شرح حديث(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه)

كتابة:
شرح حديث(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه)

شرح حديث (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه)

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).[١] وفيما يأتي شرح مفردات الحديث:[٢]

  • لا يؤمن

أي لا يحقّق كمال الإيمان وتمامه ولا يبلغ حقيقته، وليس المقصود نفي أصل الإيمان عنه.

  • لأخيه

المقصود أخوة الإيمان، كما في قول الله -عز وجل-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)،[٣] وليس المقصود أخوة النسب.

ويخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لا يتحقق كمال الإيمان وتمامه للمسلم حتى يحب لغيره من المسلمين من الخير ما يحب لنفسه، وهذا يتضمن أن يكره لغيره من المسلمين ما يكره حصوله له، فإن محبَّ الخير لغيره يحب ألا يصيبه ما يكرهه أيضاً، وهذا ظاهر وإن لم يذكر في الحديث صراحة، وفي ذلك صفاء النفس من الحسد والأنانية، وتأكيد على وحدة المسلمين وعلى الترابط الوثيق بين أفراد الأمة المسلمة.[٤]

محبة دخول المؤمنين الجنة من تمام الإيمان

أعظم الخير الذي يحب المؤمن نواله هو الفوز بنعيم الآخرة، وإذا بلغ حقيقة الإيمان فإنه سيحب ذلك لنفسه ولإخوانه المؤمنين معه، ومن كان كذلك فإنه كلما عمل من الصالحات ما يوصله إلى الجنة فإنه سيدل أخاه عليه وسيدعوه إلى فعله والحرص عليه.[٢]

وكلما لاح له شر وظهر له باطل اجتنبه وحذّر أخاه منه، وهذه هي المحبة الحقيقية التي بها يمتلئ المجتمع بالفضائل والتواد والتراحم حتى يصبح كالجسد الواحد، ويسلم من أضداد ذلك من الحقد والحسد والتباغض والغش وترك النصح وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.[٢]

من تمام الإيمان التفكير الأممي

لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يحث المؤمنين على أن يذهب كل امرئ منهم في البحث عن سلامته دون سواه، فلا يفكر في غير نجاته هو فقط، بل إنما كانت دعوته دعوة أممية مليئة بالرحمة بالناس، ومليئة بالعمل لتحقيق سلامة الخلق كلهم من فتن الدنيا والآخرة.

وهذا الحديث من جملة أدلة كثيرة جداً في القرآن والسنة التي تدعو المسلمين إلى الحرص على أن يكونوا أمة قوية متماسكة ثابتة على دينها بكل مقاصده العظيمة، وتلك المقاصد التي تأمرهم أن يقيموا دنياهم على التراحم والتكامل والترفّع عن الأنانية وما فيها من إضعاف للمجتمع.

وتدعوهم إلى العمل على نشر الفضائل وتحقيق المصالح العامة والخاصة، ودفع المفاسد والأضرار والأسباب التي تؤدي إليها، إذ ليست المحبة مجرد شعور يعيشه المسلم في أحاسيسه كالخيال العابر بل هي محرِّكٌ ودافع للعمل والسعي وبذل الوسع في تحقيق المصالح وإيجادها واقعاً يعيشه المسلم مع إخوانه في أمة ثابتة قائمة على أرقى القيم وأحسن الأخلاق.

فوائد الحديث

سنذكر بعض فوائد الحديث المستفادة بعبارة مختصرة يرشد إليها النص ويدل عليها دلالة ظاهرة قريبة من الفهم فيما يأتي:[٥]

  • الحرص على تمام الإيمان وكماله يستلزم محبة انتشار الخير بين أفراد المجتمع المسلم وسلامتهم من الشر.
  • أخوة الإيمان مقدمة على غيرها من الروابط الإنسانية.
  • نشر المحبة والتواد والتراحم بين المسلمين مطلب شرعيّ.
  • ليس كل المؤمنين على درجة واحدة من الإيمان، بل هم متفاضلون في ذلك.

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:13، صحيح.
  2. ^ أ ب ت ابن حجر (1379)، فتح الباري، بيروت:دار المعرفة، صفحة 57، جزء 1. بتصرّف.
  3. سورة الحجرات، آية:10
  4. ابن رجب (2001)، جامع العلوم والحكم (الطبعة 7)، بيروت:مؤسسة الرسالة، صفحة 306، جزء 1. بتصرّف.
  5. أبو العباس القرطبي (1996)، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (الطبعة 1)، دمشق:دار ابن كثير، صفحة 227، جزء 1. بتصرّف.
5096 مشاهدة
للأعلى للسفل
×