شرح حديث (أَلا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة)

كتابة:
شرح حديث (أَلا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة)


متن حديث (أَلا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة)

روى الإمام مسلم -رحمه الله- في صحيحه أن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- مُضْطَجِعًا في بَيْتِي، كَاشِفًا عن فَخِذَيْهِ، أَوْ سَاقَيْهِ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فأذِنَ له، وَهو علَى تِلكَ الحَالِ، فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ، فأذِنَ له، وَهو كَذلكَ، فَتَحَدَّثَ).[١]

(ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ، فَجَلَسَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-، وَسَوَّى ثِيَابَهُ، قالَ مُحَمَّدٌ: وَلَا أَقُولُ ذلكَ في يَومٍ وَاحِدٍ، فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ، فَلَمَّا خَرَجَ قالَتْ عَائِشَةُ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ له وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ له وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ فَقالَ: أَلَا أَسْتَحِي مِن رَجُلٍ تَسْتَحِي منه المَلَائِكَةُ).[١]

شرح حديث (أَلا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة)

تروي أمّنا عائشة بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- مشهداً حضرته في بيتها أثار تساؤلها، إذ تروي جلوس النبي -صلى الله عليه وسلم- جلسةً يكون فيها مضطجعاً، وشيءٌ من فخذيه أو ساقيه مكشوفٌ، فدخل عليه أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما-، وتحدّثا وهو على هذه الحال.[٢]

ثم استأذن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بالدخول، فصحّح النبي -صلى الله عليه وسلم- جِلسته، وغطّى ما كُشف من فخذيه أو ساقيه قبل أن يدخل عثمان، وهذا ما أثار استغراب أُمّنا عائشة -رضي الله عنها-، فسألته -صلى الله عليه وسلم- بعد خروجهم عن ذلك الحياء من عثمان دون غيره.[٢]

وحينها بَيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- فضيلة عثمان وجلالته عند الملائكة، فهذا الذي دفع النبي -صلى الله عليه وسلم- ليستقبله بطلاقة وجهه الشريف وبشاشته، فاكترث له واحتفل بدخوله، مجيباً عن تساؤل أُمّنا بقوله: (أَلَا أَسْتَحِي مِن رَجُلٍ تَسْتَحِي منه المَلَائِكَةُ).[١][٢]

الأحكام المستنبطة من الحديث

هذا الحديث مما يَحتجّ به من يرى بأنّ الفخذ ليست من العورة، ومنهم المالكية، إلا أنّه لا يصح أن يُحتجّ به كما قال النووي في شرحه، لأنه مشكوك في المكشوف أهو الفخذان أم الساقان، وعليه فلا يكون الحديث حجةً صحيحةً على جوازِ كشفِ الرجلِ فخذهُ.[٣]

ويتبيّن من الحديث جواز تدلُّلِ العالمِ أو الفاضلِ أمام فُضلاءِ أصحابه ومُريديه، كما يَدلّ على استحباب تركِ ذلك التّدلّل أمام الغريب، أو الذي يستحي منه، لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك مع ثلاثةٍ من أصحابه.[٢]

مناقب عثمان بن عفان

يُبيّن الحديث منزلةَ عثمان الرفيعة عند الملائكة الكرام -عليهم السلام-، ومن مناقبه أيضاً -رضي الله عنه- أنّه:[٤]

  • أحد العشرة المبشرين بالجنة.
  • ثالث الخلفاء الراشدين المهديين.
  • لُقّب بذي النورين؛ لأنه تزوّج بنتي النبي -صلى الله عليه وسلم- رقية وأم كلثوم.
  • جهّز نصف جيش العسرة، إذ تبرّع بثلاثمئة بَعِيرٍ مجهّزة، وتبرّع بألف دينارٍ من ماله.
  • فُتحت في أيامه بلاد أرمينية والقوقاز وخراسان وكرمان وسجستان وإفريقية وقبس.
  • أتمّ جمع القرآن الكريم، إذا أحرق ما بأيدي الناس من قراطيس، ونسخ نسخة أبي بكر -رضي الله عنه-.
  • اتخذ داراً للقضاء بعد أن كانت في المسجد في عهد أبي بكر وعمر -رضي الله عنهم-.
  • استُشهد وهو يقرأ القرآن الكريم في بيته بالمدينة.

المراجع

  1. ^ أ ب ت رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2401 ، صحيح.
  2. ^ أ ب ت ث محيي الدين يحيى بن شرف النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، صفحة 168. بتصرّف.
  3. محمد الولوي، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج، صفحة 525. بتصرّف.
  4. خير الدين الزركلي، الأعلام، صفحة 210. بتصرّف.
7401 مشاهدة
للأعلى للسفل
×