شرح حديث (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة)

كتابة:
شرح حديث (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة)


نصّ حديث (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة)

عن العرباض بن سارية -رضي الله عنه- قال: (وعظنا رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يومًا بعد صلاةِ الغداةِ موعظةً بليغةً ذرفَتْ منها العيونُ ووجِلتْ منها القلوبُ فقال رجلٌ إنَّ هذه موعظةُ مُودِّعٍ فماذا تعهد إلينا يا رسولَ اللهِ؟ قال: أوصيكم بتقوى اللهِ، والسمعِ والطاعةِ وإن عبدٌ حبشيٌّ، فإنه من يعشْ منكم يرَ اختلافًا كثيرًا، وإياكم ومحدثاتِ الأمورِ، فإنها ضلالةٌ فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنَّتي وسنةِ الخلفاءِ الراشدِين المهديِّين عَضوا عليها بالنواجذِ).[١]

شرح حديث (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة)

حديث (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة..) هو حديثٌ عظيم تضمّن الكثير من الفوائد والمواعظ التي يُحصّل العبد من خلالها الأمن في الدنيا والآخرة، وفيما يأتي شرح وبيان معاني هذا الحديث:

  • وعظنا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يومًا بعد صلاة الغداة موعظة بليغة

أي إنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد وعظ وذكّر ونصح المسلمين في أحد الأيام عقب صلاة الصبح،[٢] موعظةً بالغة تامّة تهدف إلى التخويف والإنذار.[٣]

  • ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب

أي سالت الدموع من العيون بسبب تأثير تلك الموعظة، وخافت القلوب وخشيت، وذلك لشدّة وقعها وتأثيرها في النفوس، ولِما أحدثته من عظيم الخشية والخوف في القلوب.[٣]

  • فقال رجل: إن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟

أي إنّ أحد الحاضرين من خلال تلك الموعظة وشدّة حرص رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على أن يعيها المسلمون ويعملوا بها أدرك أنّ رسول الله وكأنّه يودّعهم بها إشارة إلى قرب أجله -صلّى الله عليه وسلّم-، ولهذا فقد سأل ذلك الرجل رسول الله أن يأمرهم ويرشدهم لما فيه صلاحهم وثباتهم بعد وفاته.[٣]

  • قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبد حبشي

أي بمخافة الله -تعالى- والحذر من معصيته، والسمع والطاعة لولاة الأمر ما لم يأمروا بمعصية، وإن كان الحاكم عبدًا حبشيًا فالواجب طاعته حتّى لا تُثار الفتن ولا تنهار الدول،[٣] وقد قيل إنّ هذه الكلمات هي سبب السعادة في الدنيا والآخرة، فدنيا العباد لا تصلح إلّا بوجود الأمراء وولاة الأمر وطاعتهم، وآخرتهم لا تكون حسنة ما لم يرضوا خالقهم وينتهوا بنهيه -سبحانه-.[٤]

  • فإنه من يعش منكم يرى اختلافا كثيرا

أي إنّ من سيطول به العمر ويبقى حيًّا بعد وفاة رسول الله وبعد ذلك بزمن سيرى الكثير من الاختلاف والفرقة، حيث ستظهر مِللٌ كثيرة، وستنحرف عقائد بعض الناس وسيجري آخرون وراء البدع والأهواء.[٣]

  • وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة

تحذير من الأمور التي قد تحدث وهي تُخالف أصول الدين القويم، فالانجرار وراءها هو سبيل للضلال.[٣]

  • فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين

دعوة للتمسّك بالسنّة النبوية وسنّة خلفاء رسول الله الذين هداهم الله -تعالى- إلى الحق، وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي -رضي الله عنهم-.[٣]

  • عضوا عليها بالنواجذ

كناية عن ضرورة التمسّك بالسنّة والاعتصام بها، أي كأن العبد يعضّ عليها بنواجذه؛ وهي أنيابه لشدّة التزامه بها.[٣]

تخريج حديث (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة)

أخرج حديث (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة..) جملة من المحدّثين؛ ومنهم الترمذي وأبو داود في السنن، والإمام أحمد في المسند، وغيرهم، وقد صحّح المحدّثون هذا الحديث فقال عنه الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح[٥] وصحّحه الألباني في صحيح الجامع.[٦]

المراجع

  1. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن العرباض بن سارية، الصفحة أو الرقم:2676، حديث حسن صحيح.
  2. ابن الملقن، كتاب المعين على تفهم الأربعين ت دغش، صفحة 334. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ابن الملك، كتاب شرح المصابيح لابن الملك، صفحة 172-173. بتصرّف.
  4. فيصل آل مبارك، كتاب تطريز رياض الصالحين، صفحة 128. بتصرّف.
  5. ابن الملقن، كتاب المعين على تفهم الأربعين ت دغش، صفحة 332-333. بتصرّف.
  6. الجلال السيوطي، كتاب الجامع الصغير وزيادته، صفحة 4314. بتصرّف.
11643 مشاهدة
للأعلى للسفل
×