محتويات
سبب نزول سورة الضحى
إنّ سور القرآن الكريم أحبتي الصغار نزلت غالبيتها لسبب معين، وبعد حادثة معينة، وسورة الضحى أحد تلك السور التي روى المفسّرون أسباباً لنزولها، وهو أنّ الوحي كان ينزل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين الحين والآخر.[١]
ولكنه في مرة من المرات تأخر عنه، فاتّخذ كفار قريش هذا الحدث غرضاً لإشاعة الأكاذيب والشائعات الباطلة عن سبب تأخّر نزول الوحي، فنزلت سورة الضحى بعد ذلك لدحض أقوالهم، وتبشرّ النبي -عليه السلام- وتذكّره بنعم الله عليه.[١]
وقد جاء سبب نزول سورة الضحى في حديث النبي الصحيح الذي رواه جندب بن جنادة، فقال: (أَبْطَأَ جِبْرِيلُ علَى رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-، فَقالَ المُشْرِكُونَ: قدْ وُدِّعَ مُحَمَّدٌ، فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إذَا سَجَى ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلَى)، [1] أي أنّ الوحي تأخّر نزوله ليلتين أو ثلاثة، فأصاب النبي جزع شديد، حتّى جاءته امرأة من قريش، وقالت: "مَا أَرَى شَيْطَانَكَ إِلَّا قَدْ وَدَّعَكَ"، فنزلت الآيات.[٢]
وفي روايات أخرى أنّ خادمة كانت في بيت النبي -عليه الصلاة والسلام- فدخل عليها جرو صغير ومات تحت السرير ومكث أياماً، فسألها رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- عمّا حدث في بيته حتى تأخر عنه جبريل، وأمرها أن تنظّف البيت وتهيئه، ففعلت ثمّ نزله الوحي.[٢]
التعريف بسورة الضحى
تعدّ سورة الضحى أحد السور المكية التي نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل الهجرة، بل هي من أوائل السور نزولاً، فكانت السورة الحادية عشرة نزولاً بعد سورة الفجر وقبل سورة الشرح، أمّا ترتيبها في الرسم القرآني فهي السورة الثالثة والتسعون، ويبلغ عدد آياتها إحدى عشرة آية.[١]
الدروس والعبر المستفادة من سورة الضحى
لا بدّ أنّكم تعلمون أحبّتي أنّ القرآن الكريم كلّه عبر وعظات للمرء المسلم، فمن يقرأ سورة الضحى ويفهم معانيها ويتدبّر فيها جيداً يدرك أنّ هذه الآيات تعطينا دروساً مهمة، وهي كما يأتي:[٣]
- تذكير الرسول -صلى الله عليه وسلم- بحاله قبل البعثة من اليتم والفقر فيه تذكير لعامة المسلمين بوجوب رعاية اليتيم والاهتمام بشأنه والقيام على أموره، وكأنّ الآيات تخبرنا بأنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يتيماً فاعطفوا على الأيتام، وأنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان فقيراً فارحموا الفقراء، وأنّه كان مستضعفاً فارأفوا بالضعفاء.
- تذكير النبي -صلى الله عليه وسلّم- بنعم الله -تعالى- وكيف حوّل حاله من الفقر إلى الغنى، ومن طفل يتيم ومستضعف إلى رجل عظيم قائد أمّة، وذلك بسبب شكره لله -تعالى- وعدم جحود النعمة، وفي ذلك تذكير لسائر المسلمين وطمأنتهم بتغير الأحوال، وانّ دوام الحال من المحال، فتطمئن نفوس الفقراء والمساكين والضعفاء بذلك.
- حثّ المؤمنين على وجوب الصبر، فهذا نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- صبر واحتسب على كلّ ما لاقاه من قومه.
المراجع
- ^ أ ب ت محمد طنطاوي، التفسير الوسيط، صفحة 425. بتصرّف.
- ^ أ ب الواحدي، أسباب النزول، صفحة 481-482. بتصرّف.
- ↑ سعيد حوى، الأساس في التفسير، صفحة 6570-6571. بتصرّف.