شرح حديث (إذا جاءكم من ترضَوْن دينه)

كتابة:
شرح حديث (إذا جاءكم من ترضَوْن دينه)


متن الحديث

عَنْ ‌أَبِي حَاتِمٍ الْمُزَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إذا جاءكُم من ترضونَ دينَهُ وخلُقهُ فأنْكحوهُ، إلا تفعلوا تكن فِتنةٌ في الأرض وفسادٌ. قالوا: يا رسولَ اللهِ! وإن كانَ فيهِ؟ قال: إذا جاءكُم من ترضونَ دينهِ وخُلقهُ فأنْكحوهُ. ثلاث مرات).[١]


تخريج الحديث

ذكر البخاري أن أبا حاتم له صحبة، أما المزّي فقال عن أبي حاتم "عداده في أهل الحجاز، مختلف في صحبته"،[٢] والحديث رواه الترمذي في سننه، وقال في تخريجه: حديث حسن غريب؛ وأنه لم يعرِف لأبي حاتم المزني حديثاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- غير هذا الحديث.[٣]


وقد وافق المناويُّ الترمذيَّ في نقله التحسين عنه، وعدَّه أبو داود في المراسيل، وأما ابن القطان فقد أعله بالإرسال، وضعف راويه، وقد نُقل عن الإمام البخاري -رحمه الله- أنه لم يعدّ هذا الحديث محفوظاً، وحسن الألباني الحديث لغيره في صحيح الترمذي، وأخرجه البيهقي في سننه برقم (13863).[٤]


شرح الحديث

يذكر الحديث الشريف منهجاً واضحاً في قبول المتقدم للزواج أو رده؛ وتحديد ذلك بمعايير لا يمكن التنازل عنها؛ لما فيها من صلاح البيت المسلم واستقراره، ثم يبين الحديث الشريف الآثار الوخيمة التي قد تلحق في المجتمع المسلم، إن هو تخلى عن التقيد بهذا المنهج الرباني القويم، وبيان ذلك على النحو الآتي من خلال عنوانين.


شروط الأهلية

يبين الحديث الشريف صفتين من صفات المتقدم للزواج، وهما:[٥]

  • أن يكون مسلماً، فلا يصح أن تزوج المسلمة لكافر.
  • أن يكون صحيح العقيدة، صالح العمل، وهذا علامة الإيمان؛ لأن الفاسق مستكره تزويجه.
  • أن يكون حسن الخلق؛ لأن سيء الخلق لا يعاشر، ولا يستقيم له بيت.


ومن تتوفر فيه هذه الصفات فهو أهل للزواج، وعلى الزوجة اختيار صفات الزوج بما يوافق الشريعة الإسلامية، ولها أن تضع من الصفات ما تشاء، بما لا يثقل على الزوج، ويشق عليه، ولنا في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأزواجهم أروع الأمثلة، وأقطع الدلالات.


وقد زوّج النبي -صلى الله عليه وسلم- زينب بنت جحش القرشية، من زيد بن حارثة -رضي الله عنهما- خادم النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما زوج فاطمة بنت قيس الفهريّة من أسامة بن زيد بن حارثة -رضي الله عنهما-، وتزوج بلال بأخت عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنهما-، وقد كان عبداً مملوكاً في مكة، اشتراه أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- وأعتقه.[٦]


آثار عدم تزويج من صلح دينه وخلقه

من الجدير بالذكر أن المسلمين إن لم يعملوا بوصية النبي -صلى الله عليه وسلم-، أي أولياء أمور النساء والأوصياء عليهن، فإن الفتنة ستقع في المجتمع، وسينتشر فساد واسع؛ ذلك أن اشتراط تزويج البنات للغني، وصاحب النسب والجاه، قد يبقي أغلب النساء بلا أزواج، وأغلب الرجال بلا زوجات، فتنتشر الفتنة بانتشار الزنا، ذلك أن سبيل قضاء الوطر بالطريق المشروعة قد تعذر، لمن لا مال له ولا نسباً أو جاهاً.[٧]


ومن صور انتشار الفساد في المجتمع، أي الفساد المترتب على عدم التقيد بالمنهج الشرعي في قبول الزوج: العار الذي قد يلحق الأولياء، ما يؤدي إلى قتل البنات تارة، وإلى التيه في الأرض هرباً من العار، ويشار إلى أن جمهور العلماء اشترط في قبول الزوج أربعة أمور هي: الدين والحرية والنسب والمهنة، فلا بد من مراعاة التكافؤ في هذه الأربع، لقبول الزواج.[٧]

المراجع

  1. رواه الترمذي ، في سنن الترمذي، عن أبي حاتم المزني ، الصفحة أو الرقم:1085 ، حسن غريب.
  2. بشار معروف، السيد النوري، محمد المسلمي، وآخرون، المسند المصنف المعلل، صفحة 47. بتصرّف.
  3. محمد الترمذي، سنن الترمذي، صفحة 381. بتصرّف.
  4. محمد الشوكاني، نيل الأوطار، صفحة 153. بتصرّف.
  5. محمد الجوابي، المجتمع والأسرة في الإسلام، صفحة 98. بتصرّف.
  6. محمد الوَلَّوِي، ذخيرة العقبى في شرح المجتبى، صفحة 76. بتصرّف.
  7. ^ أ ب علي القاري ، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، صفحة 2047. بتصرّف.
4086 مشاهدة
للأعلى للسفل
×