شرح حديث ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء

كتابة:
شرح حديث ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء

نصّ حديث (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)

أخرج الإمام الترمذي في سننه، عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-، عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (الرَّاحمونَ يرحمُهُمُ الرَّحمنُ. ارحَموا من في الأرضِ يرحَمْكم من في السَّماءِ، الرَّحمُ شُجْنةٌ منَ الرَّحمنِ فمن وصلَها وصلَهُ اللَّهُ ومن قطعَها قطعَهُ اللَّهُ).[١]

وتاليًا شرح الحديث وبيان مفرداته وأبرز ما يُستفاد منه.

مفردات الحديث

الرَّحِمُ: القرابة التي سببها الولادة.[٢]

شُجنة: الغصنُ المشتبِكُ.[٣]

شرح حديث (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)

  • في هذا الحديث يقول النّبي -صلى الله عليه وسلم-: "الرَّاحمونَ يرحمُهُمُ الرَّحمن"، أي: أنّ الذين يرحمون من في الأرض من إنسان أو حيوان أو أيًا كان مما خلق الله تعالى شفقةً ومواساة؛ فإنّ الله تعالى يرحمهم برحمته التي وَسِعت كل شيء، والجزاء من جنس العمل، فالله تعالى متصف بصفة الرحمة، فهو سبحانه الرحمن الرحيم، ورحمة الله ليست كرحمة المخلوقات؛ فإنه ليس كمثله شيء، ثم يأمر النّبي -صلى الله عليه وسلم- بالرحمة فيقول في الحديث: "ارحَموا من في الأرضِ يرحَمْكم من في السَّماءِ".
  • أي: ارحموا جميع من في الأرض، حتى يرحمكم من في السماء، وهو الرحمن بذاته ويتفضل عليكم بإحسانه، ثم يقول النّبي -صلى الله عليه وسلم-: "الرَّحمُ شُجْنةٌ"، والمراد بها القرابة المشتبكة كاشتباك العروق، والمراد منها أنّها مشتقة من اسم الرحمن؛ فكأنها مشتبكة بمعاني الرحمة اشتباك العروق لكونها ذات أصلٍ واحد، والمعنى من ذلك أنّها أثر من آثار رحمة الرحمن سبحانه، ثم قال: "فمن وصلَها وصلَهُ اللَّه" أي: الرَّحم، فإنّ الله يُوصِل إليه رحمته، ويتفضل عليه بإنعامه وإحسانه، "ومن قطعَها قطعَهُ اللَّهُ" أي: من قطع الرَّحم، قطع الله عنه رحمته وإحسانه.[٤][٥]

فوائد الحديث

في الحديث جملة من المعاني والفوائد المهمة، نذكر منها ما يلي:[٤]

  • بيان أن رحمة الله للعبد مرتبطة برحمة العبد لأخيه.
  • الحثّ على التراحم وأهمية صلة الأرحام.
  • التحذير من قطع الأرحام، وأنّها سبب لقطع الله تعالى رحمته وإحسانه عن العبد.

أحاديث عن سعة رحمة الله تعالى

  • أخرج مسلم في صحيحه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: "جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِئَةَ جُزْءٍ، فأمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ وَأَنْزَلَ في الأرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا، فَمِنْ ذلكَ الجُزْءِ تَتَرَاحَمُ الخَلَائِقُ، حتَّى تَرْفَعَ الدَّابَّةُ حَافِرَهَا عن وَلَدِهَا، خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ".[٦]
  • أخرج البخاري في صحيحه، عن عبد الله بن عبّاس -رضي الله عنه-، عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: "إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الحَسَناتِ والسَّيِّئاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذلكَ، فمَن هَمَّ بحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها، كَتَبَها اللَّهُ له عِنْدَهُ حَسَنَةً كامِلَةً، فإنْ هو هَمَّ بها فَعَمِلَها، كَتَبَها اللَّهُ له عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَناتٍ، إلى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ، إلى أضْعافٍ كَثِيرَةٍ، ومَن هَمَّ بسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها، كَتَبَها اللَّهُ له عِنْدَهُ حَسَنَةً كامِلَةً، فإنْ هو هَمَّ بها فَعَمِلَها، كَتَبَها اللَّهُ له سَيِّئَةً واحِدَةً".[٧]

المراجع

  1. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:1924 ، حديث حسن صحيح.
  2. "معنى الرحم"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 23/12/2021.
  3. "معنى شجنة"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 23/12/2021.
  4. ^ أ ب الموسوعة الحديثية، "شروح الأحاديث"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 23/12/2021. بتصرّف.
  5. الشيخ عبدالله بن محمد البصري (1/4/2009)، "ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 23/12/2021. بتصرّف.
  6. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن ابو هريرة ، الصفحة أو الرقم:2752.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:6491.
6258 مشاهدة
للأعلى للسفل
×