شرح الحديث (ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع ...)

كتابة:
شرح الحديث (ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع ...)

شرح الحديث (ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع...)

أكرم الله -تعالى- الجار بحقوق كثيرة في الإسلام، ومن قام بها على أكمل وجه فقد حاز علامةٍ من علامات كمال الإيمان بالله -تعالى- واليوم والآخر، وقد أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجار وأمر بحسن إكرامه.

وورد الحديث الشريف في حق الجار في عدة روايات، وهي كما يأتي:

  • قال -صلى الله عليه وسلم-: (ما آمن بي من بات شبعانَ وجاره جائعٌ إلى جنبِه وهو يعلم به).[١]
  • قال -صلى الله عليه وسلم-: (ليس المؤمِنُ الذي يَشبَعُ وجارُهُ جائعٌ).[٢]

شرح الحديث

سنذكر شرح الحديث فيما يأتي:

  • ما آمن بي

المسلم الذي يسعى إلى الإيمان الكامل لا بد أن يعمل بوصية النبي -صلى الله عليه وسلم- في الإحسان إلى الجار بتفقد أحواله وتقديم المساعدة له، وتفقده عند الشدّة، قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جارَهُ)،[٣] وقد ذكر الحديث من فرّط بحقوق الجار أصلاً ولم يبادر إلى تفقد حاله.

  • بات، وأصبح

يشير اللفظان إلى لزوم تفقد الجار في المساء والصباح، فمعنى بات: أي دخل بالليل،[٤] وأصبح من الدخول في الصباح، وهذه دلالة على أن للجار حق في التفقد مرتين في اليوم والليلة، مرة في الليل، والثانية في النهار.

  • برئت منهم ذمة الله -تعالى-

تعني برأ منهم عهد الله -تعالى-، فالذمة هي العهد، وإن الله - تعالى- لن يتولاهم؛ لتقصيرهم في حق الجار، وقد خرجوا من جوار الله -تعالى- ومن حمايته وعصمته لهم.[٥]

  • وهو يعلم

وهذا من عدل الله -تعالى- بخلقه بأنه لا يُعاقب من جهل أمر جاره ولا يعلم حاله، فهذا لا يشمله الوعيد الواردة في الأحاديث السابقة.

أحاديث نبوية في حق الجار

إن الأحاديث السابقة تتحدث عن العقوبة والوعيد على من علم بحاجة جاره ثم قصر في حق خاصة وإن الأحاديث النبوية كثيرة جداً في بيان حق الجار على جيرانه، ومنها ما يأتي:

  • قوله -صلى الله عليه وسلم-: (واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ. قيلَ: ومَن يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: الذي لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوايِقَهُ)،[٦] فمن علم فقر جار وحاجته ثم قصر فيه فهو ممن غدر في حق الجيرة.
  • قال -صلى الله عليه وسلم-: (ما زالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بالجارِ، حتَّى ظَنَنْتُ أنَّه سَيُوَرِّثُهُ)،[٧] فقد جعل الإسلام للجار حقاً عظيماً وكأنه من أهل الميراث وهذا فيه دلالة على لزوم الإحسان إليه وإكرامه، ومن هذا الحق في تفقد حاله وعونه ومساعدته إذا علم حاجته.[٨]
  • قوله -صلى الله عليه وسلم-: (خيْرُ الجيرانِ عنْدَ اللهِ خيْرُهُم لِجارِه)،[٩] وهذه منزلة عظيمة بأن من يحسن لجاره ويتفقده ويقدم له المساعدة فهو من خير الناس عند الله -سبحانه وتعالى- وعند الناس.

المراجع

  1. رواه الألباني ، في صحيح الجامع، عن أنس بن مالك ، الصفحة أو الرقم:5505، صحيح.
  2. رواه الألباني ، في صحيح الترغيب، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2562، صحيح لغيره.
  3. رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم:47، صحيح.
  4. الخليل بن أحمد الفراهيدي، العين، صفحة 138. بتصرّف.
  5. ابن جبرين، شرح الطحاوية، صفحة 32. بتصرّف.
  6. رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن أبو شريح العدوي خويلد بن عمرو ، الصفحة أو الرقم:6016، صحيح.
  7. رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن عبد الله بن عمر ، الصفحة أو الرقم:6015، صحيح.
  8. الذهبي ، حق الجار، صفحة 24. بتصرّف.
  9. رواه الترمذي ، في سنن الترمذي ، عن عبد الله بن عمرو ، الصفحة أو الرقم:1944، حسن غريب .
5010 مشاهدة
للأعلى للسفل
×