شرح حديث (ما من عبد يذنب ذنبًا)

كتابة:
شرح حديث (ما من عبد يذنب ذنبًا)


نص الحديث وتخريجه

عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (ما من عبد يذنب ذنباً، فيحسن الطهور، ثم يقوم فيصلي ركعتين، ثم يستغفر الله، إلا غفر الله له، ثم قرأ هذه الآية: "وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ"). رواه الترمذي،[١] وأبو داود،[٢] وابن ماجة،[٣] وأحمد.[٤]

وللحديث شاهد في صحيحي البخاري ومسلم،[٥]من رواية عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أنه: (دعا بوضوء، فأفرغ على يديه من إنائه، فغسلهما ثلاث مرات، ثم أدخل يمينه في الوضوء، ثم تمضمض واستنشق واستنثر).[٦]

(ثم غسل وجهه ثلاثاً، ويديه إلى المرفقين ثلاثاً، ثم مسح برأسه، ثم غسل كل رجل ثلاثاً، ثم قال: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يتوضأ نحو وضوئي هذا، وقال: من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه، غفر الله له ما تقدم من ذنبه).[٦]

الموضوع الذي يعالجه الحديث

يرشد الحديث المسلم إلى المسارعة في الاستغفار عند الوقوع في الذنب؛ رغبة بعفو الله -سبحانه وتعالى-، كما ويبشر هذا الحديث المسلم التائب بأن الله -سبحانه وتعالى- يقبل توبته إذا توافرت فيها عدة شروط:

  • الشرط الأول: إسباغ الوضوء

وهو أن يتوضأ وضوءً صحيحاً تاماً كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتوضأ، وقد فصل عثمان بن عفان -رضي الله عنه- في حديثه كيفية هذا الوضوء.

  • الشرط الثاني: أن يصلي ركعتين نافلتين يخشع فيهما

فيتفكر في الآيات التي يقرؤها، مع استحضار عظمة الله -تعالى- ووقوفه بين يديه، وهذا المقصود من قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يحدث فيهما نفسه)، فلا يفكر بأمور الدنيا وهو يصلي؛ وأنه لا يسترسل في الخواطر التي لا علاقة لها بالصلاة، فإذا هجمت عليه هذه الخواطر فدفعها فهذا معفو عنه.[٧]

  • الشرط الثالث: الاستغفار

وهو طلب العفو من الله -سبحانه وتعالى- على الذنب الذي وقع فيه.

فوائد الحديث

استدل العلماء بهذا الحديث على مشروعية صلاة التوبة، وهي الركعتان المذكورتان بهذا التفصيل؛ والتي ذكرها حديث أبي بكر وحديث عثمان -رضي الله عنه-، أما الشروط والتفاصيل التي يذكرها بعض الناس في صلاة التوبة؛ مثل تعيين تلاوة بعض السور القرآنية، وتعيين بعض الهيئات، والأحوال والشروط؛ فلا أصل لها.[٨]

شروط التوبة

مما له تعلق مباشر بهذا الحديث ما ذكره العلماء من شروط صحة التوبة؛ التي يرجى لمن حققها أن يقبل الله -سبحانه وتعالى- توبته، وهي:[٩]

  • الإقلاع عن الذنب.
  • الندم على فعله.
  • العزم على عدم العودة إليه.
  • رد الحقوق، إذا ترتب على الذنب كفارة، أو قضاء، أو رد الحق إلى صاحبه، أو المسامحة فيه؛ فلا تصح التوبة إلا بذلك.

المراجع

  1. رواه الترمذي، في السنن، عن أبي بكر الصديق، الصفحة أو الرقم:604، حديث حسن.
  2. رواه أبو داود، في السنن، عن أبي بكر الصديق، الصفحة أو الرقم:1521، حديث حسن.
  3. رواه ابن ماجة، في السنن، عن أبي بكر الصديق، الصفحة أو الرقم:1395، حديث حسن.
  4. رواه أحمد بن حنبل، في المسند، عن أبي بكر الصديق، الصفحة أو الرقم:2، حديث حسن.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم:226، صحيح.
  6. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم:164، صحيح.
  7. النووي، شرح النووي على مسلم، صفحة 108.
  8. محمد أنور شاة الكشميري، العرف الشذي شرح سنن الترمذي، صفحة 384.
  9. إكمال المعلم بفوائد مسلم، القاضي عياض، صفحة 241.
4968 مشاهدة
للأعلى للسفل
×