شرح حديث (أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة)

كتابة:
شرح حديث (أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة)


حديث (أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة)

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته، فإن وجدت تامة كتبت تامة، وإن كان انتقص منها شيء. قال: انظروا هل تجدون له من تطوع يكمل له ما ضيع من فريضة من تطوعه، ثم سائر الأعمال تجري على حسب ذلك)،[١] وقد شرح العلماء هذا الحديث بما يلي:


شرح قول النبي: (إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته)

وشرح العلماء قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته) بما يأتي:


  • قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن أول ما يحاسب)

أي أول ما ينظر في أعمال العبد على يوم القيامة الوجه الأكمل، ويحتمل أن يراد بالحساب العرض؛ لأن الكافر هو الذي يُناقش الحساب، ولذلك ورد من حديث -عائشة رضي الله عنها-، زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-: كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه، إلا راجعت فيه حتى تعرفه.

وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من حوسب عذب)، قالت عائشة -رضي الله عنها-: فقلت أوليس يقول الله -تعالى-: (فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا)،[٢] قالت: فقال: (إنما ذلك العرض، ولكن: من نوقش الحساب يهلك).[٣][٤]


ودليل معنى النظر ما ورد من حديث عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم-، ما الحساب اليسير؟ قال: (أن ينظر في كتابه فيتجاوز عنه، إنه من نوقش الحساب يومئذ يا عائشة هلك، وكل ما يصيب المؤمن، يكفر الله عز وجل به عنه، حتى الشوكة تشوكه).[٥]


  • قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (به العبد يوم القيامة)

أي ينظر في أعمال المؤمن، ذكرا أو أنثى، قال الله -عز وجل-: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)،[٦]ويوم القيامة يعني يوم الحساب ويوم الجزاء، فهذا أعظم عند الله -عز وجل-؛ لأن الله -عز وجل- سيحاسب خلقه فيه، ويقام عدل الله -عز وجل- في هذا اليوم.[٧]


  • قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صلاته)

أي الصلاة المعهودة في الشرع، وهي أقوال وأفعال مخصوصة، مفتتحة بتكبيرة الإحرام، مختتمة بالتسليم، فيسأل عنها العبد بأركانها وشروطها وواجباتها وسننها.[٨]


شرح قول النبي: (فإن وجد تامة..... تجري على حسب ذلك)

وقد شرح العلماء قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فإن وجدت تامة... إلى آخر قوله ثم سائر الأعمال تجري على حسب ذلك) بما يأتي:

  • قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فإن وجدت تامة كتبت تامة)

أي إذا وجدت صالحة بأركانها، وشروطها، وواجباتها، وهيائتها، وخشوعها، كتب له ثوابها وأجرها أضعافا.[٩]


  • قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وإن كان انتقص منها شيء)

أي كانت مختلة في أركان الصلاة، أو شروطها، أو واجباتها، أو كانت مختلة في المتممات والمستحبات.[١٠]


  • قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (قال: انظروا.... من تطوعه)

إن الله -عز وجل- يقول لملائكته انظروا في صحيفة عبدي، والله -عز وجل- أعلم، ولكن ليظهر للعبد تقصيره في صلاته، والتطوع هو غير الفرض والواجب، فهو زائد عليهما، فتجبر النافلة خلل الفريضة، وتكمل نقصها، هي إحدى حِكم مشروعية النافلة.[١١]


  • قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ثم سائر الأعمال تجري على حسب ذلك)

أي إنه يحاسب على باقي أعماله من حج وزكاة وصيام وغيرها، مثل ما يحاسب على الصلاة، فتجبر النوافل الفرائض في جميع أعماله.[١٢]

المراجع

  1. رواه أحمد النسائي، في سنن النسائي، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:466، صححه الألباني.
  2. سورة الانشقاق، آية:8
  3. رواه محمد البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة بنت أبي بكر، الصفحة أو الرقم:103، حديث صحيح.
  4. محمد الشنقيطي (1425)، شرح سنن النسائي (الطبعة 1)، صفحة 1042، جزء 4. بتصرّف.
  5. رواه أحمد بن حنبل، في مسند أحمد، عن عائشة، الصفحة أو الرقم:24215، حديث صحيح .
  6. سورة النحل، آية:97
  7. محمد الصابوني (1417)، صفوة التفاسير (الطبعة 1)، القاهرة:دار الصابوني، صفحة 459، جزء 3. بتصرّف.
  8. مجموعة مؤلفين (1424)، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 43، جزء 1. بتصرّف.
  9. شهاب الرملي (1437)، شرح سنن أبي داود (الطبعة 1)، مصر:دار الفلاح، صفحة 672، جزء 4. بتصرّف.
  10. محمد الشنقيطي (1425)، شرح سنن النسائي (الطبعة 1)، صفحة 1043، جزء 4. بتصرّف.
  11. محمد الشنقيطي (1425)، https://shamela.ws/book/18222/1039#p1 شرح سنن النسائي (الطبعة 1)، صفحة 1043 1044، جزء 4. بتصرّف.
  12. محمد الشنقيطي (1425)، شرح سنن النسائي (الطبعة 1)، صفحة 1044، جزء 4. بتصرّف.
2176 مشاهدة
للأعلى للسفل
×