شرح آية (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور)

كتابة:
شرح آية (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور)

تفسير آية (الله وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا)

معنى الولي والطاغوت

الولاية هي تولي الأمر، والنصرة والحفظ والرعاية،[١] والطَّاغُوتُ هو كلِّ متعدٍّ، وكلِّ معبود من دون الله، ويُستعمل في المفرد والجمع؛ وبسبب ما تقدّم سمّي السّاحر، والكاهن، والمارد من الجنّ، والصارف عن طريق الخير طاغوتاً، ووزنه فيما قيل: فعلوت، نحو: جبروت وملكوت، وقيل غير ذلك.[٢]

بين ولاية الله -سبحانه- وولاية الطاغوت

بيّن الله -سبحانه- أن الناس دائرون بين أن يكونوا من أولياء الله -عز وجل- وبين أن يكونوا من أولياء الطاغوت، وجعل المؤمنين هم أولياءَه، والكافرين أولياءَ الطاغوت،[٣] وأولياء الله -عز وجل- هم الساعون في طاعته والحريصون على إقامة دينه في أنفسهم وأمّتهم، والعاملون بأحكام الله -سبحانه- والداعون إليه، وضدّهم أولياء الشيطان والطاغوت، وبقدر ما يكون العبد أكثر طاعة لله -عز وجل- تكون ولاية الله -سبحانه- له أوثق.[٤]

ولاية الله سبحانه حفظ ورعاية وطمأنينة

يحفظ الله -سبحانه- أولياءه من الزّيغ، ويثبّتهم على الحق، ويدفع عنهم كيد عدوّهم، ويزيدهم منه قرباً، ويهديهم إلى صراطه المستقيم، وهذا كلّه داخلٌ في معنى الإخراج من الظلمات إلى النور؛ من ظلمات الكفر والهوى والشهوة والشبهة إلى نور الإيمان والثبات على الحق، ونور اليقين والطمأنينة.[٥]

وهذه المعاني عديدة وكثيرة في كتاب الله -عز وجل-، قال الله -تعالى- في كتابه الكريم: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى...)،[٦] وهذا أسلم وأوثق ما يستمسك به العبد.[٥]

ولاية الطاغوت ضلال وغواية

على الضد من ذلك تماماً، فإن من يتولّى الشيطان وأتباعه؛ فإنهم سيغوونه ويهدونه إلى الظلمات؛ ظلمات الكفر والعصيان والظلم والهوى واتباع الشهوات والغواية، والسقوط في شَرَك الشبهات والشك، وتيه الظنّ، حتى يصير المرء في تخبّط وضياعٍ لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً.

صفات أولياء الله

قال الله -عز وجل-: (أَلا إِنَّ أَولِياءَ اللَّـهِ لا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ * الَّذينَ آمَنوا وَكانوا يَتَّقونَ * لَهُمُ البُشرى فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبديلَ لِكَلِماتِ اللَّـهِ ذلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظيمُ).[٧]

في هذه الآيات يَذْكُر ربنا -سبحانه- من صفات أوليائه وجزائهم ما يشوّق القلوب المؤمنة إلى إدراك ولايته وتحقيق رعايته باللجوء إليه، فهم الناجون من الخوف والحزن، فيثبّتهم ربهم ويدفع عنهم تخويف الشيطان وتحزينه وتخذيله، وذلك لأنهم عملوا ما يصيرون به أولياء لله -عز وجل- من تحقيق الإيمان والتزام التقوى.[٨]

حيث يؤمنون بالله ربهم وإلههم وبما أمرهم الله أن يؤمنوا به، ويتّقون ما أمرهم باتقائه من الكفر والشِّرك والعصيان، ثم يكون لهم بعد ذلك البشرى العاجلة في هذه الحياة الدنيا من محبة الناس، والتوفيق للطاعات، وطمأنينة النفس، وحفظ الكرامة، والبشرى الآجلة بالفوز العظيم في الآخرة بتفاصيله؛ مِن أمنهم يوم الفزع الأكبر، وأخذهم كتبهم بأيمانهم، واستقبال الملائكة لهم، ودخولهم الجنة دار السلام بسلام.[٨]

المراجع

  1. الراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن، صفحة 885. بتصرّف.
  2. الراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن، صفحة 522 -521. بتصرّف.
  3. ابن تيمية، الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، صفحة 4. بتصرّف.
  4. ابن تيمية، الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، صفحة 7. بتصرّف.
  5. ^ أ ب الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 3 -30. بتصرّف.
  6. سورة البقرة، آية:256
  7. سورة يونس، آية:62 -64
  8. ^ أ ب الزمخشري، الكشاف، صفحة 2 -356. بتصرّف.
5229 مشاهدة
للأعلى للسفل
×