد -صلى الله عليه وسلم- وأنَّ هذا مضمون أحوالهم.[٢]

فلما ذكر القرآن الكريم بني إسرائيل وذمهم وذكر معاصيهم وذنوبهم، ربما وقع في بعض النفوس أنَّهم كلهم يشملهم الذم، فأراد الله -تعالى- أن يبين من لم يلحقه الذم منهم، ولما كان أيضاً ذكر بني إسرائيل خاصة يوهم الاختصاص بهم، ذكر -تعالى- حكماً عاماً يشمل جميع أهل الكتاب ليتضح الحق ويزول التوهم والإشكال.[٢]

شرح الآية عند الطبري

قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا)،[٣] الذين صدّقوا بمحمد -صلى الله عليه وسلم- فيما أتاهم به من الحق من عند الله، وقوله -تعالى-: (وَالَّذِينَ هَادُوا)،[٣] هم اليهود ومعنى هادوا تابوا، وقوله -تعالى-: (وَالنَّصَارَى)،[٣] وقيل سموا بذلك على اسم قرية يقال لها ناصرة كان عيسى بن مريم -عليه السلام- ينـزلها.[٤]

وقوله تعالى: (وَالصَّابِئِينَ[٣] قيل هم من خرجوا من دين إلى غير دين وقيل هم طائفة من أهل الكتاب،[٤]فيخبر الله -تعالى- أنَّ من آمن من اليهود وتمسك بالتوراة وسنة موسى -عليه السلام- كان إيمانه مقبولاً منه، فلما جاء عيسى -عليه السلام- كان من تمسك بالتوراة وأخذ سنة موسى فلم يدعها ولم يتبع عيسى كان هالكاً.

ومن آمن من النصارى، وتمسك بالإنجيل وشرائع عيسى -عليه السلام- كان إيمانه مقبولاً منه، فلما جاء محمد -صلى الله عليه وسلم- كان من تمسك بالإنجيل وسنة عيسى -عليه السلام- فلم يدعها ولم يتبع محمد كان هالكاً.[٤]

شرح الآية عند ابن كثير

يشير ابن كثير أنَّ الآية الكريمة في قوله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ)،[٣] نزلت في أصحاب سلمان الفارسي، فبينما هو يحدث النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ ذكر أصحابه فأخبره خبرهم، فقال: كانوا يصومون ويُصلون ويؤمنون بك.[٥]

ويشهدون أنك ستُبعث نبياً، فلما فرغ سلمان من ثنائه عليهم، قال له نبي الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا سلمانُ هُم من أهلِ النَّارِ)،[٦] فاشتد ذلك على سلمان فأنزل الله هذه الآية،[٥]وفي هذه الآية إخبار عن أنَّه لا يقبل من أحد عملاً إلا ما كان موافقاً لشريعة محمد.

وأما ما قبل ذلك فهو غير مقبول؛ أما من اتبع الرسول الذي في زمانه فهو على هدى، فاليهود أتباع موسى كانوا يتحاكمون إلى التوراة في زمانهم، فلما بُعث عيسى وجب على بني إسرائيل اتباعه والانقياد له، فلما بُعث الله محمداً -صلى الله عليه وسلم- خاتماً للنبيين وجب عليهم الإيمان فيما أخبر.[٥]

المراجع

  1. سورة البقرة، آية:62
  2. ^ أ ب ت عبد الرحمن السعدي، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، صفحة 54. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث ج سورة البقرة، آية:62
  4. ^ أ ب ت محمد الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، صفحة 143-148. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت اسماعيل ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، صفحة 284-286. بتصرّف.
  6. رواه ابن حجر العسقلاني، في العجاب، عن اسماعيل السدي، الصفحة أو الرقم:1/257، خلاصة حكم المحدث إسناده قوي.
3952 مشاهدة
للأعلى للسفل
×