شرح حديث تنكح المرأة لأربع

كتابة:
شرح حديث تنكح المرأة لأربع

شرح حديث تنكح المرأة لأربع

أولى الإسلام الأسرة اهتماماً كبيراً؛ لأنّها اللبنة الأولى في بناء المجتمع الإسلامي الذي يستمدّ تعاليمه من كتاب الله، وسنّة نبيّه -صلّى الله عليه وسلّم-، ومن ذلك الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (تنْكَحُ ‌المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ).[١]

شرح تنكح المرأة لأربع

بيّن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ المرأة تنُكح لأربع؛ أي إنَّ المرأة تُنكح عادةً من الناس لأجلِ أربع خصالٍ هي؛ المال، والحسب، والجمال، والدين، وبيان سبب طلب الناس لهذه الخصال فيما يأتي:[٢]

  • المال؛ فالمرأة صاحبة المال لا تُلزم زوجها عادةً بما لا يُطيق، ولا تُكلفه في الإنفاق ونحوه، بل تكون عوناً له في أموره الماليّة.
  • الحسب؛ وهو ما يعدّه الناس من مفاخر الآباء، وهو مأخوذ من الحساب؛ لأنهم كانوا إذا تفاخروا عدّوا مآثر آبائهم، ومناقبهم ثمّ حسبوها، فيحكم لمن زادت مفاخر آبائه على غيره.
  • الجمال؛ فالإنسان بطبعه يميل إلى الجميل من كلّ شيء، ولا سيّما في المرأة التي تكون رفيقته.
  • الدين؛ فالمرأة ذات الدين مطلب كلّ تقيّ؛ لحصول سعادة الدنيا والآخرة بها.

شرح فاظفر بذات الدين

بيّن -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ الظّفَرَ بذات الدين هو الأولى؛ قال البيضاوي: "إنّ اللائق ‌بذوي ‌المروءات، ‌وأرباب ‌الديانات أن يكون الدين مطمح نظرهم في كل شيء، لا سيما فيما يدوم أمره، ويعظم خطره، فلذا اختاره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بآكد وجه، وأبلغه، فأمر بالظفر الذي هو غاية البغية، ومنتهى الاختيار والطلب الدال على تضمن المطلوب لنعمة عظيمة، وفائدة جليلة".[٣]

شرح تربت يداك

يُقال في لغة العرب ترِب الرجلُ؛ أي صار فقيراً، فكأنّه الْتَصَقَ بالتراب، وليس مقصود النبيّ -عليه الصلاة والسلّام- الدعاء بالافتقار لمن ترك ذات الدين، بل أراد أنْ يحثَّ على الجِدِّ في طلب المرأة الصالحة صاحبة الدين حتى وإن قلَّ جمالها أو مالها،[٤] قال الشيخ زكريا الأنصاري: "ولم ترد العرب بهذه اللفظة معناها الأصليّ من الدعاء، بل إيقاظ المخاطب لذلك المذكور ليعتني به".[٥]

المستفاد من الحديث

استنبط العلماء الكثير من الفوائد من هذا الحديث، ومنها ما يأتي:

  • دلّ الحديث على أنّ ذات الدين هي الأفضل من النساء، وهذا يقال أيضاً في الرجال، فالرجل الأفضل هو صاحب الدين.[٦]
  • إنّ الرجل الشريف النَّسيب يُستحبّ له أنْ يتزوج امرأة حسيبة مثله، لكن لو وجدَ امرأة حسيبة غير ديّنة، وأخرى غير نسيبة لكنها ذات دين؛ فتُقدّم ذات الدين، وهكذا في باقي الخصال.[٧]
  • دلّ الحديث على أنّ الحسب غير المال، ولهذا فصل بينهما النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بالواو.[٨]
  • من خوارم المروءة أنْ ينكح الرجل المرأة لأجل مالها فقط؛ لأنّّ الله -تعالى- جعل الرجل هو المنفق على المرأة لا العكس.[٩]
  • الجمال والحسب من غير دين بليّة على الرجل؛ لأنّ ذلك قد يؤدي لتكبّر الزوجة، وافتخارها عليه.[٩]
  • حثّ الحديث على مصاحبة أهل الدين في كل شيء؛ لأنَّ صاحبهم يستفيد من علمهم، وأخلاقهم، وبركتهم، ويأمن المفسدة من جهتهم.[٥]

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:5090، صحيح.
  2. بدر الدين العيني الحنفي، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، صفحة 86. بتصرّف.
  3. القسطلاني، ارشاد الساري لشرح صحيح البخاري، صفحة 22.
  4. الملا علي القاري، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، صفحة 2043. بتصرّف.
  5. ^ أ ب الشيخ زكريا الأنصاري، فتح العلم بشرح الإعلام بأحاديث الأحكام، صفحة 513.
  6. ابن بطّال، شرح صحيح البخاري لابن بطّال، صفحة 184. بتصرّف.
  7. ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، صفحة 135.
  8. ابن عبد البر، التمهيد، صفحة 167. بتصرّف.
  9. ^ أ ب ابن هبيرة، الإفصاح عن معاني الصحاح، صفحة 276.
6494 مشاهدة
للأعلى للسفل
×