شرح حديث صلة الرحم (من سره أن يبسط له في رزقه)

كتابة:
شرح حديث صلة الرحم (من سره أن يبسط له في رزقه)

شرح حديث صلة الرحم (من سره أن يبسط له في رزقه)

أن الرسول -صلى الله عليه وسلّم- قال: (من سرّه أن يبسط له في رزقه، أو يُنسأ له في أثره، فليصل رحمه)،[١]يَحُثُّ هذا الحديث على صلة الرحم والتواصل مع الأقارب بالإحسان إليهم، وهذا التواصل إن كان خالص النيّة لله -تعالى- ويقصد به المسلم تحقيق رضوانه، فإنّ الله يُكافئه ببسط الرّزق وزيادة موارده، كما أنه سبب لطول العمر وزيادة في وقت الحياة، وذلك على وجه الحقيقة، فالله تعالى خالق الأسباب والمسببات.[٢]

شرح مفردات الحديث

فيما يأتي بيان معاني كلمات الحديث:[٣]

  • (من سرّهُ)

أي فرّحه وأبهج قلبه وأسعده وأعجبه. 

  • (أن يُبْسَطَ له في رزقه)

يزداد رزقه وتتوسع منافذه وموارده ويبارك له فيه.

  • (يُنسأ له في أثره)

يزداد عمره ويتأخر أجله إما بعدد السنين بعلم الله وقدره أو بالبركة في الوقت والحياة والتوفيق في عمل الطاعات بما ينفعه يوم القيامة.

  • (فليصل رحمه)

يعطف على أهله وأقاربه بالإحسان، والعطايا، والمال، والهبات، والصدقات، والزيارات، ويتفقّد مريضهم، ويُغني فقيرهم والمساكين فيهم.

شرح مُشكل الحديث

إنّ الله كتب الآجال والأرزاق قبل أن يولد الإنسان، فكيف يتحدّث هذا الحديث عن زيادة الرزق والأجل، والجواب يكون من عدة أوجه:[٤]

  • الوجه الأول

إنّه في علم الله مكتوب أنّ هذا الكائن سيصل رحمه بفضل وإحسان، لذلك سيُكتب له طول العمر والزيادة في الرزق، أما الآخر الذي لا يصل رحمه فيبقى أجله ورزقه كما هو مقدّرٌ له.

  • الوجه الثاني

إنّ زيادة العمر قد لا تكون بالمدّة الزمنية عددياً بل باستغلال المدة الزمنية فيما ينفع الشخص ويرضي الله؛ أي يطرح الله البركة في العمر وكذلك في الرزق.

فوائد الحديث

من الفوائد المهمة في الحديث:[٥]

  • تحفيز النبي عليه الصلاة والسلام المسلمين على أهمية صلة الأهل والأقارب.
  • صلة الأقارب بالإحسان والعطايا والجود والتفضّل عليهم من مسببات البركة في الرزق، وزيادة كميّته فما نقص مالٌ من صدقة.
  • التواصل مع الأقارب بالصدقات والإحسان إليهم من أسباب الزيادة في العمر والبركة في الوقت.
  • صلة الرحم بالتودد والتناصح والعدل والإنصاف.
  • الإنفاق على الأقارب، وتفقد أحوالهم.

أثر صلة الرحم على الفرد والمجتمع

أمرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بصلة الرحم، ولا بدّ لذلك من أثر سواء على الفرد أو على المجتمع، ومن هذه الآثار:

  • تقوية الروابط بين الأقارب والظهور كوحدة واحدة، وهي القبيلة والعشرية والعوائل الكبيرة.
  • زرع المحبة والتآلف بين الأقارب.
  • تحقيق الاكتفاء الذاتي للعشائر والقبائل والعوائل.
  • تحقيق التضامن والتكافل الاجتماعي، وتخفيف الفوارق الطبقية بين الفقراء والأغنياء.
  • منع الحقد الاجتماعي المتوّلد من الفوارق بين الأغنياء والفقراء.
  • تأمين السعادة الروحية التي تتحقق بين الأهل والأقارب بالمساعدة من عطايا المال والعطف والإحسان.
  • توّلد مجتمع متوازن متكاتف لا شحناء فيه ولا بغضاء.
  • استتباب الأمن والطمأنينة في نطاق الأسرة والعشيرة والقبيلة.
  • قيام الفرد المسلم بالحقوق الواجبة عليه والمستحبة.

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2067، صحيح.
  2. ابن هبيرة، الإفصاح عن معاني الصحاح، صفحة 326-327. بتصرّف.
  3. الجلال السيوطي، التوشيح شرح الجامع الصحيح، صفحة 509. بتصرّف.
  4. يحيى النووي، شرح النووي على مسلم، صفحة 114. بتصرّف.
  5. عبد القادر شيبه، فقه الإسلام شرح بلوغ المرام من جمع أدلة الأحكام، صفحة 180. بتصرّف.
8910 مشاهدة
للأعلى للسفل
×