محتويات
شرح آية (قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا)
قال -تعالى-: (قالَ موسى لِقَومِهِ استَعينوا بِاللَّـهِ وَاصبِروا إِنَّ الأَرضَ لِلَّـهِ يورِثُها مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ وَالعاقِبَةُ لِلمُتَّقينَ)،[١]لمّا آمن مَن آمن مِن بني إسرائيل بموسى -عليه السلام- ودعوته؛ اغتاظ فرعون وأخذ ينكّل بالمؤمنين ليفتنهم عن دينهم، فما كان من نبيّ الله موسى -عليه السّلام- إلّا أن يبثّ في قلوب المؤمنين الثّقة بنصر الله -تعالى-، ويذكّرهم بعظيم أجر الصّابرين.
معاني المفردات
وذلك فيما يأتي:
- استعينوا: من عون، والاستعانة طلب المساعدة والعون.[٢]
- اصبروا: من الصبر، وهو "نقيض الجزع".[٣]
- يورثها: من ورث، وتكون بمعنى يعطيها.[٤]
- العاقبة: العاقب من كلّ شيء آخره.[٥]
تفسير قول الله -تعالى-: (قالَ موسى لِقَومِهِ استَعينوا بِاللَّـهِ وَاصبِروا)
لمّا عزم فرعون أمره بتقتيل المؤمنين وإلحاق شتّى العذابات بهم؛ خافوا واضطربوا، فهم حديثو عهدٍ بالإيمان، وقد رأى منهم موسى -عليه السّلام- هذا الخوف؛ فأرشدهم إلى طلب العون من الله -تعالى- لينصرهم،[٦] كأنه يذكّرهم بأنّ هذا الفرعون المتجبّر ما هو إلّا مخلوقٌ ضعيفٌ بين يدي الله -تعالى-، وأنّ الغلبة لمن استعان بالله -تعالى-.
كما أرشدهم -عليه السّلام- إلى الصّبر على البلاء والمحنة التي وقعت عليهم في أنفسهم وأولادهم،[٧] وقد أمر موسى -عليه السلام- للمؤمنين بالاستعانة بالله -تعالى- والصّبر على المكاره تسلية وتسكيناً لهم، ووعدٌ لهم بالنّصر على فرعون وجنوده.[٨]
تفسير قول الله -تعالى-: (إِنَّ الأَرضَ لِلَّـهِ يورِثُها مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ)
يعظ موسى -عليه السّلام- قومه فيخبرهم أنّ أرض مصر التي طُردوا منها، وكلّ الأرض ملكٌ لله -تعالى-، الألف في كلمة "الأرض" إمّا أن تكون للعهد، فتكون المقصودة أرض مصر خاصّة، أو أن تكون للجنس فيكون المقصود كلّ الأرض بما فيها أرض مصر.[٩]
ويأمل موسى -عليه السّلام- قومه بتذكيرهم أنّ الأرض لله -تعالى- وهو يعطيها لمن يشاء من عباده، فلعلَّ الله -تعالى- يهلك عدوّكم -يا بني إسرائيل- ويستخلفكم في الأرض إن صبرتم واحتسبتم الأذى في سبيله -تعالى-.[١٠]
تفسير قول الله -تعالى-: (وَالعاقِبَةُ لِلمُتَّقينَ)
يُتِمُّ نبيّ الله موسى -عليه السّلام- موعظته للمؤمنين بتبشيرهم بأنّ حُسن المآل في الدّنيا والآخرة من نصيب المتّقين،[١١]الذين يفعلون الطّاعات ويجتنبون المعاصي والمنكرات،[١٢]وفي هذه التّذكرة تسكينٌ لقلوبهم، وتطميعٌ لهم بنصر الله -تعالى-، وبدخول جنّته إذا صبروا واحتسبوا.
قواعد مستفادة لمواجهة الابتلاءات
أرشدت الآية الكريمة إلى مجموعة من الأعمال التي من شأنها تثبيت قلب المؤمن عند الابتلاءات والشّدائد كما يأتي:
- التّوكل على الله -تعالى- وطلب العون منه.
- الصّبر على البلاء.
- الإيمان بأنّ الأرض لله -تعالى- يعطيها من يشاء وفق حكمته.
- اليقين بأنّ الله -تعالى- ينصر المؤمنين.
- التّمسّك بالعبوديّة لله -تعالى.
إعراب الجمل
تُعرب جمل الآية الكريمة حسب مواقعها على النّحو التالي:[١٣]
- (قالَ موسى لِقَومِهِ): استئنافيّة لا محل لها من الإعراب.
- (استَعينوا بِاللَّـهِ): في محلّ نصب مقول القول.
- (وَاصبِروا): معطوفة في محل نصب.
- (إِنَّ الأَرضَ لِلَّـهِ): تعليليّة لا محلّ لها من الإعراب.
- (يورِثُها): في محلّ نصب حال.
- (يَشاءُ): صلة الموصول لا محلّ لها من الإعراب.
- (وَالعاقِبَةُ لِلمُتَّقينَ): معطوفة على جملة "إن الأرض لله"، لا محلّ لها من الإعراب.
المراجع
- ↑ سورة الأعراف، آية:128
- ↑ أحمد عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، صفحة 1580. بتصرّف.
- ↑ الفيروزآبادي، القاموس المحيط، صفحة 422.
- ↑ أحمد عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، صفحة 2421. بتصرّف.
- ↑ مرتضى الزبيدي، تاج العروس، صفحة 399.
- ↑ الزمخشري، الكشاف، صفحة 143. بتصرّف.
- ↑ مكي بن أبي طالب، الهداية إلى بلوغ النهاية، صفحة 2500. بتصرّف.
- ↑ أبو البركات النسفي، مدارك التنزيل و حقائق التأويل، صفحة 596. بتصرّف.
- ↑ الزمخشري، الكشاف، صفحة 143. بتصرّف.
- ↑ ابن جرير الطبري، جامع البيان، صفحة 371. بتصرّف.
- ↑ صديق حسن خان، فتح البيان في مقاصد القرآن، صفحة 435. بتصرّف.
- ↑ ابن جرير الطبري، جامع البيان، صفحة 371. بتصرّف.
- ↑ محمود صافي، الجدول في إعراب القرآن، صفحة 46. بتصرّف.