شرح حديث (من نفس عن مؤمن كربة)

كتابة:
شرح حديث (من نفس عن مؤمن كربة)

نص حديث (من نفس عن مؤمن كربة)

هذا الحديث حديث عظيم؛ لأنه يجمع أنواعاً من علوم الشرع، وقواعده وآدابه؛ ففي هذا الحديث بيانٌ لفضائل كثير من الطاعات: كقضاء حاجات الناس، ونفعِهِم بما يتيسر من أمورٍ كبذل العلم، وبذل المال، ومعاونة المحتاج، والتنويه بمصلحة وأداء النصيحة.[١]

والحديث الشريف رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً: (مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن يَسَّرَ علَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ له به طَرِيقًا إلى الجَنَّةِ).[٢]

شرح الحديث

فيما يأتي بيان لبعض معاني المفردات والتراكيب الواردة في الحديث الشريف:[٣]

  • (كُرَبِ الدُّنْيَا)

هي شدائد الدنيا العظيمة؛ التي تودي بصاحبها في الكربات، ويكون تنفيسها بالتخفيف عنه، علماً بأنَّ التنفيس أقل من تفريج الكربة -الذي يزيل الشِّدة-، فتنفرج وتزول، وتضمحل.

  • (كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ)

تنويه بأنَّ الجزاء من جنس العمل؛ فجزاء تنفيس شدة في الدنيا يكون بتنفيسٍ لشدةٍ أكبرَ في الآخرة، ويُفهم من الحديث: أنَّ جزاء تفريج الشدائد الدنيوية يقتضي التفريج للشدائد الأخروية، والله خير مَن يجازي بالفضل فضلاً.

  • (يَسَّرَ علَى مُعْسِرٍ)

تيسير دائن المال على المُعسر المُستدين للمال في الدنيا، يكون بأحد أمرين: إما بإنظار المعسر إلى حين ميسرة، أو يكون بوضع المال عنه -أو جزء منه- إن كان غارماً لا يستطيع الأداء، وأفضلهم هو الذي يقوم بإعطائه مالاً يزول به إعساره، ومَن فعل ذلك فكأنه تاجَرَ مع الله -تعالى-.

  • (سَهَّلَ اللَّهُ له به طَرِيقًا إلى الجَنَّةِ)

إذا رأى الله -تعالى- من العبد الصالح جديةً في طلب العلم، فسوف يسهِّل له الوصول لما يريد من مفردات العلم الذي يطلبه؛ كما أنَّ طلب العلم طريق يوصل صاحبه إلى الجنة، فهل مِن طالبٍ للعلم فيعينه الله عليه؟ وكثيراً ما يكون طلب العلم سبباً لهداية طالبه لدخول الجنة، إما بسبب حُكم قرأه، أو موعظة سمعها أثناء ذلك الطلب.

بيان ما يرشد إليه الحديث

في هذا الحديث الشريف كثير من الفوائد، ومن أبرزها ما سيأتي بيانه:[٤]

  • الله خير مَن يجازي المحسن على إحسانه.
  • الناس عيال الله؛ وأحب الناس إلى الله أنفعهم لعياله.
  • حث المؤمنون القادرون على تنفيس الكربات عن إخوانهم المحتاجين لذلك.
  • حث الأغنياء على التيسير على المُعسِرين؛ مِمَّن استدانوا منهم: إما بالتأجيل أو المسامحة بالدين.
  • تذكير المؤمنين بأن للقيامة كربات وشدائد، يحرص الموفقون على تيسيرها.
  • ترغيب المسلم في ستر أخيه المسلم؛ الذي لا يُعرَف بالانغماس في الفساد.
  • كل إنسان بحاجة لستر الله -تعالى- عليه في الدنيا والآخرة.
  • الحث على اتخاذ جميع سبل طلب العلم النافع.
  • مَن أراد الجنة فعليه بطلب العلم النافع.
  • تفضيل العالِم التقي على العابد الجهل.

المراجع

  1. النووي ، شرح النووي على مسلم، صفحة 21. بتصرّف.
  2. رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:2699 ، صحيح .
  3. ابن رجب الحنبلي، جامع العلوم والحكم، صفحة 284. بتصرّف.
  4. عبد الكريم الخضير، شرح الأربعين النووية، صفحة 22. بتصرّف.
11524 مشاهدة
للأعلى للسفل
×